الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الاسلام السياسي والمنطلقات الغير مشروعة1

خالد حسن يوسف

2015 / 4 / 17
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


- إدعاء تمثيل الله

في العادة يحرص رجال الاسلام السياسي على إتخاد إسم الله عنوانا لتنظيماتهم السياسية وينذر اتخادهم لمسميات أخرى انسانية بعد استثناء النادر من ذلك في ظل مرحلة التمكن مؤخرا والتماهي مع اللعبة السياسية, وذلك بعد قبولهم الشكلي بقواعد اللعبة السياسية الديمقراطية.

وعلى غرار المتبع لدى التنظيمات السياسية الغير دينية وذات الطابع المدني والذي لا يعني بالضرورة القطيعة مع الدين, ومن مبررات اتخاد ذلك المسمى, البرنامج الحزبي والذي يرتكز على عنصر الدين الاسلامي وبغض النظر عن إذا ما تم تكريسه بصورة ايجابية أو سلبية, إلى أن ارتكاب هذه الأحزاب مجرد ممارسة محدودة في الإساءة للاسلام والأديان عموما باسم الدين, تسحب منها المصداقية مباشرتا, لاسيما وأن المجال الديني لا يسمح بأم ترتكب تجارب الإساءة والتجاوزات تحت عنوانه خاصة وأن خيار هذه التنظيمات لإتخاد المسمى الديني نابع من رغبتهم وليس بفعل تكليف من قبل المسلمين, والذين ليس في صالحهم أن يتجزأ مسمى دينهم ومضمونه بين فرقهم المتنازعة.

ورغم أن ممارسة الدين الاسلامي على الصعيد العام لا تحتمل أخطاء تجارب الأفراد والجماعات التنظيمية, ونظرا لعدم مثاليتها في تمثيل الله, فذلك الإدعاء يمثل جراءة على الله وفي الإستحواذ على دينه وتسخيره بصورة غير مشروعة يصحبها أدى الناس.

ليس غريبا أن يتخد حزب ما في ظل مجتمع إسلامي وحي برنامجه من الاسلام, وذلك بدافع الانطلاق من التراث الاجتماعي السائد في المجتمع, وأن يراعي بدوره جملة التراث الاجتماعي الانساني القائم والديني الغير إسلامي إذا ما وجد في مجتمع الشراكة مع المسلمين وذلك في ظل المجتمع المتعدد البنى اجتماعيا, وفي ظل هذا السياق يأتي واقع الأحزاب المسيحية في دول غربية, والتي تستقي بعض ادبياتها من الثرات الديني المسيحي وهي بدورها تكرس رؤى حزبية طائفية تقحم على الدين المسيحي المتنازع عليه بدوره, رغم أن غياب تشريعات دينية تكرس اجتماعيا جنبها حدة اشكالية تأويل الجماعات الاسلامية.وفي اتجاه آخر ينطبق ينطبق أمر إنزال الأصول المستحدثة على الدين اليهودي واسقاطها على الجذور الأولى لدى أنبياء اليهودية.

وحينما تتخد الأحزاب مسمى الاسلام, فهي هنا تحتكر الدين من خلال تمييزها لذاتها دينيا,اجتماعيا وسياسيا عن بقية مكونات مجتمعها المسلم, وتحاول هنا أن تلعب دور المرجعية الدينية للمجتمع المسلم وايضا للمجتمع الغير مسلم والشريك في الوطن! وذلك من خلال اقحامه في الشأن الديني الاسلامي.

ومن دلالات ذلك تجارب الدساتير المكرسة في عدد من الدول ذات الغالبية المسلمة سكانيا والتي لا يراعى تراثها الاجتماعي الجامع لكل شركاء الوطن, وفي هذا الاطار جاءت التجارب مع غير المسلمين وفي ظل الأوساط المسلمة ذاتها فكانت التجاذبات على كتابة الدستور المصري,وفي الاتجاه ذاته يأتي القانون الجعفري في العراق,الدستور الفعلي في السعودية والذي لا يراعي تعدد المدارس الفقهية الاسلامية,ادبيات حكم حركة طالبان في أفغانستان وعدم مراعاتها لأدبيات طائفة الهزار الشيعية ولتيار العريض من الطائفة السنية في هذا البلد, وأنتهى القائمين على هذه التجارب المسلمة إلى إدعاء كل منهم في تمثيل الله والصراع لأجل هذا التمثيل.

