الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من مآثر المفكر - يوسف صديق-

هيثم بن محمد شطورو

2015 / 5 / 2
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


القرآن حديث بمعنى الحداثة المعاصرة و بمعنى كل حداثة. هكذا تحدث المفكر يوسف صديق.
كان الاستاذ المفكر مثيرا لعدة نقاط هامة هي بالضرورة تـشغل المتـفكر في الإسلام و الحداثة. قال المفكر يوسف صديق أن التيار السلفي و الإسلام الشعبوي اقـتصر على النصف الثاني من حديث رسول الله محمد صلى الله عليه و سلم و المتمثـل في " اعمل لدنياك كأنك تعيش أبدا و اعمل لاخرتك كأنك تموت غدا".. قال إننا مطالبون بإحياء النصف الأول من الحديث الذي يحتـفي بالحياة و العمل فيها و لها و بها بلا حدود أو نهاية.
تحدث الأستاذ المحاضر عن الحدود في الإسلام و أبدى استهزاءه من الكلمة أو الشعار المعروف بـ" إقامة حدود الله". قال أن الحد لا يعني شيئا في التـفكير الرياضي و لا يمكن أن يكون الله غافلا عن المنطق الرياضي. نتحدث عن وجود ما قبل الحد و ما بعده أما الحد في ذاته فلا وجود له إطلاقا. من خلال هذا الوصف تـنـتـفي كل قـدسية لما يسمى بحدود الله.
فما هو سلبي أي من حد في العقوبة هو الأقصى الذي يفترض اللجوء إلى الأخف و الحد هنا هو بمفهوم ترك الباب مفتوحا في التـقـليل من شدة العقوبات. فالسارق الذي كان يطرد من القبـيلة أو يقـتـل في الجاهلية جعل له القرآن حد قـطع اليد كأقصى درجة للعـقوبة و التي تـفتح الباب أمام التخفيف منها و لنا حكم عمر بن الخطاب الذي امتـنع عن ممارسة أي عـقاب على السارق سنة القحط و لنا أن نتخيل قاطفا لثمرة من شجرة لغيره على سبيل الـتـذوق أو الأكل فهل من المعقول أن تـقطع يده مثـل سارق مجوهرات أو غيرها من محل معين خطط لدخوله؟ على كل لم تكن توجد سجون في الجزيرة العربية كي لا يكون الحد مثلا خمس سنوات سجـن تـفتح الباب للأقـل منها مدة حسب الملابسات و النية.. من ناحية أخرى فان كل المجتمعات البشرية كانت تعتمد العقوبات المسلطة على جسد الجاني و منها قطع اليد و الجلد و الصلب و الرجم إلى أن جاءت نظريات علم الاجتماع و الفلسفات و فقه القانون الحديث الذي اتـفق على استبدال منطق الانـتـقام من الجاني إلى الانـتـقام من الجريمة فاقـتصرت العقوبات على الحرمان من الحرية..
و القصاص من القاتـل بالقـتـل كحد أقصى و لكنه طرح الدية كتعويض و ناشد العفو. بشكل عام فان القرآن ينتهج فيما هو سلبي تحديد الحد الأقصى مع ترك الباب مفتوحا أمام التـدني في درجات القصاص أو الانـتـقام لان الرحمة هي من أكثر صفات الله تـنصيصا في القرآن الكريم. أما فيما هو ايجابي فان الحـد المقصود هو الأدنى و ضرب الأستاذ يوسف الصديق مثـل الميراث. ففي الجاهلية لم تكن المرأة ترث و القرآن جعل للذكر مثـل حظ الأنـثـيـيـن كحد أدنى بمعنى انه لا يمنع مساواة المرأة مع الرجل في الميراث على أساس العـدالة و الرحمة و ضرب مثـل رجل غني و أخته فـقيرة فما المانع أن يتساوى تـقاسمهما للميراث مناصفة.
تحـدث الأستاذ كذالك عن إشكالية القـداسة و التـقـديـس و ذكر أن الإسلام ينعـدم فيه التـقـديس و منطق التـقـديس بشكل مطلق لان علاقة الإنسان بالله مباشرة و عمودية و دون أية وساطات، و قد مثـل ذلك ثورة معرفية هائلة على بقية الثـقافات و الأديان. بالتالي يحرم في الإسلام تـقـديس شيخ أو داعية أو ولي و بالتالي يكون محرما تحريم انتـقاد أي من هؤلاء و اعتباره معصوما عن الخطأ. من جهة أخرى فان تحريم الأصنام كان لما كان يتجه الإنسان إلى روحنـتها و تـقـديسها و عبادتها أما فيما يتعلق بمجرد الإعجاب بمنحوتة فنية فذاك لا يشكل أي محرم بل يساهم في تحسين الذائقة الفنية عند الإنسان و في ذلك ارتقاء بما هو إنساني..
تحدث يوسف صديق عن إشكالية التأويل للقرآن و القرآن يقول أن الله وحده يعلم تأويله أما الإنساني فالراسخون في العلم لا يقـدرون على تأويله. يستـنـتج في ذالك الفتح الامتـناهي للتـفسير و إعادة القراءة و البسط المنفـتح للمفاهيم و الأحكام بصفة دائمة و مستمرة و متطورة و متجاوزة دوما من خلال النص القرآني. بهذا المفهوم فالقرآن صالح لكل زمان و مكان بانفـتاحه على كل جـديد أما الانغلاق في تأويله فهو قـتـل للمجتمع و للإسلام و هو مناطحة ساذجة للاه الذي وحده يعلم تأويله. يحيل الكلام هنا إلى سذاجة و غباء الاحتكارية التاويلية للسلفية الإسلامية و مخاطرها في قـتـل القرآن و الإسلام و المجتمعات التي تدين بالإسلام في الوقت الذي ترفع فيه شعار " الإسلام هو الحل "....
لقد أثار المفكر يوسف صديق العديد من النقاط التي لا يمكن حصرها في مقال و لكن من الممكن تلمس نزعة جديدة في التـفكر العربي أراد تبليغها و هي الرغبة في إعادة قراءة القرآن و صناعة آليات جديدة لهذه القراءة و قد استـشهد في ذالك بالمنام الذي زار إبراهيم و الذي رأى فيه نفسه يذبح ابنه إسماعيل فإذ الله يخاطبه شبه مؤنب على تصديقه للمنام بحرفيته و أوضح له أن المقصود هو استبدال القربان الإنساني بالقربان الحيواني و هو الذي كان متداولا في عصر إبراهيم. إعادة القراءة تـتوجب العبور من الصورة الظاهرة و اللفظ إلى ما ورائه من معاني هي في كل الحالات لا تخرج عن الرحمة و العدالة الالاهية الامتـناهية و التي لا تعرف حدودا...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك يزور كنيسا يهوديا في لندن


.. -الجنة المفقودة-.. مصري يستكشف دولة ربما تسمع عنها أول مرة




.. وجوه تقارب بين تنظيم الاخوان المسلمين والتنظيم الماسوني يطرح


.. الدوحة.. انعقاد الاجتماع الأممي الثالث للمبعوثين الخاصين الم




.. الهيئة القبطية الإنجيلية تنظم قافلة طبية لفحص واكتشاف أمراض