الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ما سِرْ العَجّه.. في سوق الشورجه ؟

عامر سليم

2015 / 5 / 7
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


ملاحظات استباقيه:
- هذا ليس مقالا نقديا ولا مقالا ساخرا ولكنها مقاربه نفسيه واجتماعيه في دراسة رد فعل اغلب قراء مقال لم يهمهم موضوعه! وكذا حال مقالي هذا!
- المقال لايستهدف اشخاص او سلوكيات او مفاهيم او اساليب او طريقة تعبير او افكار او حريات او مِهنْ معينه ..الخ.
- الانسان جزء من الطبيعه وعنصر من عناصرها .. فكما هناك عناصر فعاله ونشطه تتفاعل لتنتج وتتحرك وتتطور هناك ايضا العناصر الخامله التي لاتأثير يذكر لها.. كذلك هو الانسان ..فمرحى للانسان النشط المتفاعل.
- كل الحقوق الاعتباريه والانسانيه مصانه ومحل كل الاحترام والتقدير ..فالانسان اثمن رأسمال.


كتب السيد يعقوب ابراهامي في الحوار المتمدن العدد 4795 بتاريخ 3/5/2015 مقالا بعنوان (فقر الديالكتيك) منتقدا خرافة علم الديالكتيك ومتهما خصومه بانهم يتحدثون بلغة سوق الشورجه.. وللقراء من غير العراقيين اقول عليكم بالويكيبيديا لتعرفوا وبالتفصيل الممل ماهو سوق الشورجه.

اغلب القراء هبوا فرادا وجماعات للتعليق عليه ..لا اهتماما بموضوعه ولكن اخذتهم هبة العجه في سوق الشورجه وهو ايحاء في اللاوعي الجمعي يتملك مجموعه من البشر للمشاركه في تجمع احتفالي ليس الا .. مصداقا للقول الشائع حشر مع الناس عيد!
ومما شجع هذا التجمع الاحتفالي هو تكرار جملة (لغة سوق الشورجه) مرات عديده في المقال حتى انقلبت الصفحه فعلا الى سوق الشورجه وهو مايثير الاستغراب و السخريه وربما الاسى..سنجيب اولا على سؤال كيف انقلبت صفحة كاتب المقال الى سوق الشورجه... ونترك سؤال لماذا حتى نهاية المقال !

جواب الكيف ... (وهو جواب يعتمد على السرد الروائي او القصصي وفق الرؤيا الخاصه للكاتب ..اي ان وصف الشخصيات ليست تقريريه تسجيليه صحفيه حتى لايفقد النص جماله الادبي وتعبيره التشكيلي!)

التمهيد..

الانطباع الاول لمشهد السوق هو (العَجّه)..والعَجّه في قاموس المعاني هو- صراخ القوم -.. ويمكن ان تكون احاديث الباعه والمتسوقين وصياحهم ومواضيعهم المختلفه.. وهذا ماحصل فعلا من خلال التعليقات التي هبت على المقال والتي اغلبها لاعلاقة لها بالموضوع.. وبدأت التعليقات تتقاطر كتقاطر المتسوقين عادة على السوق صباحا... وهكذا ابتدأت...

الوصف..

_ بدأها اولهم مرحبا بالكاتب وكأنه يرحب بعريس عاد من اجازة زواج وسفر مذكرا بعدد شهور غيابه!

- استلمه الثاني..بلغة *المضمديّه غامزا له انه مستعد بتجهيزه بالامبولات العضليه المقويه ليعاود نشاطه!

-هجم عليه الثالث متحاملا عليه وكأنه قاتل ابيه او خاطف حبيبته..وراح يطارده طوال فترة بقاء المقال بزخات متواصله من التعليقات الموتوره بسب او بلا سبب!

- بدأ الرابع وكانه صاحب محل حلاقه بتشغيل الراديو وقراءة جرائده بمواضيع ما انزل الله بها من سلطان والغريب رغم كثرة مواضيعه وتشعباتها الا انها لم تقترب من موضوع المقال البته!

