الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الوجه الآخر لنيلسون مانديلا

نوال السعداوي
(Nawal El Saadawi)

2015 / 4 / 19
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات



كنت أدرس فى جامعة كولومبيا بمدينة نيويورك عام 1966، وأشارك فى مظاهرات الشعب الأمريكى ضد الحرب فى فيتنام، وأيضا المظاهرات من أجل الإفراج عن المناضل الافريقى نيلسون مانديلا.
تعرفت بعد ذلك على عدد من المناضلين والمناضلات ضد الحكم العنصرى فى جنوب افريقيا وخارجها، كانت المظاهرات الشعبية فى الغرب والشرق لا تكف عن المطالبة بالإفراج عن البطل الافريقى نيلسون مانديلا، لم أشهد مظاهرة واحدة فى مصر، كنا نعيش الغربة عن قارتنا الافريقية منذ حكم السادات ومبارك، حين عادت مصر الى عهد الاستعمار والتبعية حتى ثورتى يناير 2011، و30 يونيو 2013، ونجاحهما فى إسقاط حكم مبارك والاخوان المسلمين، ويستمر الشعب المصرى فى النضال من أجل الاستقلال رغم المؤامرات الخارجية والداخلية لإجهاض الثورة.
نيلسون مانديلا مناضل ثورى عظيم نال تقدير العالم شرقا وغربا، أمضى بالسجن 27 عاماً ثم أطلق سراحه بعد مظاهرات شعبية كبيرة فى معظم البلاد، خرج قويا كما كان، قاد بلاده للتحرر من الحكم العنصرى وأصبح أول رئيس أسود لجنوب افريقيا من 1994 الى 1999. كما أصبح الأمين العام لحركة عدم الانحياز من 1998 الى 1999. وهى حركة هامة كان يمكن أن تقود الشعوب الافريقية والآسيوية الى الاستقلال عن القطبين الأمريكى والسوفيتي، لولا الهزائم التى أضعفت قياداتها الثلاثة: جمال عبدالناصر وتيتو ونهرو. وقد سافرت الى جنوب افريقيا فى مناسبات متعددة، تعرفت فيها على بعض الأدباء والأديبات، بعضهم من الطبقات الوسطى والعليا يؤيدون سياسة نلسون مانديلا الاقتصادية الليبرالية، وسعيه من أجل الوحدة الوطنية والمصالحة أو احتضان العدو بلغة مانديلا حينئذ.
لكن البعض الآخر من الفقراء والشباب السود، اختلفوا مع مانديلا فى السنين الأخيرة، ورأوا أن المصالحة والتسامح لا يعنيان اطلاق سراح الجانى الذى تلوثت يداه بالدم، أو احتضان الأقوياء البيض والتضحية بالسود والفقراء والنساء، رأى بعض الشباب والشابات أن مانديلا فقد ثوريته الأولي، وكان فى شبابه معاديا شرسا للقهر الطبقي، متعاونا مع الاشتراكيين ضد الاستعمار داخل بلده وفى العالم. وفى أوائل الخمسينات من القرن العشرين تأثر مانديلا بأفكار كارل ماركاس وجواهر نهرو، لكنه بعد أن أصبح رئيس الدولة لم يعد يتحدث عن الثورة ضد النظام الطبقي، بل يتحدث عن الفقر بصفة عامة، على غرار كارتر وكلينتون، وأوباما والرؤساء الرأسماليين، أصبح مانديلا يؤمن بالبراجماتية الليبرالية، مما أدى الى تفاقم الفقر والبطالة والمرض فى بلاده، وعادت تقاليد الأبارثايد العنصرية، وبسبب تقدمه فى العمر ضعف مانديلا، وانشغل بالنساء الصغيرات أملا فى العودة الى الشباب، مثل أغلب الرجال العجائز فى ظل النظام الأبوي.
قال لى أحد الأدباء الشباب فى جوهانسبرج أثناء زيارتى لجنوب افريقيا منذ عامين، طفولة مانديلا ونشأته لعبتا دورا فى تشكيل شخصيته، حيث تعرض لعملية الختان حسب العادات الافريقية، وورث المسيحية عن أمه وخضع للتقاليد فى صباه، فى أول يوم بالمدرسة أعطته المعلمة اسما انجليزيا "نيلسون" وكان اسمه الأصلى "روليهلا هلا مادينا" كان يميل للرياضة والرقص والفن، كتب مسرحية عن ابراهام لينكولن، كان يظن أن الاستعماريين البيض يحبون الفقراء السود، ترسخ فى وجدانه الانبهار بتفوق الرجل الأبيض، لكنه فى أول شبابه بدأ يدرك الاستغلال الاستعمارى والقهر العنصري، ثم أدرك القهر الاقتصادى وأصبح مناضلا ثورياً.
وقالت لى احدى الأديبات: كنت أحب نيلسون مانديلا حتى علمت عام 1992 أنه طلق زوجته "ويني" بعد أربعين عاما من زواجهما، منها 27 سنة قضاها فى السجن. ظلت زوجته "ويني" مخلصة له، تقود المظاهرات للافراج عنه ولم تكف عن الحركة حتى أطلق سراحة عام 1990، بعد كل هذا تنكر لها واتهمها بالفساد مع انها مناضلة عظيمة، ثم تزوج للمرة الثالثة وهو فى الثمانين من عمره.
قال الأديب الشاب: هذه تقاليد الرجولة، أغلب الرجال يفخرون بغزو قلوب العذراى. ردت الأديبة الشابة: نيلسون مانديلا ليس رجلا عاديا، أنه مناضل ثورى كان عليه أن يغير التقاليد الخاطئة، وان يتمسك بالمباديء الانسانية فى حياته الخاصة وليس فقط فى حياته العامة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - عن نيسلون مانديلا
نضال الربضي ( 2015 / 4 / 19 - 09:30 )
تحية طيبة للأستاذة الكبيرة نوال السعداوي،

