الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عن تصريح رئيس محكمة الجنايات , وضرورة المؤتمر الشعبي العام !!

محمود الزهيري

2015 / 5 / 18
المجتمع المدني



أمر غاية في الصراحة والوضوح الذي يرتقي إلي الإنباء عن أمور ترتقي إلي حد الصدق في قراءة الواقع السياسي / الإجتماعي , للدولة والمجتمع المصري , بخلفيات تكاد تكون صادمة لتعبيرها عن السلطة والشعب في بساطة مفرطة لحد الصدمة ..
فعلي إثر استهداف الجماعات الدينية الإسلامية لثلاث من القضاة في سيناء , وبالطبع معهم السائق , إذ تنتفض السلطة القضائية للدفاع عن نفسها , وكأنها بمعزل عن الشعب وعن الدولة المصرية , وتعلن الحداد ثلاث أيام , وهذا أمر طبيعي لحد الأن , والغير طبيعي أن يصرح أحد المستشارين من رؤساء محاكم الجنايات علي صفحته الرسمية علي الفيسبوك , ناشراً صورته , حاملاً سلاحه الشخصي , قائلاً : : «سلاحى جاهز، ودينى اللى هيقرب بس أو يحاول يمارس دور الغدر ولو بالهزار لأشطب اسمه من الدفتر، يا روح ما بعدك روح، إحنا صعايدة، ولو قمت وقفت بس وقلت يا حراسة ألاقى قدامى 40 عربية نقل متحملة بأجدع رجالة ، لكن بنقول الحارس هو الله ومش عايزين حراسات ، إنما وقت الغلط نطرطش زلط، ودمنا بيجرى فيه مية نار معجونة بمية عفاريت ، واللى يقل أدبه علينا نعلمه بالورقة والقلم يعنى إيه معنى الاحترام ، ولو زود عن كده وحاول يعتدى علينا سوف يندم»."1 "

وهذا التصريح له مدلولات خطيرة , غاية في الخطورة , إذ كيف تصدر هذه العبارات والألفاظ من مستشار جليل , يترأس إحدي دوائر محاكم الجنايات , وهو الذي يحكم بالحق والعدل حسبما يطمئن إليه ضميره ووجدانه المستقيم علي جادة القانون والدستور , وكان يكفي أن يصرح تصريحات تتوائم مع منصبه القضائي الرفيع الذي من خلاله تكون حياة الناس وحرياتهم وأموالهم تحت مظلة قضائه , وهذه التصريحات تنبيء عن أن سيادة المستشار رئيس محكمة الجنايات , يريد أن يعود بالدولة والمجتمع , وعلي وجه خاص يعود بالسلطة القضائية إلي مرحلة ماقبل الدوله حيث القصاص باليد والقوة والسلاح حسب قوة العائلة والعشيرة والقبيلة , وهذه مصيبة عظمي انطوي عليها هذا التصريح , وهذا التصريح يرمز إلي أنه غير مؤمن بقوة الدولة وقوة سلطاتها وسلطانها في حماية الشعب , وحماية المنتمين لسلطات الدولة , لدرجة أنه اقترح استعانة القضاة بحراسات خاصة لتسهيل تأمين دخول وخروج القضاة إلى المحاكم، قائلاً:
«إحنا كقضاة نجمع مع بعضنا ونجيب حراسات خاصة ، وعشان نكون عملنا اللى علينا، ربنا سيحاسبنا يوم القيامة على الإهمال فى نفسنا».
ولعل ما صدر من المستشار محمد يسرى , ينبيء عن أنه يمر بحالة نفسية أرضخته تحت تأثير جريمة مقتل زملائه القضاة , والسائق , حال كونه وحسب ماصرح به تنتابه مشاعر الضيق والضجر وعدم الإطمئنان علي حياته وحياة اسرته وزملائه , وكأنه ينتظر الأسوء , لدرجة أنه اختتم كلامه علي صفحته الشخصية بعبارة :" الشهيد اللى جاى" !!

