الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فتوحات، أم غزوات، أم هجوم حضارات

عاصم منادي إدريسي

2015 / 4 / 24
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


فتوحات أم غزوات أم هجوم حضارات
هل هو الإيمان أم الطمع في السبايا والغنائم
الشائع تاريخيا أن الرعيل الأول من صحابة نبي الإسلام محمد(ص) أطلقوا شرارة الفتوحات الإسلامية بهدف نشر الإسلام وقيمه الحضارية بين النصارى الروم (بلاد الشام) ومجوس فارس (إيران والعراق حاليا). وكان الدافع نحو هذه الرغبة في تصدير الإسلام لهاتين الإمبراطوريتين هو العقيدة والإيمان والجهاد.
لكن العودة لكتب التاريخ بمختلف توجهاتها يكشف عن قصة أخرى تطرح الكثير من التساؤلات. لقد انطلقت هذه الفتوحات في عهد الخليفة الأول أبي بكر الصديق، لكن ما حدث في بداية ولايته وقبل انطلاق "الفتوحات/الغزوات" هو مصدر الإشكال. أقصد هنا ما عرف في تاريخ الإسلام ب"حروب الردة"، وهي المعارك التي خاضتها جيوش أبي بكر ضد القبائل العربية (إلا مكة وثقيف والمدينة) التي كانت قد ارتدت عن الإسلام مباشرة بعد وفاة النبي محمد (ص) وامتنعت عن أداء الزكاة لخليفته،فما كان من هذا الأخير إلا أن أعلنها حربا حتى النهاية قائلا "والله لو منعوني عقالا كانوا يؤدونها لرسول الله ص لجالدتهم عليه". كانت حربا واسعة ضد المرتدين الذين ادعى بعض قادة قبائلهم النبوة رغبة منهم في الزعامة والسيادة كما هو حال مسيلمة الحنيفي وسجاح التميمية والأسود العنسي...
بعد سنتين استتب الأمر لأبي بكر وعاد كل عرب شبه الجزيرة إلى إعلان الولاء والطاعة للخليفة بعدما ذاقوا الويلات والهزائم وكل فنون القتل والترهيب من سيف خالد بن الوليد. لقد كان في بقاء هؤلاء المرتدين في شبه الجزيرة خطرا على استقرار الدولة الفتية وأمانها إذ لا شيئ يمنعهم من الردة عن الإسلام مجددا. وهو ما يعني انشغال السلطة السياسية بمراقبتهم وبتأمين موارد لإعالتهم من أجل القضاء على حياة الغزو التي ألفوها لعقود طويلة جدا.
تنبهت مؤسسة الخلافة إلى تداعيات بقاء هذه القبائل المتفرغة في ضواحي الدولة ومناطقها المحاذية. وكان الحل هو ما نطقت به عبقرية الرجل الثاني في الدولة"عمر بن الخطاب" الذي أشار على الخليفة قائلا." ارم بهم ثغور الشام والعراق". بينما قال آخر "لقد وعدنا الله قصور كسرى وقيصر". وهي العبارات التي نطق بها الخليفة وهو يحث قبائل العرب على النفير مع "المثنى بن حارثة" و "أبي عبيد الثقفي" نحو حدود بلاد فارس.
ما يهمني لم يكن المعلومات التاريخية أو الوقائع والأحداث. بل كان هو التوقف عند موضوع "الفتوحات الإسلامية". لم يكن الفرس يتكلمون باللسان العربي ولا يفهمون شيئا في الدين. ومن الواضح أن نشر الدين كان يتطلب تقريب الناس من تعاليم الإسلام بالموعظة الحسنة والجدال والنقاش والحوار بما يتوافق مع المنهج الذي أمر به الله عز وجل "ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن".
لكن فكرة "نشر الإسلام والرغبة في هداية المشركين الفرس عبدة النار" تبدو مجرد إيديولوجيا للتغطية على رغبة المسلمين في فرض سلطتهم على بقية الأمم والحضارات لا تختلف عن إيديولوجيا الإمبريالية الأوروبية في القرن 19 عندما زعم قادتها أنهم يصدرون قيم الحداثة والتنوير والحرية للشعوب المتوحشة للتغطية على رغبتهم في استغلال خيرات الشعوب الإفريقية والشرق أوسطية.
