الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الكليات الأهلية.. نشاط في التأسيس وتخريج غير مكتمل

صادق الازرقي

2015 / 5 / 23
التربية والتعليم والبحث العلمي


ظلت قضية الكليات الاهلية في العراق، تراوح في مكانها طيلة السنوات الماضية، برغم الانفتاح الكبير على العالم والمنجزات العلمية، فوقعنا بذلك في إشكالية كبيرة، تمثلت في تزايد اعداد تلك الكليات والمتخرجين فيها والشهادات التي تمنحها؛ في الوقت الذي لم نشهد تغييراً جوهرياً فيما يتعلق بأوضاع التعليم، وبمجمل المرافق الحياتية التي تتعلق بدراستها تلكم المؤسسات وتلك الشهادات. ومن المعلوم ان اعداد المتخرجين في الإعدادية في تزايد مستمر، في حين يظل عدد الجامعات الحكومية محدوداً، وانها غير قادرة على استيعاب جميع الخريجين، ويذكر احد التقديرات ان عدد الجامعات المرتبطة بوزارة التعليم العالي والبحث العلمي العراقية 36 جامعة، في حين يبلغ عدد الكليات الأهلية المجازة رسمياً بموافقة الوزارة ومجلس الوزراء 43 كلية أهلية .وتتمحور الإشكاليات حول الاعتراف بشهادات الجامعات الاهلية المرتبط اساساً بمستوى التعليم فيها، وقد حذرت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي "الطلبة من خريجي الدراسة الاعدادية من التسجيل في الكليات الاهلية غير المعترف بها"، كما ان وزارة التعليم العالي والبحث العلمي في حكومة اقليم كردستان قررت "عدم اعترافها بشهادات التخرج في الجامعات والكليات الأهلية من خارج الإقليم"، معللة ذلك بأن "صيغة الدوام فيها ليست كما يلزم فضلاً عن أن معايير القبول فيها متدنية كثيراً اذا ما قورنت بالقبول في الجامعات الاهلية في الإقليم"، وطالب الوزير بعدم منح امتيازات للطلبة المتخرجين في هذه الكليات.
اما فيما يتعلق بالطلبة، فقد نظم طلبة كلية بلاد الرافدين الاهلية في ديالى، في الموسم الدراسي الحالي احتجاجات أمام وزارة التعليم العالي، رداً على قرار الوزارة عدم الاعتراف بخمسة اقسام في الكلية من أصل تسعة، ومثل ذلك فعل خريجو كلية العراق الأهلية في محافظة البصرة.
من المعلوم ان بلدان أوروبا و الولايات المتحدة الأميركية، تعطي الكليات الأهلية دوراً كبيراً في بناء بلدانها، وقد اسهمت تلك الكليات بقسط كبير في انجاز التقدم العملي والتقني الذي شهدته وتشهده تلك البلدان؛ التي لا غنى لها عن التعليم الخاص الذي بات يشكل ضرورة ملحة امام الطفرات العلمية والتقدم التكنلوجي، وعلى سبيل المثال، في المانيا وبحسب الاستطلاعات فانه عند المقارنة بين الجامعات الخاصة والحكومية لوحظ ان الرغبة تتجه الى الجامعات الخاصة، التي من اهم عناصر نجاحها بحسب تلك الاستطلاعات "المستقبل المهني والخدمات التي توفرها الجامعة والأجواء التي تسودها"؛ وبالإشارة الى الارقام فان عدد المؤسسات الجامعية الخاصة حالياً في المانيا يبلغ أكثر من 100 بين جامعات ومعاهد عليا خاصة، وتأتي هامبورغ في صدارة المناطق الألمانية من حيث عدد الطلاب والجامعات الخاصة.
وتبين الاستطلاعات، ان من بين الأسباب التي تشجع الطلبة الألمان على الالتحاق بهذا الصنف من الجامعات والمعاهد "اعتمادها على برامج دراسية عملية تتطابق ومتطلبات سوق العمل، فضلا عن التزام بعضها مع شركات بعقود شراكة وتعاون، يحصل الطلبة بموجبها على فرص للتدريب واكتساب الخبرة في داخل مؤسساتها، الأمر الذي يرفع من حظوظ الطلبة ويمنحهم الامتياز داخل سوق العمل".
وبملاحظة ذلك، نرى ان الجامعات الخاصة في المانيا ومثل ذلك في عموم أوروبا وأميركا، هي التي تضمن المستقبل الوظيفي لطلابها وليست الجامعات الحكومية، وذلك هو الفارق بيننا وبينهم، اذ اننا لم يزل لدينا نزوع الاعتماد على الحكومة في كل الأشياء، وأول تلك الأشياء الاعتماد عليها كمصدر وحيد واوحد للتعيين والتوظيف، وهذا خطر كبير وقاتل لروح الانسان ورغبته في التطور والتجدد؛ وبرغم ان مشكلات أخرى تبرز لدينا هنا عند مقارنة انفسنا بتلك البلدان تتعلق بإخفاقنا في تفعيل المؤسسات الإنتاجية ومؤسسات وشركات القطاع الخاص، فان ذلك يمثل جزءاً من الإخفاق الهائل، الذي تمارسه المؤسسات في الدولة، التي أدت سياساتها الاقتصادية والأمنية غير الفاعلة الى لجم سوق القطاع الخاص وإماتته، فأعدنا بذلك الدورة القديمة البائسة، التي يعتمد فيها سوق العمل كلياً على الحكومة، وهو امر يجب الا يتواصل، لأنه اذا استمر فلن يشهد الوضع لدينا أي تطور او تحسن؛ ما يحز في انفسنا، ان مناطق الجنوب والفرات الأوسط وبعض مناطق الوسط وحتى في بغداد تشهد استقراراً امنياً واضحاً، ولكن الإجراءات الحكومية الخاطئة في مجال الاستثمار و تفاقم الفساد المالي والإداري، ضيع علينا فرصة البناء والإفادة من خريجي الجامعات الخاصة وتطوير مناهجها، الذي يرتبط أساسا بسوق العمل والإنتاج.
ان تفعيل مكانة الكليات الخاصة في العراق، يستدعي الالتفات الى الدور المطلوب منها الذي لا يمكن مواصلة عملية البناء على النحو الأسلم من دونه، وذلك يتطلب امرين رئيسين، أولهما يتعلق بالحكومة التي يتوجب عليها ان تنطلق من رؤية اقتصادية شاملة، تضع عملية بناء البلد وتصنيعه على سلم أولوياتها؛ والامر الآخر يتعلق بالجامعات نفسها التي عليها ان تطور مناهجها، بما يواكب التطور العلمي الحاصل في بلدان أخرى لاسيما في الدول المتقدمة؛ التي اعتمدت في تطوير تعليمها على منجزاتها نفسها ومراكز ابحاثها التي تراكمت معرفتها وتراكمت خبراتها على مر السنين والأيام وخرجت وتخرج اجيالا من العلم والعلماء والبناة، لا ان تعطي شهادات "دكتوراه" من دون "دكاترة" حقيقيين.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مظاهرة أمام وزارة الدفاع اليابانية رفضا لشراء طائرات مسيرة م


.. عادل شديد: مسألة رون أراد تثير حساسية مفرطة لدى المجتمع الإس




.. دول غربية تسمح لأوكرانيا باستخدام أسلحتها لضرب أهداف داخل رو


.. ما دلالات رفض نصف ضباط الجيش الإسرائيلي الاستمرار بالخدمة بع




.. أهالي جباليا يحاولون استصلاح ما يمكن من المباني ليسكنوها