الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من ذاكرة التاريخ : صدام يزج العراق في الحرب ضد إيران - الحلقة الثالثة 3/3

حامد الحمداني

2015 / 5 / 7
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


من ذاكرة التاريخ
صدام يزج العراق في الحرب ضد إيران
الحلقة الثالثة 3/3
حامد الحمداني 7/5/2015
حرب الناقلات وتأثيرها على إمدادات النفط
عمل الطرفان المتحاربان على منع كل طرف للطرف الآخر من تصدير نفطه بالنظر إلى اعتماد كلا البلدين على واردات النفط لتمويل الحرب، ولكون اقتصاد البلدين يعتمد اعتمادا كلياً على تلك الواردات، ولذلك وجدنا قوات البلدين تقوم بقصف المنشآت النفطية لكل منهما، واستمر القصف طيلة الحرب.

كما قامت القوات الإيرانية بلغم رأس الخليج لمنع الناقلات من الوصول إلى ميناء البكر النفطي ، مما اضطر العراق كما أسلفنا إلى مد أنابيب لنقل النفط عبر الأراضي التركية والسعودية، فيما كانت سوريا قد أوقفت مرور النفط العراقي في الخط المار عبر أراضيها إلى ميناء بانياس، وميناء طرابلس اللبناني منذُ نشوب الحرب.

أما حكام العراق فقد سعوا أيضاً إلى منع إيران من تصدير نفطها، وقامت طائرات من طراز [سوخوي 23] وطائرات من طراز[ميراج] الفرنسية التي استأجرها العراق، والمحملة بصواريخ [أكزوزسيت ] والتي استطاع بواسطتها من الوصول إلى ابعد نقطة في الخليج لملاحقة الناقلات التي تنقل النفط الإيراني، وتدمير المرافئ التي تستخدمها إيران لتصدير النفط ، وهكذا اشتعلت حرب الناقلات بين البلدين المتحاربين وأصبحت عملية نقل النفط خطيرة وصعبة، ورفعت شركات التأمين رسومها على الناقلات إلى مستوى عالٍ جداً مما سبب في رفع أسعار النفط في الأسواق العالمية.

استمرت حرب الناقلات، بل وتصاعدت في السنوات الأخيرة من الحرب، وأصبحت تمثل خطراً حقيقياً على تدفق النفط الذي من أجله أٌشعلت نيران الحرب، وأصبح الخليج مملوء بالألغام، وأصبح استمرار الحرب يعطي نتائج عكسية، مما دفع الولايات المتحدة وحلفائها إلى التحرك لإنهائها بعد تلك السنين الطويلة من الدماء والدموع والخراب والدمار الذي عم البلدين، وكان إنهاءها يتطلب دعماً كبيراً للعراق لأخذ المبادرة وقلب موازين القوى لصالح العراق، وطرد القوات الإيرانية من الأراضي العراقية، وتوجيه الضربات الموجعة لإيران لتركيعها وإجبارها على القبول بوقف الحرب.
وقد جرى ذلك الدعم بمختلف السبل من تقديم المعلومات العسكرية إلى تقديم شتى أنواع الأسلحة، وتقديم الخبرات، ومشاركة ضباط مصريين كبار، بالإضافة إلى القوات المصرية والأردنية واليمانية، وغيرها من السبل والوسائل، وبدأ العراق يعد العدة لشن الهجوم تلو الهجوم لطرد القوات الإيرانية من أراضيه.
وهكذا تحول ميزان القوى في عام 1988 العام الأخير للحرب مرة أخرى لصالح العراق، وبدأ النظام العراقي يعد العدة لتحرير أراضيه من الاحتلال الإيراني، وكان في مقدمة أهدافه تحرير الفاو، التي مضى على احتلالها 21 شهراً.

