الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كم منكم يخاف نار جهنم؟

حسام روناسى

2015 / 5 / 6
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


كم منكم يخاف نار جهنم !!
في زحمة الضوضاء التي عمت الصف الرابع اعدادي، صاح المدرس بلطف مبالغ فيه لحبه أولاده، أرجوكم يا طلابي الاعزاء، قليلاً من الهدوء. لقد تماديتم في المزاح والصراخ بينكم، أرجوكم كفوا عن ذلك قليلاً، صحيح أن الجرس سيدق بعد أقل من خمس دقائق، ولكني أرجوكم الهدوء قليلاً .. أرجوكم. في هذه الاثناء رفع رياض يده وقال لاستاذه: استاذ، لقد اختفى قلمي. تعجب الاستاذ وقال له: أي قلم؟ قال رياض: استاذ، قلمي الذي كنت أكتب به، كان هنا قبل قليل ولم أجده. انتبه الاستاذ الى زميله كريم الذي يجلس بجانب رياض، وقال له: هل القلم عندك يا كريم؟ هيا اخرجه بسرعة، فأنا رأيتك. ارتبك كريم وأخرج القلم بسرعة، طبعاً كان ذلك جزء من ذكاء المدرس حربي، ثم أضاف كريم قائلاً: صدقني يا أستاذ كنت أحاول المزاح مع رياض فقط.
وهنا انبرى رياض بعد أن استعاد قلمه وقال: هل تعلم أن السارق سوف يدخله اله النار .. سوف تصلى في نار جهنم يا كريم. لأنك سارق وسارق مع سبق الاصرار.
بكى كريم، وحاول تبرير موقفه، ورياض ينظر اليه وهو يشعر بالفخر لأنه انتصر على زميله، لأن زميله كريم سوف يدخل جهنم، حينها ربما يكون رياض في الجنة ينظر اليه، شعر رياض بالفخر لأنه شعر بالنشوة أنه ربما يفكر أن يصفح عن زميله ويتقبل اعتذاراته حتى ينقذه من نار جهنم.
ولكن الاستاذ بعد أن تابع أحداث المشهد المأساوي الذي دار بين رياض وكريم، سارع الى التدخل لتصليح الموقف. نعم أيها القراء الاعزاء، لتصليح الموقف.
قال الاستاذ حربي يرحمه الهً: لينتبه إلي الجميع، الهدوء رجاء، وفعلاً ساد الصمت سريعاً الصف، وتوجهت الانظار صوب مدرسنا ومعلمنا الاستاذ حربي، الذي كنا نحبه كثيراً، فهو كان مثل صديقنا وليس فقط استاذنا. قال: سمعتم الان ما دار بين زميليكم كريم ورياض. قلنا نعم، قال:
لقد وجه رياض لزميله كريم تهمة السرقة، وهذا أمر قد وقع، سواء أكان كريم قد أخذ القلم بنية السرقة أم أخذه بنية المزاح. لكن، وهنا سؤالي أوجهه لكم: كم منكم يؤمن بنار جهنم، كم منكم يخاف نار جهنم؟ بكل تأكيد رفعنا أيدينا كلنا نحن التلاميذ، تلاميذ المرحلة الاعدادية، وقلنا بصوت عال، نحن كلنا نؤمن بنار جهنم وكلنا نخافها يا أستاذ.
رد الاستاذ حربي علينا قائلاً: سوف أسألكم سؤالاً، لو كنت أنت يا رياض أباً، وفي يوم عاد ابنك الى البيت بعد رفقة مع زملائه، وشعرت بل وتأكدت أنه احتسى مشروباً حرمه الاسلام. فماذا تظن عقوبته أن تكون؟ نظر رياض الى الحاضرين في الصف، ثم نظر الى استاذه نظرة مترددة حائرة، لكنه حسم الموقف وقال: طبعاً يا أستاذ سوف يدخل النار. ألم يحرم ذلك اله في كتابه، القرآن الكريم؟
قال له الاستاذ حربي: هل أنت متأكد أنه سوف يدخل النار لج رد احتسائه رشفة من خمر، ربما كانت بسبب طيش مراهقين وقلة تجاربهم في الحياة، أنتم مثلاً. ألا يستحسن النصح له والكلام معه حتى وإن كرر ذلك بعض المرات؟ أم العقوبة بالنار هي الاسرع بدون منازع؟
سوف أسألك سؤالاً آخر يا رياض، لو أوكل لك أن تقوم بمعاقبة ابنك، وجهز لك تنوراً متوقداً، فكم ستكون نسبة استعدادك أن ترمي ابنك في التنور؟ ضحك الحاضرين مثلما ضحك رياض، الذي قال: استاذ، كيف يمكنني أن أرمي ابني في التنور؟ هل أنت قادر على ذلك؟ هل أنت قادر أن ترى بنفسك ابنك وهو يشتعل ناراً لأجل معاقبته؟ ابتسم حربي وقال: والان أنت الذي أجاب بنفسه على سؤاله؟ كيف تظن أن كريم زميلك الذي كان يمزح معك، وربما لم يكن يمزح، لأنه لو لم يكن يمزح، فلأنه ربما طمع بقلمك في لحظة ضعف، كيف تظن أنه سوف يلقى في النار بسبب قلم؟
هل يمكن أن تتصور حجم العذاب الهائل الذي يصيب اصبعك أو أصبع أي مخلوق، على سبيل المثال، لو تعرض الى لسعة نار ولو للحظة؟ فكيف يمكن أن تتصور حجم العذاب الذي ستولده تلك النار لأعظم مخلوق على وجه ليس الارض، إنما على وجه الأكوان والعوالم كلها التي خلقها اله سبحانه تعالى؟
يا أولادي، خيركم من كان طيب القلب بصدق وشفافية، خيركم من كان أميناً ليس خائناً طيلة حياته، خيركم من كان مسامحاً ورؤوفاً بالآخرين، يساعد الفقير ويعطي للمسكين ويعفو عن الضعيف، ولا تنسوا ان الانسان لا يمكن أن يعيش طيلة حياته معصوماً عن الخطأ، ولكن لا تنسوا أيضاً أن الانسان غير المعصوم عن الخطأ، هناك من يكون معه حتى يسامحه ويعفو عنه، حينها سوف لن تكون هناك مصائب أو مشاكل أو تداعيات سلبية بين الناس.
لا تخافوا العقاب ما دمتم لا ترتكبون الخطيئة، لا تخافوا العقاب، ما دامت ضمائركم مرتاحة جداً جداً، تلك هي نصيحتي لكم. حبوا بعضكم البعض، فمن يحب بعضه البعض، لا يجب أن يخاف العقاب، أي عقاب.
حسام روناسى
[email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الفقيه المثالي لايزين معاصي ولايقنط من رحمة الله
عبد الله اغونان ( 2015 / 5 / 6 - 21:46 )