بالنسبة لسياسة مانديلا في احتضان العدو، لا بد و أننا ندرك بواقع التجربة الأليمة في مجتمعاتنا العربية، و في دول إفريقيا التي تنهشها الصراعات القبلية الاقتصادية الدينية مثل رواندا و جمهورية إفريقيا الوسطى كمثالين حاضرين في الذاكرة بقوة شديدة، أن ما قعله مانديلا هو عين الصواب.

الحق و الحقيقة و العدل مفاهيم تتطلب تحقيقا ً واقعيا ً و ممارسات، و هذه الأخيرة لا يمكن إتيانها بمعزل عن العنصر البشري بشقيه المتصارعين و هما هنا: البيض و السود.

فلنتخيل لو استجاب مانديلا لرغبات الشباب الإفريقي و أكمل نضاله الثوري كما أرادوا، عندها كنا سنشهد مذابح فظيعة في دولة جنوب إفريقيا لن ينجو منها لا الأبيض و لا الأسود.

زرت جنوب إفريقيا مرتين، و التقيت البيض و السود، و الغالبية ممن التقيتهم يعتقدون بحكمة مانديلا و سداد سياسته.

أما بالنسبة لمغامراته النسائية فلا أستطيع الحديث عنها لعدم توفر معطيات كافية بين يدي، لكن أي قصة في العالم لها ثلاث وجوه: رأي الشخص، رأي خصمه، و الحقيقة.

أي كان، فلقد كان مانديلا إنسانا ً و لم يكن ملاكا ً، و الأول أجمل من الثاني!

مع مودتي


2 - الوجه الآخر لنيلسون مانديلا
حسام روناسى ( 2015 / 4 / 19 - 12:01 )
تحية طيبة سيدتي
اذا كان مانديلا مناضلا نادرا فهذا بنظر افريقيا عموما حيث واقعها المرير المعروف ولا يزال. أما بنظري ونظر من معي فهو انسان عادي اذا كان قد رسم خطا واحدا فأحرارنا ووطنيونا وأبطالنا ورجالاتنا سواء في لبنان او العراق أو مصر او الجزائر وليبيا قد رسموا خطوطا عديدة في النضال. رجاء اتركوا تمجيد الاخرين وانتبهوا لحال مجتمعاتنا العربية وبطولاتها وبطولات وطنييها وطاب يومكم

حسام روناسى :: كاتب عراقي


3 - للمقارنة يراجع مقال سعيد لكحل مانديلا هو المسلم ال
عبد الله اغونان ( 2015 / 4 / 22 - 01:15 )

يقارن هذا المقال مع مقال سعيد لكحل

نيلسون مانديلا هو المسلم الحقيقي

ففي هذا المقال ينتقد نيلسون مانديلا لأنه تزوج لنزاعات مع زوجته ويني
وفي ذلك المقال اعتبر الكاتب مانديلا هو المسلم راجعوه لتعرفوا وجه المقارنة
وفيه رأيي في الموضوع كتعليق

اخر الافلام

.. تدريب المرأة مهنيا.. أولوية لتمكينها اقتصاديا


.. الأردن.. برامج لتمكين النساء وتوجيههن لدخول سوق العمل




.. الناشطة بالجمعية التونسية من أجل الحقوق والحريات رانيا بن فر


.. حقوقيات تطالبن بتطبيق قانون النفاذ إلى المعلومة في تونس




.. رئيسة الجمعية التونسية للحكومة والمساءلة الاجتماعية هاجر الط