والسؤال الحائر الفائر الباحث عن جواب يكمن في مدي قدرة الدولة المصرية علي تحقيق الأمن والأمان والطمأنينة للشعب المصري بكافة فئاته الإجتماعية بداية من عامل النظافة حتي وزير العدل , وبداية من أول رتبة حتي أعلي رتبة في الداخلية والدفاع , أم أن الدولة المصرية ممثلة في أجهزتها الأمنية والسيادية صارت وكأنها في معزل عن الدولة والمجتمع , لدرجة أن تصدر هذه التصريحات من مستشار رئيس محكمة جنايات وكأنه فاقد للأمل في حماية القضاة والمستشارين وأعضاء النيابة العامة والإدارية , وكافة فئات الشعب المصري .. وهو من لوح بالإستعانة بأبناء العائلة أو العشيرة والقبيلة للدفاع عن نفسه أو الإستعانة بشركات أمن وحراسة خاصة ..

وإذا كانت هذه الفئة من الشعب المصري بمكنتها أن تفعل ذلك لتحمي أرواحها و أنفسها وأنفس وأرواح عائلاتهم , فما هو الذنب الذي اقترفه باقي أبناء الشعب المصري الذي يصارع الخوف والرهبة من التعذيب علي أيدي السلطة أو الشرطة أو القتل غيلة وغدراً علي يد أنفار العصابات الدينية الإسلامية التي صنعتها الأجهزة الأمنية وباركت وجودها لعقود طويلة للطمأنة علي مصائر الإستبداد والطغيان ودوائر الفساد !

وليعلم الجميع وعلي وجه خاص المنتمين للسلطة أنه ليس ببعيد عنكم أيادي التطرف والعنف والإرهاب , فأنتم من صنعتم الإستبداد والطغيان وأسستم لدوائر الفساد ودوائرالموالاة للحكم والسلطة , وصنعتم كافة ألوان الرفض للدولة والكراهية والعنف والإرهاب ضد الدولة والمجتمع , وجعلتم التفرقة بين فئات المجتمع , وكأن هناك طبقة للسادة , وباقي فئات المجتمع من العبيد , وأنتم من احتكرتم مفاهيم الوطن والدين , وأنتم من تسببتم بإنفرادكم بالحكم والسلطة في كافة هذه الجرائم الإرهابية , وعليكم أن تنتبهوا لدولة المواطنة والمساواة في المواطنة وتكافوء الفرص , وتفعيل القوانين علي الجميع ممن يخرجون علي نصوصها وقواعدها الآمرة أو الناهية , وإلا فالكارثة قاب قوسين أو أدني , أو هي أقرب لكم من شراك نعالكم .

مازلت أري أن هذه كارثة يتوجب علي الدولة المصرية أن تبحث في أسبابها وطرائق الخروج منها , ومازلت علي إصراري في الإعداد لمؤتمر شعبي عام يضم كافة الأحزاب والنقابات, والتكتلات السياسية والإجتماعية , بمافيها هيئات ومؤسسات ومنظمات المجتمع المدني , ومعهم العمال والفلاحين والصيادين , علي أن يكون هناك مجموعات مصغرة تمثل كل حزب أو نقابة أو هيئة ومؤسسة ومنظمة , للوصول إلي طرق تحوز الغالبية أو الإجماع الوطني مجازاً , علي أن يتم تفعيل مايصل إليه المؤتمر الشعب العام , وهذه رؤية مبسطة تستوجب التفعيل فوراً ومن الأن !
ولعل ماصرح به رئيس محكمة الجنايات بمثابة دعوة مفتوحة للمشاركة في المؤتمر الشعبي العام للخروج بحلول لهذه الكوارث والأزمات .
.





"1 "حسب صحيفة الوطن المصرية عدد الإثنين 18/5/2015









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تونس في عهد سعيّد.. من منارة -حرية التعبير- إلى -ساحة استبدا


.. تونس: المرسوم 54.. تهديد لحرية التعبير ومعاقبة الصحافيين بطر




.. الجزائر وليبيا تطالبان المحكمة الجنائية الدولية باعتقال قادة


.. إعلام محلي: اعتقال مسلح أطلق النار على رئيس وزراء سلوفاكيا




.. تحقيق لـ-إندبندنت- البريطانية: بايدن متورط في المجاعة في غزة