الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ملاحظات اجتماعية على الحشد الشعبي

محمد لفته محل

2015 / 4 / 15
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


منذ أن ظهرت فتوة المرجع الشيعي العراقي (علي السيستاني) (الجهاد الكفائي) حتى أثارت جدلا اجتماعيا وسياسيا طائفيا، فعامة السنة اعتبروها فتوى ضدهم أول الأمر فأصدروا فتوى مضادة لها، وعامة الشيعة اعتبروها فتوى دفاعا عن مقدساتهم ومذهبهم، وحين تشكلت قوات عسكرية باسم الحشد الشعبي اعتبروه السنة (مليشيات) واعتبروه الشيعة (مقاتلو، قوات) وأبدت الدول الخليجية قلقها من هذه القوات الطائفية ذات القيادة الإيرانية كما يتصورون ورفضت أمريكا مشاركة طيرانها إلا مع القوات الرسمية النظامية في الحرب ضد داعش لنفس السبب، فما حقيقة الحشد الشعبي؟ ولماذا سمي بهذا الاسم الغير دال على معناه؟ أليس من الأولى تسميته (الجيش الشعبي) لأنه قوات شعبية تحمل السلاح وتقاتل على الجبهات بموازاة الجيش النظامي؟ أم رُفضت لكون التسمية ذات أصل بعثي؟ أليست كلمة (حشد) تدل على أي تجمع بشري في مكان ما كأن يكونوا بالباص أو ملعب أو سوق؟ أم هي مستمده من عبارات مذهبية شيعية تطلق في المناسبات الدينية حين يعبر عن أعداد الزائرين (الحشود المليونية) (الحشود الزائرة)؟ والغريب أن التسمية جرى تغييرها بإبقاء الكلمة الأولى وتغيير الثانية (الحشد الوطني)! في حين سمي أول ظهوره (الجيش الرديف) وهي اصح تسمية تم التخلي عنها؟ وهل قوات الحشد قوات طائفية لان اغلبها من الطائفة الشيعية؟ ولماذا أي نقد للحشد يعتبر المحدث سني أو بعثي؟ هذا ما سأحاول الإجابة عنه من منظور نفسي واجتماعي بعيدا عن السياسة تماما.
من الملاحظ أن أفراد هذا الجيش مندفعون بالقتال، يربون ذقنهم على عكس الحلق عند الجيش النظامي، وبعضهم يلبس العمامة مع الزي العسكري، يلفون الشالات والأشرطة الخضراء على جبينهم ذات الدلالة المذهبية، يرفعون أعلام حزبية (حزب الله، عصائب أهل الحق، النجباء، بدر)الخ وأعلام مذهبية عليها صور أئمتهم أو مكتوب عليها شعارات مذهبية (يا زهراء، يا زينب، يا حسين، يا قمر بني هاشم، يالثارات الحسين) وغيرها، وهم يرددون ذات الشعارات المكتوبة أثناء الهجوم (ياعلي، علي وياك، ياحسين) ودائما يصرحون للإعلام أسباب التحاقهم بالجيش الشعبي (تلبية لنداء المرجعية) (دفاعا من مقدساتنا) في غياب تمام لكلمة (وطن، عراق) فهل يعني أنهم غير وطنيون؟ فلماذا إذن يضحون بأرواحهم؟ ومن أين جاء هذا الحماس بالقتال؟ الجواب بتصوري أن هذه الحرب هي حرب مذهبية وليست وطنية وهذا من خلال الملاحظات التي عرضتها أول الأمر، وهذا التصور للحرب المذهبية موجود في تصور طرفي النزاع الحشد وداعش، وإذا أضفنا المشاركة الإيرانية القوية فانه يعطينا مزيدا من الأدلة على الحرب المذهبية، ولا ننسى المشاركة السابقة لبعض هذه الميليشات المنخرطة حاليا بالحشد في الحرب الدائرة بسوريا على أساس التصور المذهبي ذاته كعصائب أهل الحق وحزب الله، بالتالي فالحرب بالعراق هي امتداد وتحصيل حاصل للحرب المذهبية بالمنطقة التي الحشد نتيجتها المنطقية وليس سببها. فهذا الاندفاع والحماس يستمد طاقته من التاريخ السياسي المذهبي بين السنة والشيعة في الصراع على السلطة، وهذا الحقد وهذا الثأر التاريخي المتبادل بينهما هو من يضخ الشراسة والانتقام والقتل بهذه الحرب، فالحشد الشعبي جيش مذهبي ويحمل تصورا مذهبيا للحرب من دون أن يعني انه جيش طائفي، فالمذهب انتماء اجتماعي والطائفية ظاهرة سياسية تستخدم التمييز والتفرقة والإقصاء الاجتماعي والسياسي، ولم يكن في نية المرجع السيستاني أن يكون هكذا مقصد الفتوى، فالفهم الاجتماعي لها مختلف عن معناها الفقهي وهي