الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رحمة الصوفية (إهداء للعزيزة الكاتبة فاطمة ناعوت)

محمد عبد المنعم عرفة

2015 / 4 / 22
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


قال رسول الله ص:( بينما رجل يمشي بطريق اشتد عليه الحر، فوجد بئرا ًفنزل فيها فشرب، ثم خرج، فإذا كلب يلهث يأكل الثرى من العطش، فقال الرجل: لقد بلغ هذا الكلب من العطش مثل الذي كان بلغ مني، فنزل البئر فملأ خفه ماء، ثم أمسكه بفيه حتى رقي، فسقى الكلب، فشكر الله له، فغفرله، قالوا:يا رسول الله إن لنا في البهائم أجرا ً؟ فقال: في كل كبد رطبة أجر).. وأخبر النبي ص أن الله تعالى غفر لامرأة مومسة مرت بكلب يلهث كاد يقتله العطش، فنزعت خفها، فأوثقته بخمارها، فنزعت له من الماء فغفر لها بذلك

رؤي أحد الصالحين في المنام فقيل له: ما فعل اللّه بك قال: غفر لي ورحمني، وسببه أني مررت بشارع بغداد في مطر شديد فرأيت هرة ترعد من البرد فرحمتها وجعلتها بين أثوابي..

وقال مطرف بن عبدالله: (إن الله ليرحم برحمة العصفور)

يقول ترجمان الصوفية الشيخ عبد الوهاب الشعراني في ( العهود المحمدية ) :
أُخِذَ علينا العهد العام من رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نشفق على جميع خلق الله تعالى من مؤمن وكافر بطريقه الشرعي كل بما يناسبه من الرحمة، لكن لا نبالغ في الرحمة كل المبالغة بحيث نرحم الشاة فلا نذبحها مثلا لأن للرحمة حدا لا تتعداه، وقد سمى الحق تعالى نفسه أرحم الراحمين وأمرنا بذبح الحيوانات فنذبحها مع رقة القلب، ونضرب من شرد عن طريق الاستقامة من رعية وعبد وولد وبهيمة رحمة به على وجه التأديب لا التشفي للنفس، ونكون أرحم به من نفسه وراثة محمدية، وقد تحققنا بذلك ولله الحمد.
فأنا أتأثر على إخواني إذا فاتهم شيء من الخير أكثر مما يتأثر أحدهم إذا فاته ذلك، وأحب لهم أن لا يكون معهم من الدنيا سوى ما يسد جوعتهم ويواري عورتهم، وأكره لهم الزيادة من الدنيا التي تشغلهم عن ربهم وهم لا يكرهون ذلك، وأحب لهم الأمراض التي تكفر عنهم خطاياهم وأفرح لهم بها وهم يغتمون من ذلك وينقبضون له، وأحب لهم أن يصبروا على ظلم الناس لهم، وأذاهم لهم وهم يرضون بالصك والضرب بالنعال، وأكره لهم الانتصار لأنفسهم وهم يحبون ذلك وهكذا، فأنا أشفق عليهم وعلى دينهم من أنفسهم اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم.

وسمعت سيدي عليا الخواص رحمه الله يقول: "من شروط من تخلق بالرحمة على العالم أن يعامل الجماد معاملة الحي، فيمسك كوز الماء مثلا ويضعه برفق وشفقة، خوفا أن يتألم من الوضع".
وكان رضي الله عنه يملأ قعاوي الكلاب ويقول: "إنهم مساكين لا يقدرون يملؤون من البئر إذا عطشوا، ويمنعهم الناس من دخول دورهم ومن الشرب من حيضان دوابهم خوف التنجيس".
وكان يرسل بعض تلامذته إلى المذبح فيأتي بشعث اللحم وبالطحال ونحوهما للقطط كل يوم ويقول: "إن غالب الناس اليوم لا يطعم قطة الدار شيئا، وإنما تخطف كلما قدرت عليه إذا جاعت على رغم أنفه".
وكان يتفقد النمل الذي في شقوق الدار ويضع له الدقيق ولباب الخبز على باب جحره ويقول: "يمنعهم من الانتشار لأجل القوت، فإن النملة إذا جاعت خرجت تطلب رزقها ضرورة، وعرضت نفسها لوقوع حافر أو قدم عليها فتموت أو تنكسر رجلها، فإذا وجدت ما تأكل على باب جحرها استغنت عن الخروج".

قلتُ: "مما وقع لي أن زوجتي فاطمة القصبية أم ولدي عبدالرحمن نزل عليها حادر وأشرفت على الموت وغابت عن إحساسها وصاحت أمها وأهل الدار عليها حين رأوا أمارات الموت فحصل عندي كرب شديد لأجلها من جهة موافقتها للمزاج ودينها وخيرها فإذا بقائل يقول لي: "ادخل مجاز الخلاء تجد ذبابة في شق سحبها ضبع الذباب وهي صائحة يريد أكلها فخلصها ونحن نخلص لك زوجتك"، فدخلت وأصغيت إلى الشق فسمعت صياح الذبابة فوجدت الشق ضيقا لا يسع الأصبع، فأدخلت عودا برفق واستخرجتها وخلصتها من ضبع الذباب، فأفاقت أم عبد الرحمن في الحال، وزغردت أمها، هذا أمر وقع لي".

وقد تقدم في هذه العهود أن سيدي أحمد بن الرفاعي وجد بأم عُبَيْدَةَ كلباً أجرب أبرص أجذم عافته نفوس الناس وأخرجوه من البلد، فمكث الشيخ يخدمه في صحْراء أم عبيدة نحو أربعين يوماً، وعمل عليه مظلة من الحر وصار يدهنه حتى برئ وغسله بالماء الحار، وقال: خفت أن يقول الله لي يوم القيامة: "أما كانت فيك رحمة تشمل كلبا من خلقي".

وهذا العهد قد صار غالب الخلق لا يلتفت إلى العمل به حتى حملة القرآن، بل صار الناس يضربون المثل بحرمانهم القطة من طعامهم، ويقولون: صار فلان وفلان يأكلون من الشيء الفلاني، وأنا واقف أنظر إليهم لا يرمون لي شيئا مثل قطة الفقيه.

فارحم يا أخي الخلق على حسب درجاتهم وتفاوتهم على الوجه الشرعي، والله يتولى هداك. اهـ








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. احتفال الكاتدرائية المرقسية بعيد القيامة المجيد | السبت 4


.. قداس عيد القيامة المجيد بالكاتدرائية المرقسية بالعباسية برئا




.. نبض أوروبا: تساؤلات في ألمانيا بعد مظاهرة للمطالبة بالشريعة


.. البابا تواضروس الثاني : المسيح طلب المغفرة لمن آذوه




.. عظة قداسة البابا تواضروس الثاني في قداس عيد القيامة المجيد ب