الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الدف والتف في العبرية وأعمدة الصحافة العربية

سيلوس العراقي

2015 / 5 / 20
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


الدف آلة من الآلات الموسيقية المعروفة والتي استخدمت في الشرق القديم واستخدمها العبرانيون ايضاً في الزمن الكتابي (زمن الكتاب المقدس)، كما أنها لا زالت تستخدم في الوقت الحاضر في الشرق، حيث تستخدم بمسكها باليد والنقر عليها.
هي عبارة عن طوق أو إطار خشبي أو معدني مغطى بجلد حيوان ملصوق عليه ، وأحياناً تربط حلقات معدنية أو خشبية في اطاره لتجلجل وترنّ حين النقر عليه أو هزّه باليد.
تم استخدامه من قبل المصريين القدماء والآشوريين ، ويظهر في الرسومات الآثارية المصرية بيد النساء فقط ، أما لدى الآشوريين فيظهر بيد الرجال أيضاً.

لدى العبرانيين تم استخدامه للعزف عليه من قبل النساء :
ـ في أداء الرقصات في الأفراح والأعياد
(قضاة 11: 34 : "وعاد يفتاح الى بيته في المصفاة، فاذا ابنته خارجة للقائه بالدفوف والرقص، وهي وحيدة له إذ لم يكن له ابن أو ابنة سواها"،
وفي 1 صموئيل 18: 6 : "ولما رجع شاؤل الملك وجنوده من الحرب، ومعهم داؤد الذي انتصر على الفلسطيّ، خرجت النساء من جميع مدن اسرائيل للقائهم وهنّ يغنين فرحات، ويرقصن بدفوف وآلات الطرب"،
وفي ارميا 31: 4 : " قال الرب : .. أبنيكِ بعد فتُبنَين ، يا عذراء اسرائيل وتحملين دفوفك بعدُ وتبرزين في حلبة الراقصين").

ـ وفي الغناء
(تكوين 31: 26ـ 27 : ..ولماذا هربت خفية وأقلقتني ولم تخبرني، فأشيعك بفرحٍ وغناء ودفّ وكنارة"،
وفي خروج 15: 20 : "وأخذت مريم النبية أخت هرون دُفاً في يدها ، وخرجت النساء كلهن وراءها بدفوف ورقص"،
وفي 1 صموئيل 18 : 6 المذكور أعلاه ).

ـ ويرافق الأعراس
(1 مكابيين 9 : 39 : " وفيما كانوا يراقبون، سمعوا ضجيجاً فرأوا جمعاً كبيراً مثقلاً بالامتعة، والعريس وأصحابه وأقرباؤه يتقدمون لملاقاتهم بالدفوف وآلات الطرب وأسلحة كثيرة" ) .

ـ وفي الأفراح الشعبية والانتصارات
(1 صم 18 : 6 المذكور أعلاه)،

ـ وفي المأدبات
(اشعيا 5: 12 : " ولائمهم الكنارة والعود والدُفّ والمزمار، والخمر شرابهم..").

ـ وفي المهرجانات الدينية
(خروج 15: 20 المذكور اعلاه
و المزمور 81 : 3 " ابدأوا العزف وهاتوا دفاً وكنارة مطربة وعوداً").

وقلما ـ أو يندر ـ أن ينوجد بيد الرجال.
ومن الغريب أنه لم يكن الدف من بين الآلات الموسيقية المستعملة في هيكل اورشليم التي كانت : الصنوج والقيثارات والكنارات والابواق (2 أخبار 5: 12).

لغوياً : التف العبري

بقي أن نقول أن كلمة (د ف ) في العبرية لا تُكتَب بالدال كما في كتابة كلمة الدفّ العربية المعروفة . كما أنها تبدأ بحرف التاء بدلا من الدال وتكتب (ت ُ ف )
ת-;-ֹ-;-ּ-;-ף-;-
وجمعها ( توفيم ) twofim
ת-;-ֻ-;-פ-;-ִ-;-ּ-;-֖-;-י-;-ם-;-
والعبارة العبرية (تُف بالمفرد ـ توفيم جمعاً) التي ترد في كل الاستشهادات الكتابية المذكورة أعلاه والتي تترجم الى العربية بكلمة (دف ـ دفوف ).
وماذا بشأن عبارة ( دفّ ) بالعبرية ؟
العبارة ד-;-ף-;- ( د ف ) العبرية تعنيleaf folio, وجمعها ד-;-פ-;-י-;-ם-;- ( د ف ي م ) وتعني الورقة أو الصحيفة من صحف التلمود ، ولها صفحة من كل جانب. ان أصل الكلمة هو من العبرية ومن الآرامية وتعني حرفياً plank .
الدف (العبري ) يتم ترقيم صفحاته بأحرف الأبجد هوّز العبرية ويبدأ الترقيم من حرف الباء عادة، لأن الصفحة التي تسبق تشتمل على العنوان وتعتبر أول صفحة من الدف.
وكل جانب من الدف يسمى
(عمود)
ע-;-מ-;-ו-;-ד-;-ה-;-
وحين يتم الاستشهاد بمقطع أو جملة من أحد أقسام التلمود مثلا (النذورات ) ( נ-;-ד-;-ר-;-י-;-מ-;- )
ندريم a 20
يعني قسم النذورات ، الدف leaf رقم 20 الجانب ـ العمود a منه .
ولعبارة (د ف ) العبرية استخدامات كثيرة في الحقل الدراسي والتلمودي . فهناك عبارات كثيرة تستخدم فيها الدف مثلا :
الدفّ اليومي ד-;-ף-;- י-;-ו-;-מ-;-י-;-
وهو النظام الذي يساعد كل يهودي أينما كان متواجداً ليقوم بدراسة نفس الصفحة من التلمود البابلي يومياً.
كما أن عبارة (دفّ يومي ) تعني الصفحة اللازم دراستها ليوم معين من السنة. كما يسمونها أيضاً اختصاراً بالـ (دف)، كأن تقول سأدرس هذا المساء دفاً .