- وكانت الخامسه سيده تشكو حالها وكيف اصابتها الحمى السلبيه وتأثيراتها كلما دخلت سوق الشورجه رغم ان الحل في غاية البساطه ولايحتاج الى استشاره او شكوى!.. والحل .. من اجبرك ياسيدتي على المجئ للسوق!

- هتف الاخر..يابه تره انت دتخلط وهاي هي كل القصه! قالها بثقه وهو يقف بباب دكانه يطقق بسبحته ويتلمظ بلسانه اثار المزه المتبقيه في فمه بعد ان اخذ رشفة *(حليب سباع) من قدح مخفي في درج من ادراج مكتبه..

- رد عليه فضولي متجول.. اذا كان يخلط..لماذا لاتبيع لنا الصافي وتريحنا!..فخزره صاحب السبحه المتلمظ صامتا ولسانه حال يقول لاتلح ويايه..مالي خلكك..تره بالعظيم امنعك من دخول السوق!

- ثم دخل *زيطه على الخط وهو يقف في منتصف السوق كعادته بصياحه وهلوساته وخطاباته الغير مفهومه..واذا اردنا اختصار وصفه فتخيلوا معي فولتير يخطب منفعلا للثوار الفرنسيين ولكن باللغه الصينيه! والطريف ان زيطه له نفوذ قوي ويخشاه المتسوقون! فاحيانا يمنع البعض من التجوال والكلام في السوق!

- رد عليه الاخر باغنيه من اغاني الصباح السعيد..وراح يحدث الاخرين عن مسلسل ستار ترك وحرب النجوم والمخلوقات والحضارات الفضائيه وافلام الخيال العلمي!

- ثم شارك احدهم بالاحتفال وهو يحمل سطل ويكيبيديا وبيديه طاسه يرش من خلالها معلومات على باب دكانه الخاص لترطيب الاجواء!

وهكذا تستمر العجه.. ولكنها تبدأ تخفت بهدوء انسيابي مع اختفاء المقال من الصفحه وكأنها غروبا للشمس في نهاية اليوم.. فينصرف اغلب المتسوقون ويبدأ اصحاب الدكاكين باغلاق ابوابهم..ولكن تبقى بعض الاصوات هنا وهناك تناقش المقال وتضع لمساتها الاخيره والمتعبه بعد ان نال منهم الاجهاد والصياح .. مع فواصل صيحات اخيره من زيطه ومن الرجل المتحامل الذي يعلق بمدفع رشاش! عازمين على النصر والفوز بالكلمه الاخيره مهما كان الثمن!

جواب لماذا..

فلماذا حصل ماحصل ..الجواب بكل بساطه هو مزيج من الحنين والشعور بالذنب لسوق الشورجه ( لاسيما ان كاتب المقال وكل المعلقين من العراقيين حصرا! ) الحنين الى ايامه وذكرياته وناسه.. والشعور بالذنب للحيف والظلم الذي لحق باصحابه القدامى.. ومن المفارقات الغريبه ان اغلب كبار تجار هذا السوق الحيوي والكائن في قلب بغداد كانوا من اليهود والاكراد الفيليه وتعرض هذان المكونان لنفس الظلم والحيف باسقاط جنسيتهم العراقيه ونهب ممتلكاتهم وتسفيرهم.

وبرأيي المتواضع هذا هو سر العجه على مقال سوق الشورجه!










الهوامش:
* في العراق يدعون من يمتهن مهنة التمريض بالمضمّد
* حليب سباع هو الاسم الشعبي للعرق العراقي
* زيطه صانع العاهات من اشهر شخصيات رواية زقاق المدق لمحفوظ ..وزاط في قاموس المعاني تعني صاح وضجج!












التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الإمارات وروسيا.. تجارة في غفلة من الغرب؟ | المسائية


.. جندي إسرائيلي سابق: نتعمد قتل الأطفال وجيشنا يستهتر بحياة ال




.. قراءة عسكرية.. كتائب القسام توثق إطلاق صواريخ من جنوب لبنان


.. عضو الكونغرس الأمريكي جمال باومان يدين اعتداءات الشرطة على ا




.. أزمة دبلوماسية متصاعدة بين برلين وموسكو بسبب مجموعة هاكرز رو