فالحديث عن مجاهدين مؤمنين تدفعهم عقيدتهم للجهاد في سبيل الله مجرد استبلاد للعقول. فجيش المسلمين كان يتشكل أغلبه ممن ارتدوا عن الإسلام طوعا وأرغموا على االعودة له كرها بحد السيف. وكان أكبر قادتهم من "طلقاء قريش"  الذين عفا عنهم محمد(ص) بعد دخوله مكة كما هو حال أبناء أبي سفيان وبني العاص...وقلة قليلة جدا من قدماء الأنصار والمهاجرين. فكيف يستقيم الحديث مع هؤلاء عن الدافع العقدي والإيمان؟. لقد كان الدافع الحقيقي لهؤلاء هو الغنائم والسبايا من بنات فارس والروم. والروايات التاريخية تكشف عن صدمتهم من حجم الثراء والترف الذي كانت تنعم به الحضارتان الكبيرتان أنذاك واستباحتهم للمدن والقرى. وخير مثال على ذلك ما يروى من أن "عجوزا فارسية باغتها بعض الجند المسلمين واستاقوا بقرتها وبعض بهائمها فاستوقفتهم قائلة لقائدهم: من تكونون يا جماعة. فرد القائد بما مؤداه أنهم قوم هداهم الله للإسلام وجاؤوا ليهدوا غيرهم من الناس. فقالت له ما مضمونه أنه ما كان يجب أن يرسل الله لصوصا ليبلغوا رسالته. لكان أفضل لو أنه اختار غيرهم".
لم يكن الإبمان والتدين الدافعين الحقيقيين للغزو الإسلامي الذي انطلقت شرارته مع الصديق وعمر وتوسع كثيرا في المرحلتين الأموية والعباسية لحد إخضاع الإمبراطوريتين العظيمتين في القرن السابع الميلادي. ربما لعب دور العامل المساعد. أما المحرك الرئيسي فكان ماديا بامتياز. طرفه الأول الغنائم والأسلاب، أما الثاني فهو الجواري والغلمان والخدم. لحد أن أصبح امتلاك عدد كبير من الجواري والعبيد من أسرى وسبايا الحروب مصدر فخر للمسلمين.
الحقيقة أن ما حصل كان تطبيقا لقوانين التاريخ والحضارات البشرية. فكل حضارة تتفوق وتتقوى تميل إلى تصدير سلطتها وبسط نفوذها على البقية تحت عدة إيديولوجيات ومبررات قد تختلف عناوينها باختلاف المراحل. لكن ما يجمع بينها هو كونها مجرد غطاء يخفي الرغبة في السيادة والسيطرة. وقد مرت دورة السيادة الإسلامية في العصور الأموية والعباسية والموحدية والمرابكية والأندلسية والعثمانية....وجربت البشرية استبدادهم وجورهم وظلمهم في استيفاء الضرائب والجزية والخراج والزكاة...ثم تهاوت قوتهم فاندحروا ليفتحوا المجال لقوى صاعدة تمارس الاستبداد والظلم نفسه تحت مسميات أخرى.
عاصم منادي إدريسي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - فكر يا متيقن
بولس اسحق ( 2015 / 4 / 24 - 22:13 )
صحيح البخارى كتب:
أتى النبي صلى الله عليه وسلم رجل مقنع بالحديد ، فقال : يا رسول الله ، أقاتل وأسلم ؟ قال : (أسلم ثم قاتل) . فأسلم ثم قاتل فقتل ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (عمل قليلا وأجر كثيرا)
فكر الآن يا متيقن ألم يكن هدف هذا -الرجل المقنع بالحديد- المرتزق - الإسترزاق بالإنضمام لجيش محمد أم أنه كان يهدف إلى نصرة الإسلام فكر ولو هذه المرة فقط فكر و أضمن لك أن لا يصيبك أى مكروه فكر على أى شئ نطلق لفظ زعيم عصابة إذا كنا لن نطلقه على زعيم من يحاربوا فقط لمجرد الإرتزاق فكر...تحياتي.


