الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سر مع التيار

ماريا خليفة

2015 / 5 / 4
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


نسعى دائماً للعمل بإنتاجيّة ونجاح أكبر، فنحاول السيطرة على مجالات عدّة في حياتنا. ولكنّ بعض المجالات تفلت من سيطرتنا. وسلوكنا في هذه المواقف التي لا يمكن السيطرة عليها بالذات، يحدّد نجاحنا. فيمكننا أن نكبت مشاعرنا، أو نشعر بالغضب، أو الإحباط أو التوتّر، أو بكلّ بساطة، أن نسير مع التيار.
من أقوال الفيلسوف الصيني لاو تزو الشهيرة: "الحياة سلسة تغيّرات طبيعية وعفوية. لا تقاومها – فهذا لا يسبّب إلّا الأسى. دع الواقع يحدث. ودع الأمور تتطوّر كما يحلو لها".
فلنتخيّل معاً أنّه طُلب منك أن تستقبل ديرك وتقلّه من المطار، وكنت تنتظر طريق العودة إلى العمل بفارغ الصبر لتطرح عليه بعض الأفكار. ارتديت ملابسك الأنيقة المناسبة للحدث، وحضّرت أفكارك ونظّمتها في ذهنك بالتسلسل. وإذ بك تتفاجأ بحادث سير مروّع على الطريق المؤدّي إلى المطار. وليس لديك أيّ وسيلة لتخبر مديرك بما حدث. بدأت تفكّر أنّك ستبدو تافهاً أمامه حين تصل متأخّراً. وشعرت بالغضب الذي سيثور في داخله. وبدأت أفكار سلبية وموتّرة حول سوء هذا الموقف تتزاحم في عقلك.
ماذا لو قرّرت أن تسير مع التيار؟ تدرك أنّك ستحظى بوقت أطول، فتستغلّ هذا الوقت لتتأكّد من أنّ الأفكار التي تريد مناقشتها مختصرة ومفيدة. فتتذكّر أنّك تحمل رقم هاتفه (أو رقم هاتف مساعده الخاص) إذاً تستطيع إعلامه عن الحادث. وتجد إذاعة راديو تنقل حركة السير مباشرةً، فترسلها له أو لمساعده الخاص.
كيف سرت مع التيار؟ ركّزت على نفسك. حصرت خوفك وحبسته في داخلك. ركّزت على الأمور المهمّة في محيطك والموقف الذي فُرض عليك وتعاملت معه بشكل يفيدك بدل أن تدعه يوتّرك.
سيكون تصرّفك حكيماً إذا أدركت أنّك غير قادر على بسط سيطرتك على كلّ شيء في حياتك وأنّ الأمور التي تخرج عن سيطرتك قد تحدث. يمكنك أن تلقي نظرةً على الأحداث التي أفلتت من سيطرتك على مرّ سنين ماضية وتلاحظ أنّك تفوّقت عليها بنجاح. فسيسلّحك ذلك بشجاعة كبيرة تساعدك على التغلّب عليها من جديد بنجاح.
إن أدركت ما تفكّر به، فستشعر بارتياح وراحة أكبر حين تحتاج إلى السير مع التيار. لذا حافظ على كامل وعيك واعلم ما تفكّر به دائماً.
تعلّم كيف تأخذ نفساً عميقاً وتبتسم، فسيساعدك ذلك على تبديد التوتّر حين تفقد السيطرة على زمام الأمور، ويمنحك الوقت لتستعيد أنفاسك وتستجمع قواك وتتصرّف بنضج.
تقبّل التغيير. التغيير هو الأمر الوحيد الذي يمكن الاعتماد عليه في الحياة. التغيير سيحدث دائماً، فيجب أن تعتاد عليه، وتحبّه، وتتلذّذ به وترحّب به. واعلم أنّ كلّ الأمور، مهما كانت جيّدة، يمكن تحسينها وتطويرها باستمرار.
تمرّن ثمّ تمرّن. لم تكن بارعاً في المشي في صغرك منذ سنين عدّة، ولكنّ بالتمرين، أصبحت تجيد التوازن والسير. ينطبق الأمر ذاته على السير مع التيار. إذا أنّ أسلوب عملك سيكون التطوّر والمضي قدماً، إذاً توقّع أن تتعثّر في خطواتك الأولى قبل أن تبدأ بالتحسّن. ابقَ ثابتاً في الطريق نفسه وستتحسّن مع الوقت وكثرة الممارسة والتكرار.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الإمارات وروسيا.. تجارة في غفلة من الغرب؟ | المسائية


.. جندي إسرائيلي سابق: نتعمد قتل الأطفال وجيشنا يستهتر بحياة ال




.. قراءة عسكرية.. كتائب القسام توثق إطلاق صواريخ من جنوب لبنان


.. عضو الكونغرس الأمريكي جمال باومان يدين اعتداءات الشرطة على ا




.. أزمة دبلوماسية متصاعدة بين برلين وموسكو بسبب مجموعة هاكرز رو