الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بين قبول التنوير او الاحتفاظ بأفكار تعصف بالمستقبل

عبد القادر نهاري

2015 / 5 / 9
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


نعيش يوميا على وقع صراعات و مشادات فكرية بين مختلف التيارات المتنافسة في مجتمعنا والتي تدّعي كل منها أنها تملك المفتاح الذي سيفتح علينا أبواب التقدم و آفاق النهضة، غير أن هذه التيارات و التي هي في حقيقتها تيارات سياسية لا تنظر إلا بعين السياسة إلى المجتمع متجاهلتا البعد الاجتماعي و الثقافي للأفراد و البعد النفسي و الابستمولوجي للفرد بصفته المكون الرئيسي للمجتمع تبادر إلينا بحلول سياسية خلاصتها تسليمها سلطة البلاد ! فترى كل هذه التيارات على اختلاف ايديولوجياتها لا تعدوا غير أن تكون أوجه لعملة واحدة ولعل المميز في كل هذا هو طرح الحلول دون طرح جوهر العلة و الخلل فترى الجميع يتسابق و يتفنن في عرض الحلول من دون ان يفهمنا على الأقل سبب العلة التي نعاني منها و هنا يتبادر إلى ذهني كيف لي أن آمل في الشفاء على يد طبيب يعجز عن تشخيص علتي؟ فكذلك هذا المجتمع يعيش و يتخبط بسبب داء يحتاج الى دواء، فأين الخلل؟
وها نحن اليوم نتجاوز عتبة القرن الواحد و العشرين و ما يميزه من تطور و تقدم للحياة الانسانية على جميع الأصعدة و في مقدمة القاطرة تجد المجتمعات الغربية تحقق ما كان بالأمس من المستحيلات فتراها تجتاح الفضاء وما يبعد عن الأبصار و تغوص في أعماق البحار و الأنهار و تخوض في أعماق الكون في محاولة لفهم ما يخفي من أسرار لتجد في اخر الركب مجتمعاتنا لازالت تتوه بين لبس السروال و لبس الخمار ! و لعل هذا يعيدنا الى إشكاليتنا : أين الخلل؟ لماذا نتأخر نحن و يتقدم غيرنا؟ وفي ظل المنظومة الفكرية المتعفنة التي تسود مجتمعنا لا تستغرب حينما ترى بعض السذّج يدعون إلى أخذ التكنولوجيا من الغرب مع الحفاظ على نظامنا الفكري وكأنه يربط التقدم الحضاري للغرب بالتطور العلمي فقط دون أن يكون له أي ادراك بأن هذا التقدم التكنولوجي إنما هو نتيجة تطور المنظومة الفكرية للحضارة الغربية التي ترتكز على الأليات المعرفية البحتة والتي تتعاطى مع ضوابط الوجود بمناهج علمية بعيدا عن التفسيرات والتأويلات الغيبية و الميتافيزيقية واللاهوتية، وهو ما سمح لشخصية الفرد في المجتمع الغربي في أن يكون متجردا من كل الخلفيات اثناء تعامله مع القضايا المطروحة فتراه يشك و يتساءل ثم يبحث و يحلل فيستنتج من ثم يقارنها بنتائج غيره ويعرضها على النقد و يقارن النقد بالنقد دون أن ينظر إليها بعين القداسة ما سمح لعالم الأفكار عند الغرب بالتجديد وفق ما يمليه الزمان و المكان، فتستشعر روح البحث و محاولة الفهم في الشخصية الغربية بعيدا عن محاولة التشبث بالماضي و التبرير له على عكس الشخصية العربية تماما والتي رسخت فكرة التشبث بمعطيات الماضي و محاولة التبرير لتفسيرات السلف و افكارهم او البرهان عن صحتها من منطلق أنها مقدسة و منزهة صالحة لكل الأزمان فترى العربي لا يسعى الى فهم الظاهرة بقدر ما يسعى الى اثبات صحة الموروث الفكري.
وفي الغالب إن الحديث عن هذا الجانب يعتبره البعض منا دعوة إلى تقليد الغرب و يشير إليك بأصابع الاتهام على أنك مبتدع و تدعوا لإفساد المجتمع متناسيا تماما أن تقدم الحضارة الغربية يمثل تقدما للحاضرة الإنسانية ككل فما وصلت إليه هذه الأمم هو نتاج تراكم انجازات الأمم السابقة لأنه يستحيل بناء حضارة ما دون الاستفادة من سابقاتها و الوعي الإنساني اليوم هو نتيجة تراكم لوعي الإنسان عبر مراحل التاريخ بدءا من الإنسان البدائي وصولا إلى إنسان اليوم.
إننا اليوم أمام خلل يشوب منظومتنا الفكرية و طغى على ذهنيتنا التي لازالت ترتكز على آليات قديمة في التفكير ينبغي إعادة النظر فيها و مراجعة قواعدها في التعاطي مع قضايا الحياة، فقد آن الأوان لأن نهتم بالعلم و قواعد المنطق و الفلسفة و ان ننظر للحاضر بأعين واقعية بعيدا عن نظرات الماضي المقدّسة وأن ننظر للعالم بأعين إنسانية بعيدا عن الخلفيات الدينية و العرقية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تأييد حكم حبس راشد الغنوشي زعيم الإخوان في تونس 3 سنوات


.. محل نقاش | محطات مهمة في حياة شيخ الإسلام ابن تيمية.. تعرف ع




.. مقتل مسؤول الجماعية الإسلامية شرحبيل السيد في غارة إسرائيلية


.. دار الإفتاء الليبية يصدر فتوى -للجهاد ضد فاغنر- في ليبيا




.. 161-Al-Baqarah