الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


غياب مفهوم العدالة

محمود الزهيري

2015 / 5 / 11
المجتمع المدني


أراني أسير مهرولاً علي اشواك مبعثرة يمتليء بها الطريق المؤدي إلي سبيل الأمن والأمان والرفاهة , وقد نتأخر للوصول إلي الغاية سنوات طويلة , وهذا يعود إلي السلوك الوظيفي السلطوي تجاه الدولة ومؤسساتها في المقام الأول والذي ينعكس علي الشعب في أسوأ الصور التي تجعله كارهاً للوطن , وكارهاً لنفسه , مما تزداد عوامل الضغط ومؤثرات الرفض وفي النهاية قد يصل الأمر إلي الإنفجار المتشظي والغير معلومة إتجاهات اندفاعه اللامحسوبة , ولن يكون العداء للشرطة والأجهزة الأمنية كما في سابق العهد القريب في 25 يناير 2011 , ولكن سيكون السقوط مدوياً هذه المرة لكل القيم قبل الأشياء!
مازلت أري أننا نحتاج إلي علاج الجراح التي مازالت تثعب دماً من سيرنا المتواصل بجهل في اتجاه التنمية والديمقراطية والحريات والمواطنة والمساواة في المواطنة , و ومازالت قلوبنا تنزف قيحاً وصديداً بأسباب راجعها من السلوك الوظيفي للسلطة الذي يرتقي لجدارة الأنا الغريزي , ضد الدولة والمجتمع في آن واحد .
وكأني أري الدولة المصرية خلال ممارسة الأدوار الوظيفية المنوطة بها في حالة تردي وفشل زريع , وكأن الدولة بوزاراتها ومؤسساتها وهيئاتها تعمل ضد نفسها , وضد الشعب , وأري أن هناك صراع يبدوا للمسؤلين وللأجهزة السيادية , وكأنه خفي , في حين أن عوامل انهيار الدولة تنشط بجدارة ولكنها كدبيب النمل الذي صنع صنعته بعصا سليمان , فانهارت العصا وانهار الهيكل وسادت فوضي الخائفين والمرعوبين ممن ينتمون إلي طبقات عريضة من الجهلاء والمرضي والفقراء الذين يشكلون غالبية الشعب المصري , ولذلك أري أن مرحلة ماقبل سقوط حسني مبارك , ومنظومته الأمنية صارت قاب قوسين أو أدني , إلا أن الفارق الموضوعي في المشهد القادم الذي من الممكن تجنبه , يتم رؤيته في العداء الشاخص بأبصاره المنهكة والمنكسرة عن كمد وغيظ يفوق القدرة والطاقة , من الكثير من الملايين الذين يعانوا التفرقة والعنصرية والتمييز في العمل والوظائف العامة , وأبسط مثال سيؤدي للإنهيار إن لم نتجنب أسبابه مانطق به وزير العدل في حالة تمييزية عنصرية بغيضة حال كونه يؤمن ويعتقد إعتقاداً جازماً :" أنه لا يمكن لأبناء عمال النظافة اعتلاء منصة القضاء ، لأن القاضي لابد أن يكون قد نشأ في وسط مناسب لهذا العمل ، و"كتر خير عامل النظافة إنه ربى ابنه وساعده للحصول على شهادة، لكن هناك وظائف أخرى تناسبه " !!
وليس غريباً حينما يسود مناخ الإستعلاء والإستكبار والجهالة السياسية بالدستور والقانون أو التغاضي عن الدستور والقانون اللذين يعليان من شأن المواطنة والمساواة في المواطنة وتكافوء الفرص , ففي هذه الحالة ليس بغريب أن ينطق بهذه التصريحات الكارثية وزير العدل المصري , وكأنه متناسياُ أن رؤساء جمهورية مصر العربية منذ محمد نجيب حتي عبد الفتاح السيسي , من أواسط الشعب , وأبسطهم , بل كان أحدهم يعمل والده ساعي بريد , والآخر كان يعمل محضر بقلم المحضرين , ولم ننسي أبداً الرئيس البرازيلي " لولا دي سيلفا " الذي حقق نهضة عامة للبرازيل دولة وشعباً , وكان ينتمي لعائلة فقيرة ومعدمة غاية في الفقر والعدم , مما دعاه للعمل ماسح أحذية , وكان ماسح الأحذية هذا هو من يترأس سلطات دولة البرازيل , ومنهم سلطة الجنرالات , وسلطة القضاة والمستشارين !!
وزير العدل هذا , كان يتوجب عليه الإعتذار فوراً , وبعد الإعتذار يتقدم بطلب إستقالته , وإلا صارت استقالته فريضة وطنية , وضرورة اجتماعية إنسانية , لأنه خالف الدستور والقوانين , وهو علي أعلي سلطة في الوطن وهي السلطة القضائية التي تفصل في الحقوق والواجبات بالحق والعدل , إعمالاً للدستور والقانون ..
وحسبما صرح الدكتور محمد البرادعي :"إنه وفقا للإعلان العالمي لحقوق الانسان ، فإنه : " لكل شخص بالتساوي مع الآخرين حق تقلد الوظائف العامة في بلده". وكتب البرادعي، في تغريدة له على "تويتر"، أنه "عندما يغيب مفهوم العدالة عن وطن فلا يتبقي شيء "
فما الذي يمكن أن يتبقي بعد مسلسلات الخراب التي تنتجها الدولة المصرية عبر سلطاتها وأجهزتها السيادية والسياسية والتنفيذية , خاصة بعد تصريحات وزير العدل !
حذار من الإنهيار القادم الذي يمكن تجنبه , بالتقيد بالدستور والقانون وتفعيلهما !
فحقاً : حينما يغيب مفهوم العدالة في وطننا المصري , ماذا يتبقي لنا سوي السير علي الأشواك حفاة عراة !؟
.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. برنامج الأغذية العالمي: توسيع العملية العسكرية في رفح سيكون


.. الأونروا: الرصيف البحري المؤقت لا يمكن أن يكون بديلا للمعابر




.. كل يوم - خالد أبو بكر: الغذاء ينفد والوقود يتضاءل -المجاعة س


.. المثلية الجنسية ما زالت من التابوهات في كرة القدم الألمانية




.. مظاهرات حاشدة في مدينة طرابلس اللبنانية دعماً للاجئين السوري