الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحقيقة المطلقة و نحن

يوسف شوقى مجدى

2015 / 5 / 20
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


"كيف تفهم الله الغير محدود بعقلك المحدود".. جملة تتكرر كثيرا على مسامعنا ،و تلك العبارة فى المجمل العام منطقية .. فهى تحتوي على قانون منطقى بديهى و هو ان كل حقيقة تحتاج لمستوى معين لدى الشخص الذى يريد أن يفهمها ،يتساوي مع مستوى الحقيقة ذاتها ، و بديهيا الحقيقة الغير محدودة تحتاج لعقل غير محدود ليفهمها ، لذلك العقول المحدودة لن تستطيع فهم الحقائق المطلقة و هنا لا يوجد فرق بين غبى و ذكى فالعدد القليل بالنسبة لللانهاية يُعتبر لا شىء و العدد الكبير ايضا يعتبر بالنسبة لها لاشىء و لكن المشكل فى الجملة التى أوردتها فى بداية حديثى انه كيف عرفنا ان المطلق أو الحقيقة المطلقة تعنى الله ؟! .. لماذا لا تعنى اى شىء اخر .. مبدأ او كيان غير الله ؟! .. انتشرت مؤخرا مقولة "لا يوجد حقيقة مطلقة" و يكثر تداول تلك المقولة بين الملحدين و تحتوى تلك المقولة على مغالطة منطقية و هى انها تنفى وجود حقيقة مطلقة و فى نفس ذات الوقت تُعتبر المقولة حقيقة مطلقة ،اذا رفض وجود حقيقة مطلقة منطقيا مرفوض .. اذا ليس أمامنا الا ان نتقبل وجودها ككيان موجود مُتسامٍ عن أذهاننا و هنا لا نستطيع ان نقدم أى منطق يثبت وجودها لان منطقنا ذلك سيخرج من عقلنا الذى بدوره محدود فمما لا شك فيه سيكون ذلك المنطق محدود و المنطق المحدود لا يجوز ان يثبت شيئا غير محدود و لا يجوز ايضا ان ننكر وجود الحقيقة المطلقة لأن انكار الشىء يستلزم فهمه و هذا مستحيل ..و بعد ان سلمنا بوجود المطلق هل يتثنى لنا أن نفهم ماهيته ؟! .. ما هو هذا المطلق؟! .. هل هو مبدأ أم شخص لديه وعى أم ماذا؟! .. فى الحقيقة فهم أى شىء يستلزم الوصول لمستوى ذلك الشىء كما قلت فى البداية ..و لكن لقد تعودنا على ان كل شىء يُحل بالمنطق السليم فماذا لو استخدمنا المبادىء المنطقية السليمة التى لا تحتوى على مغالطات لكى نحل تلك المعضلة و نكتشف ماهية الحقيقة المطلقة ؟! .. سأشرح مثالا للاجابة عن ذلك السؤال .. لتفترض أنك مسافر الى مدينة بعيدة بسيارة غير مؤهلة للسفر ، ستمشى تلك السيارة مسافة قصيرة ثم ستتوقف و لن تستطيع ان تستكمل الرحلة مع العلم انها كانت تسير على الطريق الصحيح (طريق المنطق) فلو نظرت بمنظار قوى سترى بوابات المدينة و لكنك لن تستطيع دخولها ...فلو فكرنا بمبادىء المنطق كل الذى سنصل اليه هو اللاشىء !! ..و لكن هل يجب علينا ان نرضى باللاشىء لكى لا نصبح اغبياء غير منطقيين ؟! بالطبع لا .. فلا يوجد انسان على تلك الارض لا يؤمن بشىء ، يجب ان تؤمن بشىء لكى تستمر حياتك و يعطيك ذلك الايمان دفعا معنويا للتحرك و صنع كل ما هو جديد و مفيد ، سواء كان ذلك الايمان هو التصديق بمبدأ أو اله أو فلسفة ..فالبشر منذ زمن بعيد ، كانوا يتخيلون ماهية الحقيقة المطلقة .. وكانت بالطبع اغلب التخيلات لاشخاص(الهة) ، فاعمال الخيال من الممكن ان يكون خطئا لو تخيلنا شيئا ممكن الوصول اليه و معرفته معرفة مادية أو عقلية و لكن الخيال ليس بخطأ الأ لو كان سيتعامل مع شىء ليس فى مقدرتنا الوصول اليه و لكن يجب ان تكون خيالاتنا لنا وحدنا و ستكون منطقية بالنسبة لكل شخص بمفرده .. لاننا لو اخرجنا تلك الخيالات من داخلنا لنعرضها على العالم الخارجى سنضطر ان نربطها بروابط منطقية و كما قلنا ان ذلك مستحيل فى حالة اللامحدود و ما نشاهده من عنف و طائفية و تعصب ما هو الا أناس نفذوا ثلاثة خطوات .. الخطوة الاولى و هى التخيل ( و تلك لا يوجد فيها اى عيبٍ ) و الخطوة الثانية و هى انهم عرضوا خيالاتهم على الناس و ربطوها بروابط منطقية مغلوطة كتمهيد للتبشير بها فتكونت الدوجما و الخطوة الثالثة و هى الاخطر .. انهم فرضوا تلك التخيلات على البشر .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وول ستريت جورنال: إسرائيل تريد الدخول إلى رفح.. لكنّ الأمور


.. مسؤول عربي لسكاي نيوز عربية: مسودة الاتفاق الحالية بين حماس




.. صحيفة يديعوت أحرونوت: إصابة جندي من وحدة -اليمام- خلال عملية


.. القوات الجوية الأوكرانية تعلن أنها دمرت 23 طائرة روسية موجّه




.. نتنياهو يعلن الإقرار بالإجماع قررت بالإجماع على إغلاق قناة ا