العمود :
مرّ معنا اعلاه استخدام عبارة (عمود ) للدف ، الذي في ذات الصفحة . ومثلما هو معلوم فانه لم يكن للعرب كتابات وصحف ومصطلحات استخدمت من قبل شعوب سبقتهم في الكتابة وفن الكتابة.
ولا يخفى دور اليهود في النشاطات المطبعية، منذ أن أخترعت آلات الطباعة، فأسسوا المطابع اينما وجدت جاليات لهم في الشتات. ومن بين هذا الاماكن دول الشرق في الحقبة العثمانية. إضافة الى كون اليهود كانوا من أوائل من كان لهم الفضل في اختراع وتطوير الصحف والصحافة. واستخدموا المصطلحات العبرية والاوربية في المجال الصحافي، وواحدة من العبارات التي تدين فيها الصحافة الشرقية للعبريين أنهم اطلقوا على أقسام الصحيفة بالعمود والاعمدة ، وعبارة العمود (كتقسيم للصحيفة ـ الدفّ ) دخلت في عالم الصحافة الشرقية بواسطة المطبعيين وأصحاب اوائل الصحف اليهود في تاريخ الصحافة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - عمود
محمد بن عبدالله عبد المذل عبد المهين ( 2015 / 5 / 20 - 15:25 )
شكرا على البحث الممتع

لكن لماذا أرجعت تسمية العمود في الصحف إلى اليهود في الشرق؟
أصحيح أنهم كانوا من رواد الطباعة؟ وليس معروف منهم إلا يعقوب صنوع الأديب الكاتب أبو نضارة


أليس من البديهي والأرجح أن عمود هي ترجمة من الفرنسية والانجليزية
colone column
التي استخدمت في أوروبا ولا علاقة لها بدين؟


2 - أية قواعد؟
محمد بن عبدالله عبد المذل عبد المهين ( 2015 / 5 / 20 - 19:03 )
أية قواعد يا سادة يا كرام ؟؟؟!!!!

الشكوى لغير الله مذلة


3 - عمود
سيلوس العراقي ( 2015 / 5 / 20 - 19:31 )
بعد اذن الاخوة في التحكم في نشر وحذف التعليقات
أود الرد على تعليق السيد محمد ادناه
عمود
Wednesday, May 20, 2015 - محمد بن عبدالله عبد المذل عبد المهين

شكرا على البحث الممتع

لكن لماذا أرجعت تسمية العمود في الصحف إلى اليهود في الشرق؟
أصحيح أنهم كانوا من رواد الطباعة؟ وليس معروف منهم إلا يعقوب صنوع الأديب الكاتب أبو نضارة


أليس من البديهي والأرجح أن عمود هي ترجمة من الفرنسية والانجليزية
colone column
التي استخدمت في أوروبا ولا علاقة لها بدين؟

الرد : ان الطباعة والصحافة في زمن الدولة العثمانية ، كان من روادهما اليهود الذين أجلبوها لاغراض خدمة الجاليات اليهودية الدينية منها في أول الأمر.. اما حول مصطلح العمود فانه كان مستخدما في العبرية منذ قبل اختراع آلات الطباعة ومن ثم الصحافة، حيث استخدام مصطلح (عمود) في طريقة تنظيم كتابة وقراءة مخطوطات التلمود والكتب الليتورجية اليهودية الذي سبق استخدام المصطلح في الصحافة،اضافة الى دور اليهود ليس كديانة في تأثيرهم في الطباعة وفي الصحافة في اوربا منذ نشوء هذه المهنة التي نقلت بعض المصطلحات القديمة في المخطوطات الدينية الى المجال الجديد،تحية

اخر الافلام

.. لحظة إسقاط مسيرة إسرائيلية بعد استهدافها في أجواء جنوبي لبنا


.. كيف ستتعامل أمريكا مع إسرائيل حال رفضها مقترح وقف إطلاق النا




.. الشرطة تجر داعمات فلسطين من شعرهن وملابسهن باحتجاجات في ا?مر


.. مظاهرة في العاصمة الفرنسية باريس تطالب بوقف فوري لإطلاق النا




.. مظاهرات في أكثر من 20 مدينة بريطانية تطالب بوقف الحرب الإسرا