الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كيف تصنع الطائفية في العراق ؟

جاسم عبدالله الصالح

2015 / 4 / 24
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


يتسائل كثيرون ، متى ستحل عقدة العراق ، متى سيعيش العراقيون كأقرانهم في الدول الأخرى ؟
قلناها منذ زمن وها نحن نعيدها مجددا ، لن يرتاح العراق مالم تحل أزمة الثقة بين الشركاء من السياسيين الذي لا يجيدون لعبة السياسة ، أزمات العراق عديدة ، لا تعد ولا تحصى ، تنافس على المصالح وسباق في الولاءات الخارجية ، و الإخلاص للمذهب والعقيدة بعيدا عن الوطنية وهو الأشد خطورة
تطرقنا لموضوع في غاية الأهمية إبان الانتخابات التي توالت فيما مضى ، لن تلد القوائم الطائفية حكومة وطنية ، والمخاض مهما عسر وطال ستتم الولادة لكن بنقص وعوق
تمت الولادة المشوهة ، فالقوائم الانتخابية التي انقسمت لثلاثة رئيسية أعدت على أساس طائفي مذهبي بحت وهي بذلك قسمت أبناء الشعب الواحد كل وفق مذهبه وقوميته ، اجبر المواطن على أن يختار القائمة التي تضم سياسيين من طائفته وان كان غير مؤمن بهم أو واثقا بما سيقدمون ، اجبر على أن يمثل نفسه دون قناعة ، فهل يصوت مواطن شيعي لقائمة تضم مرشحين سنّة ؟ أم ينتخب مواطن كردي لمرشحين عرب ويترك القائمة الكردية !!
معادلة أعدها ساسة العراق لان نتيجتها كانت واضحة ، تعددت الأحزاب الدينية التي تضم أجنحة عسكرية ، والجناح العسكري هنا مجاميع تحمل السلاح دون صفة رسمية ، تسمى نحويا بالميليشيات لكن في العراق لهذه الكلمة معنى آخر ، حين تذكر ميليشيات فان الجميع يعتقد بأنها طائفة معينة في حين أن هذه المسمى يطبق على كل مجموعة تحمل السلاح بلا تخويل رسمي أو صفة حكومية كالميليشيات الشيوعية في أوروبا والتي حاربت إلى جانب القوات الحكومية في الحقبة الماضية ،
الجهل السياسي وربط الدين والمذهب بالشؤون الوطنية دفع الكثير إلى التخبط فكريا ، مزقت السياسة في العراق اللحمة الوطنية التي عرف بها العراقيون بعد أن تفرق الصف السياسي وبدأ يعمل وفق أجندات إقليمية وفئوية لأهداف غير معروفة حتى بعد مرور أكثر من 12 عاما على الإطاحة بنظام صدام حسين الذي كان يعتبر نظاما ديكتاتوريا
رضي العراقيون بالديمقراطية المستوردة والتي كان ثمنها باهظا للغاية ، صواريخ ومقاتلات ، انفجارات واغتيالات ، نهب وسلب وتدمير للإرث الحضاري وأمور كثيرة خسرها العراق يصعب ذكرها واختصارها في سطور لان لكل منها موضوع بحد ذاته
تبدلت وجوه وتغيرت سياسات والمشهد العراقي يمضي من سيء لأسوأ وهنا اتسائل كباقي العراقيين إلى متى ؟ أمن المعقول أن لا يكون هناك من يستطيع أن يوحد العراقيين ؟ ، ألا يوجد قيادي يتمتع بحنكة وحكمة تنقذ العراق من المستنقع الذي هو فيه منذ حين ؟ ، ألا نستطيع نحن كعراقيين أن نتكاتف لمواجهة العاصفة ؟