هذا الأستاذ وقع في التغليط
و كأنه يستهين بالسرقة فمن استهان بسرقة قلم قد يسرق بحثا وينسبه لنفسه بل قد
يسرق بنكا ويقتل فهل من يسرق لايستحق العقاب
في الدين يعاقب السارق ويمكنه أن يتوب ويعترف ويرد الحقوق الى أهلها لكن اذ وصل
الأمر الى الوالي الشرعي حق العقاب قطع يده ومن قطعت يده فقد نال جزاءه في الدنيا
لواحتسى مسلم الخمر يمكن أن يتطور ذلك الى جرائم كثيرة يرتكبها السكارى لذلك
وضع الاسلام حد الجلد للمخمر فان تاب تاب الله عليه
وقد حدث أن ابنا لعمر ابن الخطاب شرب الخمر فجلده جلدا والمؤمن لاتاخذه في حكم الله
رأفة ولاشفقة
لو كانت الجرائم في الدنيا تحل بالحب فهذا عالم خيالي ولما احتجنا الى شرطة ومحاكم
وسجون وعقوبات
لاتخافوا العقاب مادمتم لاترتكبون الخطيئة !!! مامعنى الخطيئة ؟ هل السرقة والقتل
والزنا وخيانة الدين والوطن؟ تستحق الحب ولاتستحق العقوبة في الدنيا والاخرة
؟؟ كيف يكون القاتل ومدمن الخمر مرتاح الضمير؟
كلام الكاتب يخفي عقيدة افعل ماشئت ولاتخف عقابا وهذا لايؤمن به حتى العلمانيون
واللا دينيون الملحدون
جهنم موجودة في الدنيا في شكل الحرائق والبراكين ونار جهنم اشد حرا لو كنتم تعلمون


2 - كم منكم يخاف نار جهنم
حسام روناسي ( 2015 / 5 / 7 - 10:22 )
الأخ عبدالله شكرا جزيلا على توضيحاتكم وليكن في معلوماتكم أن الكاتب رجل تجاوز الخمسين عاما ويعبد ربه عبادة قل نظيرها ولكن حب المنطق واستخدام العقل ضرورة لكل مؤمن وطاب يومكم
حسام روناسي


3 - وما دخل العمر والعبادة؟
عبد الله اغونان ( 2015 / 5 / 7 - 23:06 )
وهل تظنني شاب غر؟ ربما أنا أكثر منك سنا
ياسيدي لم نسألك عن عبادتك فذلك تقدير علام الغيوب
نحن نتكلم عن مقالتك هذه
وماورد فيها يدل على اعتقاد رقيق
الدين في الاعتقاد لايكون بالمنطق والعقل والا لكان الفلاسفة هم الأنبياء والرسل
هدانا والله واياك وحبب الينا الايمان وزينه في قلوبنا وكره الينا الكفر والفسوق والعصيان وجعلنا من الراشدين


4 - تعليق
ايدن حسين ( 2015 / 5 / 13 - 10:47 )

جهنم موجودة اذا تهاونت بها .. و هي غير موجودة اذا خفت منها .. و عملت بموجب ذلك
جهنم اساسا للزجر و الردع عن الاخطاء الجسيمة كالقتل مثلا
اذا لم ينفع فكرة جهنم مع بعض الناس .. اذن لن ينفع معهم اي شيء اخر بعد
من يقترف السيئات و الذنوب العظيمة .. معرض للدخول في النار
لكن هل ذلك سيتحقق فعلا ام لا .. هذا تابع لمشيئة الله
و احترامي
..


5 - كم منكم يخاف نار جهنم
حسام روناسى ( 2015 / 5 / 13 - 14:02 )
شكري واحترامي لك أخ ايدن حسين
حسام روناسي

اخر الافلام

.. الجماعة الإسلامية في لبنان: استشهاد اثنين من قادة الجناح الع


.. شاهد: الأقلية المسلمة تنتقد ازدواج معايير الشرطة الأسترالية




.. منظمات إسلامية ترفض -ازدواجية الشرطة الأسترالية-


.. صابرين الروح.. وفاة الرضيعة التي خطفت أنظار العالم بإخراجها




.. كاهنات في الكنيسة الكاثوليكية؟ • فرانس 24 / FRANCE 24