كما وصفتها في مقال سابق (صحيحة وطنيا وخاطئة اجتماعيا) حيث انخرطت فيها الميليشيات الطائفية التي تغتال وتخطف بعلم الحكومة (في عهد المالكي) وهذا التوجه المذهبي جزء من الحرب المذهبية بالمنطقة العربية وهو أيضا يشمل كل الحركات الجهادية التي ظهرت منذ الاحتلال الأمريكي التي رفعت اسم الإسلام والدولة المذهبية السلفية وكان كثير من قادتها غير عراقيين ولم يكن اسم الوطن والعراق له أي وجود إطلاقا، وكانت تستمد حماسها من التاريخ المذهبي والإسلامي بين الدولة الإسلامية والصليبية، فعيب الجيش الشعبي لا يخصه وحده بل هو جزء من سياق إقليمي ومحلي، غابت فيه فكرة الوطن بسبب الأنظمة السياسية المستبدة التي اختصرت الوطن بقائدها وحزبه. أما الحديث الإعلامي عن طلب المناطق السنية لدخول قوات الحشد فهو بتصوري جاء من يأس العشائر من تزويد الحكومة لها بالأسلحة لمواجهة داعش وهو يخفي رفض العشائر الأخرى القاطع لدخول هذه القوات، فليس هناك أجماع بل انقسام في هذا الطلب، وان القول إن داعش وحدت العراقيين قول إعلامي أيضا مستهلك فعامة الشيعة يعتبرون إن السنة وراء دخول داعش للمحافظات المحتلة وإنهم في النهار مع الجيش وفي الليل ضده! ويعتقد عامة السنة إن داعش في حليف مع إيران والحكومة لتدمير مناطقهم واحتلالها، وان الحكومة هي من تفخخ بيوتهم لمنعهم من العودة! لهذا تسائل كثير من المحللين ماذا بعد داعش؟ وما مصير الحشد هل سيندمج بالقوات النظامية فندخل من جديد لمشكلة الولاء المزدوج الحزبي والوطني؟ ومن المؤسف أن يكون بث الحماس في العراقي إلا على أساس العاطفة المذهبية وليس الوطنية، وأن المذهب وليس الوطن هو من يوحدنا ضد الخطر! إن ضعف الانتماء الوطني عندنا يعود بتصوري للفكر الإسلامي أيضا، فالسنة يحاولون إحياء الخلافة الإسلامية العابرة للحدود الوطنية، والشيعة يحاولون أن يتوحدوا في جميع أنحاء العالم لمواجهة الأغلبية السنية التي لا تعترف بهم وتهمشهم وتقمعهم كونهم الأقلية، لتكوين دولتهم العالمية خارج حدود الوطن التي يحكمها إمامهم.
ربما من الخطأ الحديث بهذا الكلام عن الحشد الذي يخوض في هذه الأثناء أشرس المعارك ضد أبشع عدو همجي بربري وحشي يريد تدمير العراق بالكامل، ومؤازرته ضد هذا العدو واجب وطني وأخلاقي، وأنا شخصيا مؤيد للجيش وللحشد والعشائر، واستثني كل الميليشيات الطائفية تحت أي غطاء سواء كان غطاء الحشد أو غيره، لأنها سرعان ما توجه سلاحها علينا بمجرد الخلاص من داعش، لكن تقييم الحشد لا يؤثر في تأييده بتصوري، فلا يجب أن يمنعنا عن الخروقات التي يرتكبها أفراد من الحشد من نهب وسلب في المناطق السنية حتى ظهر سوق لبيع المنهوبات اسمه (سوق داعش)! يعرفه كل الشيعة والتسمية فيها حيلة تبرر المنهوبات بحجة أن ملكيتها لعناصر داعش! ولو افترضنا جدلا أنها لداعش ألا يجب أن تعود ملكيتها للحكومة؟ ثم من أين جاء بها داعش الم يغتصبها من المواطنين؟ علما أن أصدقاء لي من السنة والشيعة اقروا لي أن هذه السيارات تنهب من مواطنين عند تشكيل السيطرات أو أخذها من بيوت النازحين، وأثناء كتابتي للمقال أصدرت المرجعية بتاريخ الجمعة 2015/3/20 فتوى تمنع فيها حمل الرايات (الخاصة) أي المذهبية والحزبية لعدم إخافة السنة من الانضمام إلى صفوفها وهو تأكيد لكلامي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. سائقة تفقد السيطرة على شاحنة وتتدلى من جسر بعد اصطدام سيارة


.. خطة إسرائيل بشأن -ممر نتساريم- تكشف عن مشروع لإعادة تشكيل غز




.. واشنطن: بدء تسليم المساعدات الإنسانية انطلاقاً من الرصيف الب


.. مراسل الجزيرة: استشهاد فلسطينيين اثنين بقصف إسرائيلي استهدف




.. وسائل إعلام إسرائيلية تناقش إرهاق وإجهاد الجنود وعودة حماس إ