ولا ينحصر تعدد الأدبيات والبرامج السياسية وهاجس تمثيل الله في اطار ما تقدم, بل أن الاختلاف على مضمون المرجعية الدينية لا يقف عند حد معين وهو من تجليات هذا الصراع, وكما هو واضح من تجارب الإنشقاقات داخل تنظيمات الاسلام السياسي والتي تنتهي عادتا إلى تعدد في مرجعيتها الدينية مع كل حالة إنقسام سياسي جديد داخل التنظيم وهذه الجماعات, وهو ما يتضح في انقسامات هذه البنى السياسية في ظل تجارب مصرية,سودانية,صومالية وأردنية.

فكل هؤلاء وغيرهم رغم حدة صراعاتهم حريصين على إدعاء تمثيل الله والمجتمعات, هي تجارب كهنوتية ولا يستحسن أن تبرر من قبل أصحابها للمجتمعات, الله في خطاب وممارسة الاسلام السياسي يقف حيت يقف التنظيم أو تنتهي إليه تأويلته.

وليست الاشكالية في أن يستعير تنظيم سياسي أدبياته وتشريعاته من الدين الاسلامي, ولكن تكمن الاشكالية في اتخاده ما هو مختلف عليه في التراث الاسلامي وتكريسه كأدبيات ونظم وتشريعات, وأن يعمل على فرضها في أوساط المسلمين وغيرهم, وذلك عبر ضغوط الرؤى, أكان من منطلق القوة أو الإخضاع من خلال استغلال قواعد اللعبة الديمقراطية والتي لا تتحمل تجاوز حقوق بعض المواطنيين لمجرد أن أصواتهم لم توفق في المنافسة الإنتخابية, وتحت مبرر أنهم أصبحوا أقلية إنتخابياً.

فالديمقراطية تقبل نتائج الصندوق, إلى أنها لا تقبل ولا تتحمل العبث بمضمون العقد الاجتماعي للمجتمع والذي عليه استيعاب التعدد الثقافي والسياسي, والذي لا يقوم على تبرير إدعاء تمثيل الله في الأرض كمشرعين, وأن ما يجمع الناس هو ما يتفقون عليه, أكانوا مسلمين أو غيرهم.

وتلك من أكبر المعضلات التي لا يرغب الاسلام السياسي في استيعابها, ومن مبرر الحاكمية والذي ينتهي على المستوى الفعلي إلى حاكمية الرموز من محمد بن عبدالوهاب,أبو الأعلى المودودي,سيد قطب وغيرهم, وذلك هو جوهر الأصوليات الدينية القائمة في اطار أهل الاعتقاد على المستوى الانساني, كيانات الرموز في مقابل وحدانية الله, في حين تتجه عادتا التنظيمات السياسية الغير دينية إلى مسميات إنسانية وذات صلة بالواقع الاجتماعي وتراث إنساني أيديولوجي قابل للاختلاف عليه, رغم إصرار معثنقيه بشموليته للحياة, إلى أنه قابل للنظر والرد بعيدا عن تمثيل الله وأدوات تسخيره كما هو ماثل مع الاسلام السياسي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إطلاق نار وحرق كنيس يهودي في جمهوريتين اتحاديتين بروسيا


.. صور لاستمرار المعارك في محيط الكنيسة بمحج قلعة بداغستان




.. زاوية جديدة للاشتباكات المسلحة في محيط الكنيس اليهودي في داغ


.. مشاهد تظهر استيلاء مسلحين على سيارة شرطة أثناء تنفيذ هجوم عل




.. 119-An-Nisa