الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
التديّن .. هذا العالم الجميل !
محمد ابداح
2015 / 4 / 27العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
التدين.. هذا العالم الجميل!
إن الله سبحانه قد خلق الكون بكل ما فيه وفق إرادته المطلقة، خلق الشيء ونقيضه معه، خلق الخير والشر، النور والظلام، الحب والكره، الظلم والعدل، الجنة والنار، ومن ذلك أنه سبحانه خلق البشر مختلفين بكل شيئ تقريباً ( وَلَوۡ-;- شَآءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلاَ يَزَالُونَ مُخۡ-;-تَلِفِينَ ) ، لذا وإن تشابه البشر ظاهرياً، إلا أن الله لا يريد لهم أن يكونوا ملة أو أمة واحدة ، فكان لابد أن يضع لهم أسباب الإختلاف الفكري والسلوكي، وزرع تلك الأسباب في فطرتهم، لكي يقع التنافس فيما بينهم ، لذا فالشرط الوحيد لدخول الجنة هو الإيمان بالله وحده ، وهو ما يدعى بالدين ، وهذا الدين هو المنهج الإلهي، للحياة بسعادة في الدنيا والآخرة ، فدرجات الناس في السعادة في الدنيا ودرجاتهم في الجنة من الداخل يزداد فيها المرء وينقص وفقاً لتقيده بهذا الدين الذي يؤمن به.
وفي هذا تحدث المنافسة والتفاضل ، بالأفعال وليس بالأقوال فقط ، وسوف ينبّئنا الله بهذا الخلاف يوم القيامة، فالمعيارهنا هو في اتباع المنهج الذي رسمه الله لعباده وأبلغهم إياه من خلال رسله وأنبياءه، ، فاليهود والمسيحيون والمسلمون وكل هو مسؤول في النهاية عن اختياره للمنهج الذي يراه مناسباً له وخصوصاً بعد إقامة الحجة عليه من قبل الأنبياء .
خلق الله الإنسان للعبادة وعمارة الأرض (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) ، وباستثناء الله الواحد الأحد الصمد ، فإنه لايمكن تصور هذا الكون بلا ثنائيات ،( وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) ، فالثنائيات سنة الكون ، كالليل والنهار، والموت والحياة ، والجنة والنار، وتتميز تلك الثنائيات بأنها متناقضة ، فلا يمكن أن يأتي الليل دون أن تغيب الشمس ، وكذلك الأمر بالنسبة للخير والشر ، فلا يمكن تمييز الخير دون وجود الشر، ولو خلق الله الناس جميعهم أخياراً لما كان ثمة فائدة من خلق النار والعقاب والحساب ، فالعقل البشري الطبيعي والسليم، لديه من المميزات الإدراكية الفطرية والمكتسبة ، ما يؤهله لتجنب الشر، وبالتالي تجنب النار والفوز بالجنة ، ولذا كان لابد من خلق الشر وأدواته التي تساعد في نشره بين الناس ، وقد تمثل الشر لدى الديانات الوثنية القديمة بالكائنات والأرواح الشريرة، بينما تبدل مفهوم الشر وبات أكثر وضوحاً ودقة لدى الديانات السماوية ، حيث تجسد الشر في شخصية الشيطان ذو القدرات الخراقة على إحداث السوء ، كما وفسرت كافة الظواهر الطبيعية الكارثية ، كالزلازل والراكين والأعاصير وغيرها وفق الأديان الوثنية ،باعتبارها غضب من الألهة المتعددة على ضجيج الناس ، بينما هي نتيجة غضب الله عل ىالناس نتيجة كثرة ذنوبهم ومعاصيهم ، وعدم عبادتهم لله ( وَمَنۡ-;- أَعۡ-;-رَضَ عَن ذِكۡ-;-رِى فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحۡ-;-شُرُهُ يَوۡ-;-مَ الۡ-;-قِيَامَةِ أَعۡ-;-مَى) ، وبأن سر الحياة الصالحة هي أعمال الخير( مَنۡ-;- عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوۡ-;- أُنثَى وَهُوَ مُؤۡ-;-مِنٌ فَلَنُحۡ-;-يِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجۡ-;-زِيَنَّهُمۡ-;- أَجۡ-;-رَهُم بِأَحۡ-;-سَنِ مَا كَانُوا۟-;- يَعۡ-;-مَلُونَ )، وهذا الكلام أيضا لكل البشر المؤمنين بوحدانية الله( قُلۡ-;-نَا ٱ-;-هۡ-;-بِطُوا۟-;- مِنۡ-;-هَا جَمِيعـاً فَإِمَّا يَأۡ-;-تِيَنَّكُم مِّنِّى هُدًى فَمَن تَبِعَ هُدَاىَ فَـَلا خَوۡ-;-فٌ عَلَيۡ-;-هِمۡ-;- وَلَا هُمۡ-;- يَحۡ-;-زَنُونَ) ، ولهذا كتب الله أن ميراث الأرض كلها سيكون لعباده