الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إلى كارهي العلمانية: دعكم منها وعليكم بالمعاصرة

حسن الصفدي

2015 / 4 / 30
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


منذ تم قطع سعي شعبنا الديمقراطي بأول انقلاب، عمّ استخدام المفردات في غير معانيها. بدأ ذلك منذ الهزيمة المدوية في فلسطين - لثمانية جيوش - ولم يقبل أحد لا من الحكومات ولا من الجيوش ولا من الأحزاب وبالتالي المجتمعات العربية الاعتراف بالهزيمة والالتفات إلى تحليل الأسباب الكامنة وراء تلك الهزيمة العيانية لمعالجتها، بل كانت الهرولة الجماعية، بدعم من إرثنا في التفكير والتعامل مع الأحداث، إلى المشجب الجاهز للإعلان عن مؤامرة كبرى حيكت لنا - على الرغم من قوتنا الموهومة - فكانت النكبة!!!... وما عتمت بعد عقدين أن لحقت بها النكسة. من يومها صار التحويل بين المفردات سمة شائعة، ناهيك عن إعتام المصطلحات والمفاهيم. وسأكتفي بمثال واحد لتوضيح الفكرة: المناداة ومن ثم تشريع تطبيق الإصلاح الزراعي على أنه من مقومات الثورة الاشتراكية. فتصور أن يكون الإصلاح الزراعي - أي تفتيت ملكية الأراضي الزراعية - الذي سبق أن نصحت به الولايات المتحدة شاه إيران، أيام بدء المناداة بفكرة تأميم المنشآت النفطية، عملاً ثورياً.

أعود لأقول لكارهي العلمانية: دعكم منها وعليكم بتناول المعاصرة بالقدح والذم، فهي التي كانت الهدف منذ البدء، إذ أن العَلمانية ما كانت تعني في أي فترة تاريخية الإلحاد ولا نقض الدين ولا محاربته، بدليل: كون المجالس الملّية المعنية بالاهتمام بشؤون الجماعة في الأسقفيات المسيحية تضم رجال دين - رجال كهنوت يرتدون زيهم التقليدي - ورجالاً عاديين يجري اختيارهم من أبناء الطائفة يرتدون ملابس حديثة، لذلك أسموا {العَلمانيين}. وإذا فالعلماني، الذي ليس برجل دين، يمكن، أن يكون في خدمة أغراض الدين، الإنسانية طبعاً. وعليه فالعلمانيون منهم المؤمنون ومنهم غير المؤمنين. بالمناسبة: مفردة "الإلحاد" الملتبسة لا تعني نقيض الإيمان، وهذا موضوع آخر...

فيما بعد، في الدولة العصرية عمد مفكرون معاصرون من العَلمانيين وغير العلمانيين إلى التأكيد على أن لا يتحكم الدين بمؤسسات الدولة، ولا أن تتدخل الدولة بشؤون الدين، فما بال جماعاتنا الكارهة للعلمانية مع دولتين، تسميان إسلاميتين، يحكم كلاً منهما مذهب واحد بعينه، هل تصح دعوتهما إسلاميتين، وفق المفهوم الذي ينادون من خلاله؟؟

كما يعني هذا أن من حق أي دولة تُعلن نفسها إسلامية أن تختار لدولتها مذهباً بعينه! فأين نحن من الدين كله؟ الأمر الذي أربكني وأربك المقال أن المعاصرة جعلتني أنسى مسألة الدين الصحيح الذي ستعمد إلى فرضه الفرقة الناجية حين تحوز السلطة بالانتخاب أو بالسيف لا فرق...

يبقى أن النسبة العظمى - نسبتنا الانتخابية - من الوسائل والأدوات والتجهيزات والآلات التي ستستخدمها فرقتنا الناجية للإمساك بالسلطة وإدارة مؤسسات الدولة من إنتاج دول معاصرة تركت الدين لأهله - المجتمع - وترانا ندعو عليها بالتشتت والهلاك كل أسبوع. فمن أين لنا، إذا ما حدث ذلك، بالأقمار والخليوي والأنترنت فقط لاغير.......








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. 106-Al-Baqarah


.. 107-Al-Baqarah




.. خدمة جناز السيد المسيح من القدس الى لبنان


.. اليهود في ألمانيا ناصروا غزة والإسلاميون أساؤوا لها | #حديث_




.. تستهدف زراعة مليون فدان قمح تعرف على مبادرة أزرع للهيئة ال