2 - المرجو الارتباط بالموضوع
عاصم منادي إدريسي ( 2015 / 4 / 25 - 12:20 )
لم تذكر المصدر الذيأخذت منه واقعة الرجل المقنع التي لم نسمع بها في أهم مصادر كتب السيرة النبوية. ثانيا.تقدمتلك الواقعة كدليل على استعداد الرجل لنصرة الإسلام. علما أنه لم يسلم بعد.
ولا أعرف كيف يستقيم الحديث عن دفاع شخص عن راية دين لم يعرف عنه أي شيئ بعد.والواقعة تشهد بأنه لقاؤه الأول مع صاحب الدين.
موضوعي يتحدث بالضبط عن الحروب التي وقعت بعد وفاة النبي محمد ص.وليس أثناء حياته. وهو الأمر الذي سقت عليه وقائعا وأحداثا تاريخية بمصادرها.
مع شكري


3 - فتوحات ام غزوات ام هجوم حضارات
MUSLIM AZIZ ( 2015 / 4 / 26 - 01:10 )
وخير مثال على ذلك ما يروى من أن -عجوزا فارسية باغتها بعض الجند المسلمين واستاقوا بقرتها وبعض بهائمها فاستوقفتهم قائلة لقائدهم: من تكونون يا جماعة. فرد القائد بما مؤداه أنهم قوم هداهم الله للإسلام وجاؤوا ليهدوا غيرهم من الناس. فقالت له ما مضمونه أنه ما كان يجب أن يرسل الله لصوصا ليبلغوا رسالته. لكان أفضل لو أنه اختار غيرهم-.

يبدو ان صاحبنا كاتب المقال شيعي الهوى -هذا ما لاحظته من خلال مقاله-وهو غاضب على الخلفاء الراشيدن ابي بكر وعمر...........وكأن مخابرات الدولة الاسلامية فكروا جيدا في كيفية ابعاد المرتدين عن الجزيرة ورميهم الى فارس والروم
عزيزي الكاتب قصتك هذه عن العجوز الفارسية هي من كتاب (حكايا جدتي) فللتاريخ رجاله الذين يفحصون ويتفحصون الروايات........ولكن يبدو ان كل من يطلب الشهرة فعليه الخوض في طعن الاسلام وفي زعمائه الاوائل الصحابة الاخيار


4 - مجرد رد
عاصم منادي إدريسي ( 2015 / 4 / 26 - 23:35 )
معذرة .لست أخوض في مواقف ومعتقدات أحد. وليست تهمني أصلا. لو قرأت موضوعي جيدا ستجدني أستعرض الكثير من الأحداث التاريخية التي لن تجدها في حكايات جدتك بكل تأكيد.بل في كل مصادر التاريخ الإسلامي التي يأخذ عنها السنة والشيعة معا. لا يعجبني مطلقا هذا الفكر الطائفي البغيض الذي كلما عجز عن فهم موصوع أو استيعاب قضية ما عاد للطائفية ليتهم غيره بالعمالة والتخوين. عموما لك حق مناقشة الموضوع بالطريقة التي تشاء.وعندما أجدك تناقش وتحاجج عقلانيا سيكون لوسعنا النقاش. وفي انتظار أنتخرج من طائفيتك المقيتة لك تحياتي

اخر الافلام

.. عبد الجليل الشرنوبي: كلما ارتقيت درجة في سلم الإخوان، اكتشفت


.. 81-Ali-Imran




.. 82-Ali-Imran


.. 83-Ali-Imran




.. 85-Ali-Imran