الصالحين ، فقال تعالى في سورة الأنبياء ( وَلَقَدۡ-;- كَتَبۡ-;-نَا فِى الزَّبُورِ مِن بَعۡ-;-دِ الذِّكۡ-;-رِ أَنَّ الۡ-;-أَرۡ-;-ضَ يَرِثُهَا عِبَادِىَ الصَّالِحُونَ) والصالحون هنا قولاً وفعلاً( وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمۡ-;- وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسۡ-;-تَخۡ-;-لِفَنَّهُم فِى الۡ-;-أَرۡ-;-ضِ كَمَا اسۡ-;-تَخۡ-;-لَفَ الَّذِينَ مِن قَبۡ-;-لِهِمۡ-;- وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمۡ-;- دِينَهُمُ الَّذِى ارۡ-;-تَضَى لَهُمۡ-;- وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعۡ-;-دِ خَوۡ-;-فِهِمۡ-;- أَمۡ-;-نًا يَعۡ-;-بُدُونَنِى َلا يُشۡ-;-رِكُونَ بِى شَيۡ-;-ئًا وَمَن كَفَرَ بَعۡ-;-دَ ذَٰ-;-لِكَ فَأُوۡ-;-لَـٰ-;-ٓ-;-ئِكَ هُمُ الۡ-;-فَاسِقُونَ)، وكما تقدم الذكر ففي الحقيقة قد لايكون المسلم مسلماً في سلوكه وفكره، وكذلك الأمر بالنسبة إلى المسيحي واليهودي ( إِذۡ-;- قَالَ اللّهُ يَاعِيسَىٰ-;- إِنِّى مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَىَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا۟-;- وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوۡ-;-قَ الَّذِينَ كَفَرُوا۟-;- إِلَى يَوۡ-;-مِ الۡ-;-قِيَامَةِ ثُمَّ إِلَىَّ مَرۡ-;-جِعُكُمۡ-;- فَأَحۡ-;-كُمُ بَيۡ-;-نَكُمۡ-;- فِيمَا كُنتُمۡ-;- فِيهِ تَخۡ-;-تَلِفُونَ) ، أي أن هناك من سيكفر به ، وسيجعل الذين يتبعوا سيدنا عيسى فوق الذين كفروا إلى يوم القيامة، كما أنه سيوجد من يتبع النبي عيسى بن مريم إلى يوم القيامة ، وسيجعلهم الله فوق الذين كفروا، فالمسيحيون في يومنا هذا، ممن يعبدون الله على منهج التوحيد والذي دعى إليه النبي عيسى بن مريم عليه السلام ، جعلهم الله فوق الذين كفروا ، وجعلهم أسياد على العالم.
ولكن الأمر قد لايبدو بهذه البساطة ، ولايتفترض به أن يكون ، لأن الحكمة الإلهية من الخلق اقتضت وجود الثنائيات المتناقضة في كل شيء ، باستثناء حقيقة وجود الله الواحد الصمد، لذا كان لابد من خلق عنصري توازن هامين في معادلة الصراع بين الخير والشر ، الأول الفطرة البشرية والقابلة للتعامل مع الشر ، بل والتسليم به كوسيلة لتحقيق هدف ما في مرحلة ما، والأمر الثاني هو خلق الشيطان وقدرته الهائلة على إقصاء العقل البشري ، وحتى ذلك المحصّن بالإيمان، وإحداث الضرر النفسي والمادي ، والتلاعب بعقول البشر، من أجل خلق الفتن والحروب بينهم، ومن الواقع العملي فإنه يبدو جلياً أن الجزء الخاص بالشر والموجود غريزياً في الفطرة البشرية ، فضلاً عن كيد إبليس قد نجحا في تأدية مهامّهم على أكمل وجه، وسواء في الحروب البشرية ما قبل التاريخ، أو بعد التاريخ ، فإن كافة أتباع المعتقدات والديانات المختلفة والمتعددة ، يدّعون الصواب والثواب والجنة لأنفسهم ، ويكفرّون ويخطئوّن الآخرين ( وَقَالُوا۟-;- لَن يَدْخُلَ ٱ-;-لْجَنَّةَ إِلَّا مَن كَانَ هُودًا أَوْ نَصَٰ-;-رَىٰ-;- ۗ-;- تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ ۗ-;- قُلْ هَاتُوا۟-;- بُرْهَٰ-;-نَكُمْ إِن كُنتُمْ صَٰ-;-دِقِينَ بَلَىٰ-;- مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُۥ-;- لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌۭ-;- فَلَهُۥ-;-ٓ-;- أَجْرُهُۥ-;- عِندَ رَبِّهِۦ-;- وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ) ، تلك كانت الصفقة بين الله وقوى الشر والتي خلقها بنفسه سبحانه وتعالى ، وكيفما أراد الله كان، ولكي يكون لكل شيء في الكون حكمة.
محمد ابداح
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. 107-Al-araf
.. 117-Al-araf
.. #شاهد يهود كنديون يقتحمون مبنى البرلمان ويردّدون شعارات مندّ
.. 100-Al-araf
.. 100-Al-araf