الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحكم على أبو صابر لم يكن مفاجئاً...!؟

نوري بريمو

2005 / 9 / 30
القضية الكردية


لم يكن هذا الخبرُ أمراً مفاجئاً بالنسبة لي...!؟،فالحكم بالسجن ((سنتين ونصف مع الأعمال الشاقة)) الذي أصدرته محكمة أمن الدولة العليا بدمشق بتارخ 25-9-2005 م، بحق الأستاذ محمود علي (أبو صابر) عضو اللجنة السياسية لحزب الوحدة الديموقراطي الكوردي في سوريا ـ يكيتي ـ ،على خلفية تلك الزيارة الإعتيادية التي قام بها ضمن وفد قيادي من حزبنا إلى كوردستان العراق لتقديم التعازي لإخواننا الذين فوجعوا بهَولِ جريمة هولير شباط 2004 م...،هو أقل ما كنت أتوقّعه من سلطة برهنت وتبرهن يوماً بعد آخر على أنها تعسفية ولن تتخلّى عن عسفها مهما ضاق بها الحال.
وأظنُّ بأنّ الخبرَ لم يفاجئ الكثيرين من المواطنين السوريين المهتمين بالشأن السياسي العام وخاصة الذين دفعوا فواتير مظالم هذه السلطة وتعرّفوا ـ نتيجةً لخبرتهم العملية التي إكتسبوها جرّاء معاناتهم اليومية ـ على طبائعها الإستبدادية في شتى مناحي الحياة وخاصة في مجال الحرّيات العامة وحقوق الإنسان ،حيث يتم حكم البلاد وفق أساليب إستيخباراتية تستنبط قوتها من سريان مفاعيل حالة الطورئ التي قضت لأكثر من أربعين سنة بالسجن المؤبد على الداخل السوري بمختلف مكوناته القومية والدينية و...الخ،إذ لم يسلم أيّ مواطن مهما كان شأنه ـ خاصة إن لم يكن موالياً للبعث ـ من هيمنة الأحكام العرفية السائدة .
أما الطريف ـ المضحك المبكي ـ في أمر أهل الحكم...!؟،فهو أنّه حتى الرئيس بشار الأسد الذي هو رأس النظام ،لم يفلت في أحيان كثيرة من لدغات تلك الطغمة القابضة على زمام الأمور،وبهذا الصدد فإنه ذات مرّة تعرّضت مقابلة أجرتها إحدى الجرائد الأجنبية مع الرئيس نفسه ،لمقص الرقابة الذي لم ولا ولن يرحم أحداً ،إذ أنه أي ـ ذلك المقص ـ أعطى الحق لنفسه بأن يحذف أثناء ترجمة نص المقابلة إلى العريبة أكثر من ربعه ،ولم تنشر منه جريدة تشرين الرسمية في حينه سوى تلك الفقرات التي توافقت مع مزاج ومصالح أصحاب السيادة والنفوذ الحقيقيين في البلد .
وهذه المرّة أيضاً جاء قرار محكمة أمن الدولة العليا ذات الصيت السيّئ واليد الطولى في مجال إطلاق الأحكام العرفية ،قراراً وجاهياً لا قانونياً ،لتضرب بعرض الحائط مصداقية ما أكّد عليه الرئيس في مقابلته مع قناة الجزيرة بُعَيد أحداث القامشلي الدموية بقوله: ليس هنالك أية أيادٍ خارجية وراء تلك الحوادث المؤسفة...!؟،إذ أنّ المحكمة لم تبالي بذلك التصريح الرئاسي بل إنها أصرّت دون أي وجه حق على إلصاق تهمة (( التعامل مع الخارج )) برفيقنا محمود…!؟،أي بعكس ما صرّح به الرئيس بشفافية للملئ...!؟،وذلك لمجرّد تصادف زيارة الوفد إلى كوردستان مع حدوث تلك الهجمة الشوفو ـ فاشية المباغتة على الشارع الكوردي في أذار 2004 م .
ولما كانت محاكمة النشطاء السياسيين تجري وفق هكذا منوال تسلّطي جائر...،فلا يمكننا تشبيه حال المحاكمات السورية الصورية هذه سوى بحال شريعة الغابة...،خاصة إذا ما كان للقبضة الأمنية هكذا صلاحيات مطلقة تخوِّلها بالدّوس على تصريحات رئيس الجمهورية نفسه...!؟، فما بالكم حينما يتعلقّ الأمر بمحاكمة رجل قيادي كوردي مدافع عن القضية الكوردية ومهتم بالشأن السياسي السوري بشكل عام .
وللعلم فإن هكذا أحكام عرفية باتت تطال القاصي والداني من المواطنين السوريين،سوف لن تتمكن من إخافة أصحاب المصلحة الحقيقة في إنعاش عملية التغيير الديموقراطي القادم إلينا لا محال ،بل بالعكس إن مثل هذه الإنتهاكات المفضوحة لحقوق الإنسان ستقوّي من عزيمة تلك القوى والفعاليات المساهمة في الحراك الديموقراطي الجاري لدَمَقْرَطة البلد بالوسائل السلمية اللاّ عنفية ،والتي قد يكون بوسعها توفير المخارج الكفيلة بالتخلّص من هذا الطوق الشمولي القابض على رقاب ومصير مختلف مكونات المجتمع السوري .
لكنّ مثل هكذا منحى محاكماتي فوقي ساري المفعول ،سيبقى يلقي بظلاله المرحلية المخيفة على حياة جميع السوريين دون إستثناء ،كونه سيدحرجهم إلى سرداب مظلم من الشعور بالمحبوسية والقهر ،ما من شأنه دفع أبناء البلد صوب المزيد من الإحتقان السياسي الذي قد يؤي إلى ردود أفعال غير مألوفة قد تهدد السلم الأهلي في البلد .
ــــــــــــــــــــــــــــــ
*عضو اللجنة السياسية لحزب الوحدة الديموقراطي الكوردي في سوريا ـ يكيتي ـ








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بريطانيا تحطم الرقم القياسي في عدد المهاجرين غير النظاميين م


.. #أخبار_الصباح | مبادرة لتوزيع الخبز مجانا على النازحين في رف




.. تونس.. مؤتمر لمنظمات مدنية في الذكرى 47 لتأسيس رابطة حقوق ال


.. اعتقالات واغتيالات واعتداءات جنسية.. صحفيو السودان بين -الجي




.. المئات يتظاهرون في إسرائيل للمطالبة بإقالة نتنياهو ويؤكدون: