الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


-قل يا ابا الوليد اسمع- - أم - اتيتكم بالذبح-

ماجد مغامس
مهندس مهتم بالدراسات الإنسانية والدينية

(Maged Moghames)

2015 / 5 / 12
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


معلوم ان الخلاف والاختلاف الكبير بين الجماعات الاسلاميه مرده الى عوامل كثيره لعل اهمها التأويلات المتباينه لنصوص الخطاب الاسلامي. فلا شك بان الخطاب الاسلامي مليء بما اسماه القرآن " المتشابهات". ومن هنا اخذت كل جماعه بتأويل هذا المتشابه بالطريقه الانسب لمنهجها, فمنها من اعتمد " الامر بالمعروف" كمنهج تغيير و ومنها من رأى في القتال والقتل الطريقه الوحيده للوصول للحاله الاسلاميه المرجوه.
من اهم الامثله التي تسترعي الانتباه للضبابيه التي اسست لهذا الاختلاف الواضح في المشهد الاسلامي المعاصر حديثان نبويان وردا في صحيح البخاري نلخصهما ادناه:
الحديث الاول يروي قصة النبي محمد مع عتبة بن ربيعه ( ابي الوليد) اذ جاء الاخير متهجما على النبي متهما اياه بتفريق قريش والسعي وراء الجاه والمال. النبي هنا لم يرد على تهجم واتهامات ابن ربيعه بالعنف اللفظي او الجسدي, بل استقبله بكل صدر رحب قائلا: " قل يا ابا الوليد اسمع." وعندما انتهى ابن ربيعه رد النبي عليه بكل هدوء بايات من سورة فصلت.
الحديث الثاني يروي قصه مشابهه مع رد فعل مختلف من النبي. اذ تقول رواية البخاري ان النبي مر غير مره برهط من قريش فكانو يلمزوه في كل مره, فما كان منه الا ان قال لهم " تسمعون يا معشر قريش, اما والذي نفس محمد بيده, لقد جئتكم بالذبح."
لدينا هنا رسالتان مختلفتان تماما في موقفين متشابهين. في الموقف الاول كانت الرساله مليئه بمعاني الحريه الفكريه, حرية التعبير, تقبل الآخر, واعتماد الرد الهادئ بدلا من العصبيه والتعصب ناهيك عن اعطاء درس في فن الحوار من حيث حسن الاستماع وحسن اسلوب الرد. اما الموقف الثاني فرسالته مغايره تماما من حيث اشتمالها على معاني الشده والتشدد والعنف و" الذبح" لمجرد من جاء باللمز فما بالك بمن زاد عن ذلك؟
الغريب هنا ان فحوى ما قاله ابو اليد ( في الموقف الاول) كان مسيئا للنبي والاسلام اكثر من " لمز" المشركين له بكلمات عابره ( في الموقف الثاني). بالاضافه لذلك فان تقبل النبي لابي الوليد ورده الهادئ جعل ابا الوليد يعود الى اصحابه " بغير الوجه الذي ذهب به," بينما التهديد "بالذبح" لم يؤتي اكله مع رهط قريش.
ما يسترعينا هنا هو السؤال التالي: اي من النموذجين( الرسالتين) يرسم لنا النبي لنحتذيه كمنهج ثابت في التعامل مع الاخر؟ الحوار والتقبل للاخر ام الرفض والذبح؟
سيسارع علماء الحديث ( مع تحفظي على كلمة علماء) لطرح فكرة مناسبة الحديث بحيث يتم اعتماد التعامل الحضاري في مواقف معينه ويطبق العنف و"الذبح" في مواقف اخرى. نقول من حيث المبدأ هذا تخريج جميل للامر. لكن يبقى التساؤل مطروحا: ما هو الضابط الذي يمكن للجميع الاتفاق عليه ليتم تقبل الاخر في ظروف معينه وفي ظروف اخرى يصبح فيها " ذبح" الآخر فريضه؟؟؟!!!
اعتقد ان ضبابية الامر واضحه وهذه اكبر اشكاليات تفسير النصوص المقدسه خصوصا والخطاب الديني عموما...... ومن رحم هذه الضبابيه ظهرت "داعش."
ويبقى السؤال مطروحا: هل نتقبل الآخر بروح " قل نسمع" ام نأتيه " بالذبح" ؟؟؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كاهن الأبرشية الكاثوليكية الوحيد في قطاع غزة يدعو إلى وقف إط


.. الجماعة الإسلامية في لبنان: استشهاد اثنين من قادة الجناح الع




.. شاهد: الأقلية المسلمة تنتقد ازدواج معايير الشرطة الأسترالية


.. منظمات إسلامية ترفض -ازدواجية الشرطة الأسترالية-




.. صابرين الروح.. وفاة الرضيعة التي خطفت أنظار العالم بإخراجها