الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ملاحظات حول العلاقة بين الدين والعلم

خالد خليل

2015 / 5 / 4
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع



اعتقد ان المقابلة بين العلم والدين تنطوي على بعض القصور اذا ما تم اعتبارهما نقيضين بشكل جارف، لان لهذا وذاك سمات قد تتقاطع احيانا وقد تتناقض احيانا اخرى.
ليس بالضرورة ان تعني انسنة الدين وعقلنته خلع الربانية عنه، وليس بالضرورة ان تعني أسطرته خلع الانسانية والعقلنة عنه، وكذلك فان تعدد الأديان والملل لا ينزع عن المعطى الديني صفة الكونية لانه بالأساس مشترك انساني. المشكلة الرئيسية تكمن بالتحيز الايديولوجي الذي يضع العراقيل امام اتصال وتواصل الديني مع الكوني او الروحي مع العقلي على اساس القيم الانسانية والمعرفة المشتركة التي تدعو اليها كل الأديان السماوية والأرضية في مرحلة الفطرة او في تعريفها الفلسفي المحض، اي قبل الاستخدام السياسي الايديولوجي لها.
لا شك ان الأسس والمبادئ العامة للأديان متشابهة ومتداخلة الى حد كبير رغم اختلاف التفاصيل المتعلقة بالتشريعات. حيث ان مسائل العبادة وعمل الخير والتسامح والتعاون الى اخر القائمة كلها مشتركة وهي ما يميز الجانب الاخلاقي في كل الأديان.  
الصراعات الدينية ليست حول المبادئ والأصول بقدر ما هي تفصيلية ومتعلقة بالفهم الذاتي الذي عادة ما تستخدمة مجموعات المصالح الدينية السياسية والاجتماعية والاقتصادية لتحوله الى ثقافة وأيديولوجيا غالبا ما يكون هدفها توظيف الدين من اجل مصالحها في الدوائر
المذكورة.
ان واحدة من السمات الجوهرية للدين السياسي (اي دين) هي تأكيده على انه هو الاستثناء غير الخاضع لنقد الاخرين ، بل يرفض المساواة معهم ويصنف نفسه فوق الجميع . فالأديان عموما ومثلها الملل والمذاهب داخل كل دين محدودة الانفتاح على الاخر ان لم تكن تعمل على الغائه او اقصائه.
وهي أيضاً محدودة الانفتاح على العلم ليس لخلل في المبادئ الاصلية للدين وإنما بسبب الاستخدام الايديولوجي المصلحي له بالأساس. 
ورغم ذلك هناك امكانية للمصالحة والعقلنة والانسنة للأديان وبالتالي ايجاد صيغ تفاعلية للتلاقي بين الدين والعلم . وباعتقادي الحالة التوافقية تقترب ليس فقط كلما ابتعد الدين عن التسييس والادلجة، وانما كذلك كلما ابتعد العلم عن التسييس والادلجة، فهما بلا شك يطالان العلم مثلما يطالان الدين. 
التعامل مع الدين ينبغي ان يتجاوز التمترس في النص نحو التركيز على الجوهر واعمال العقل على قاعدة "قل ربي زدني علما" ، كما ان التطور العلمي يتجاوز الشواهد الامبيرقية والتجارب المحسوسة فقط الى التخيل، الذي اعتبره أينشتاين اهم من المعرفة في كثير من الاحيان.
مشاكل العالم وتحديات الطبيعة لا يمكن ان تحل بتعميق إشكالية العلاقة بين الدين والعلم او من خلال الإصرار الفظ على تازيمها، وانما هناك حاجة ماسة لإعادة النظر في تلك المقاربات الجامدة التي وقع فيها الجميع والتي قادت في الغالب الى التزمت الذي عادة ما يكون نقيضا لمفهوم التطور. فالعلم والدين منظومات تفكيرية وكلاهما جزء من البراديغما الكلية للمجتمع الانساني الذي هو جزء من الطبيعة ، وهذه الباراديغما او المنظومة التفكيرية الشاملة عناصرها لا تنتفي او تنفي بعضها البعض حتى مع وجود تناقضات ، بل تتمدد وتتسع باستمرار مثلما تفعل الطبيعة. وهذا التمدد ليس مجرد مراكمة كمية للخبرات والمعرفة بقدر ما هو جزء من عملية التطور التفاعلية التي لا تسير فقط على قاعدة 1+1=2 وانما احيانا تساوي شيئا جديدا وفقا لعملية التفاعل، تماهيا مع التفاعلات الفيزيائية والكيميائية في الطبيعة. على هذا الاساس ودون الإغراق في الاطلاق الفلسفي او المعرفي فان الفهم للتناقضات على اساس الوحدة اكثر دقة وعلمية من النفي المطلق. 
لذلك فان اعتبار الركائز التي يقوم عليها العلم الحديث تختلف تماما، بل تتناقض، مع تلك التي يقوم عليها أي دين وبالتالي تنفي ركائزه ، هو ضرب من التعصب المعرفي شبيه بالتعصب الديني. 
    ان منظومة العلم غير المؤدلج قادرة على التطور والتنامي والتكيف في مختلف الامور الانسانية والطبيعة ، وكذلك فان هذه القدرة كامنة في الدين غير المؤدلج وغير الملتصق بالنص فقط.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قادة الجناح السياسي في حماس يميلون للتسويات لضمان بقائهم في 


.. دعوات أميركية للجوء إلى -الحرس الوطني- للتصدي للاحتجاجات الط




.. صحة غزة: استشهاد 51 فلسطينيا وإصابة 75 خلال 24 ساعة


.. مظاهرات في العاصمة اليمنية صنعاء تضامناً مع الفلسطينيين في غ




.. 5 شهداء بينهم طفلان بقصف إسرائيلي استهدف منزلا في الحي السعو