حشد النظام العراقي قوات كبيرة من الحرس الجمهوري ومعدات لا حصر لها، كان من بينها 2000 مدفع، ومئات الدبابات والمدرعات، وبدأ الهجوم يوم 17 نيسان 988 واستطاعت القوات العراقية تحقيق انتصار ساحق على القوات الإيرانية بعد أن حولت المنطقة إلى كتلة من لهيب ودفع العراق حياة خمسين ألفا من أبنائه ثمناً لتحرير الفاو.

كان الهدف الثاني للنظام العراقي هو تحرير المناطق المحيطة بمدينة البصرة، وإبعاد القوات الإيرانية عن المدينة التي كانت طيلة الحرب هدفاً لقصف المدفعية الإيرانية، والهجمات المتتالية عليها بغية احتلالها، ولذلك فقد ركز النظام العراقي جهد قواته إلى تلك المنطقة، وخاض مع القوات الإيرانية معارك شرسة دامت ثلاثة أسابيع، وتمكنت القوات العراقية بعدها من تحرير كافة المناطق المحيطة بالبصرة بعد أن قدم التضحيات الجسام .

بعد أن فرغت القوات العراقية من تحرير الفاو كان أمامها الهدف الثالث الذي لا يقل أهمية عن الهدفين الأولين ،جزر مجنون، التي تعتبر من أغنى المناطق التي تحتوي على احتياطات نفطية هائلة، وقد تمكنت القوات العراقية بعد معارك عنيفة من تحريرها من أيدي الإيرانيين، وإلحاق الهزيمة بالجيش الإيراني.

انتقلت القوات العراقية بعد تحرير جزر مجنون إلى ملاحقة القوات الإيرانية التي كانت قد احتلت فيما مضى مناطق على طول الحدود الممتدة بين البصرة في الجنوب ومندلي في القاطع الأوسط، واستمرت في توجيه الضربات للقوات الإيرانية التي أخذت معنوياتها تتراجع يوماً بعد يوم واستطاعت القوات العراقية طردها من تلك المناطق ودفعها إلى داخل الحدود الإيرانية.

لم تكتفِ القوات العراقية من إزاحة القوات الإيرانية من الأراضي العراقية، وإنما طورت هجماتها وأخذت تلاحق القوات الإيرانية إلى داخل الحدود، واستمر تقدم القوات العراقية في العمق الإيراني إلى مسافة 60 كم مما جعل القوات الإيرانية في موقف صعب للغاية، وتنفس النظام العراقي الصعداء، واستمر في ضغطه على القوات الإيرانية لإجبارها على القبول بوقف الحرب التي عجزت كل الوساطات عن إقناع حكام إيران بوقفها.

أخذ النظام العراقي يصعد ضغطه على حكام إيران من أجل القبول بوقف الحرب، وذلك عن طريق تكثيف حرب الصواريخ لإحداث حالة من الانهيار النفسي لدى الشعب الإيراني، فقد كانت الصواريخ تنهال على طهران والمدن الإيرانية الأخرى بشكل متواصل محدثة خسائر جسيمة في الأرواح والممتلكات، وخلقت حالة من الهلع لدى الشعب الإيراني .
وفي ظل تلك الظروف صدر قرار مجلس الأمن رقم 579، والذي دعا إلى وقف القتال بين الطرفين وانسحاب القوات العسكرية إلى داخل حدودها الوطنية، ووجد حكام إيران أنهم قد أصبحوا عاجزين عن مواصلة الحرب، واضطر الزعيم الديني الخميني إلى إصدار أوامره بوقف الحرب في 18 تموز 1988 والقبول بقرار مجلس الأمن على مضض حيث أعلن الخميني موافقته على القرار ووقف الحرب.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لماذا لم تتراجع شعبية ترامب رغم الإدانة؟| #أميركا_اليوم


.. 10 شهداء بينهم أطفال وعدد من الإصابات في قصف استهدف منطقة رم




.. بن غفير: الصفقة تعني التخلي عن تدمير حماس فإذا ذهب نتنياهو ب


.. تشويه لوحة فرنسية شهيرة بسبب التقاعس بمواجهة التغير المناخي




.. تظاهرة في مدينة بينغول التركية دعماً لفلسطين وغزة