كلا لا نستطيع ، لابد لنا أن نعترف بالهزيمة ، كيف لنا أن نتكاتف ونحن كل يعمل لمذهبه ، لقوميته ، لحزبه أو حتى لعشيرته ، لم يعد هناك من يفكر بشيء اسمه العراق ، العراق اليوم ثلاثة كيانات منفصلة فكريا وروحيا ، متصلة جغرافيا ، ثلاثة كيانات كل يفكر في نفسه ، كيانان يطالبان بالانفصال سرا أو جهرا ، لم تعد بغداد مدينة السلام كما هي ، سحقها من يدعون الولاء إليها
كل حزب يمتلك قوة عسكرية ، تهدد وتعتقل وتصرح إعلاميا دون خوف أو خجل ، كل كيان يمتلك وسيلة إعلامية تمجد و تشهر بحسب المزاج حتى أساءت إلينا أمام الأمم والشعوب ، أقليات تباد وأغلبية تصمت على الظلم والطغيان خشية التصفية
مواطن يطالب بتأشيرة دخول إلى مدينته وأجنبي يحمل السلاح ويتحرك دون حساب أو عقاب ، أجواء مخترقة وحدود متجاوز عليها ، قوات أجنبية تقاتل ومقاتلون من أبناء الوطن يحرمون من الدعم لعدم الوثوق بهم ، أي مهزلة هذه ؟ !
أزمة ثقة وصراع من اجل السلطة ، برلمان منتخب يعجز عن التشريع ويكتفي بالمراقبة والتقييد ضد مجهول ، نواب لا يكترثون لما يحل بأهلهم من مآسي و معاناة ومن يصحو من غيبوبته لينادي بحقوقهم تتم تصفيته في ليلة قاتمة ، لكن الأيام تمضى ونهاية الشهر مكتب الحسابات في مجلس النواب يكتظ بالنواب القابضين لمرتباتهم التي تتجاوز الثلاثين ألف دولار شهريا عدا المخصصات الأخرى ، رئيس الجمهورية ونوابه ، رئيس البرلمان ونوابه ، رئيس الوزراء ونوابه لا دور لهم ولا ذكر ، إلا المؤتمرات الصحافية المهمة والتي تصدر فيها التصريحات التي لا تأوي ولا تسد رمق النازحين ،
فساد في كل وزارة وهيئة ومؤسسة وصلت إلى عامل النظافة الذي يرفض رفع النفايات إلا ببقشيش ، هشاشة في القرار الحكومي وشك في الولاء للوطن ، تعيينات بالواسطة ومناصب لا يشغلها إلا من ينتمي لحزب ، تدمير للبني التحتية وصفقات وعقود وهمية بالمليارات ،
كل هذه مخلفات المرشحين الغير كفوئين والقوائم الطائفية المشبوهة ، ماذا لو ضمت القائمة الواحدة أفرادا مرشحين كفوئين من مذاهب وقوميات مختلفة ، كان من الأجدر لمفوضية الانتخابات أن تشترط على القائمة الواحدة من التي تروم الترشح أن تضم مرشحين من مختلف المذاهب ليقرر المواطن حينها الاختيار بحسب الكفاءة وليس المذهب أو الطائفية ، فبدل أن تكون القوائم شيعية وسنية وكردية كما حدث في أكثر من انتخابات سابقة ، تكون قوائم تحمل شعارات وطنية تتضمن القائمة الواحدة المرشح السني والشيعي والكردي من أصحاب الكفاءات ممن يستطيعون بناء العراق وحماية أبنائه ممن يقدمون الولاء لوطنهم لا لمذاهبهم وقومياتهم وأحزابهم ، الصراعات المذهبية لن تنتهي في العراق بل أنها بدأت تمتد لدول أخرى ، لا ندعو للانسلاخ عن المذهب لكن العراق يضم أديانا ومذاهب أخرى ودع دينك ومذهبك وقوميتك على جانب من دورك الوطني فكما نقول دائما : الدين لله والوطن للجميع .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إليكم مواعيد القداسات في أسبوع الآلام للمسيحيين الذين يتّبعو


.. مكتب الإحصاء المركزي الإسرائيلي: عدد اليهود في العالم اليوم




.. أسامة بن لادن.. 13 عاما على مقتله


.. حديث السوشال | من بينها المسجد النبوي.. سيول شديدة تضرب مناط




.. 102-Al-Baqarah