الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل نعرف ذواتنا ؟ ( 2)

حسين نور عبدالله

2015 / 5 / 25
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


عرف أرسطو الانسان بأنه الحيوان الناطق مستبقا كتاب أصل الأنواع بقرون عدة , لم ينظر أرسطو الى الهياكل كداروين بل نظر الى اهتمامات الانسان أو بالأحرى ماهو الانسان .
هنا أجتمع أرسطو وداروين في ملاحظتهما للانسان من الخارج وتعريفه على هذا الاساس فكان مصيرهم أن يحبسوا في السجن الذي حبس فيه جواتيما قبل أن يستحيل بوذا ...
في قصر بوذا أو سجن المظاهر حرم على جواتيما النظر الى كل ماقد يكدر مزاجه فلم تعتد عيناه الا الرقص ولم تسمع أذناه الا الطرب .
جثة وامرأة مسنة ومريض يتأوه وناسك تائه بحثا عن ذاته في مرحلة السانياسين الهندوسية كانت كفيلة بأن تجعل بوذا يترك أرسطو وداروين وأرستبوس القورينائي صاحب فلسفة اللذة أساس الحياة في ذلك القصر لينضم الى سقراط وأفلاطون وراما كرشنا وكونفوشيوس ومحمد وعيسى وغاندي وموسى ولاوتسيه وابراهيم وزرادشت وابا ذر وصاحب الزنج .
هؤلاء عظام لأنهم عرفوا ذواتهم ومن ثم أناروا العالم بروعتهم , فهل نعرف ذواتنا ؟
لا يمكن أن نعرف ذواتنا حتى نعرف أن الملذات الحسية كالمأكل والمشرب والجنس ليست طريقا الى السعادة حيث أن كثرتها مفسدة والقليل منها مؤذي .
وقد تكون هذه من المسلمات في زماننا اليوم , و لكن مازال الانسان أسير جسده حيث انه يربط السعادة بالملذات الحسية { الشهرة – المال – السلطة } حيث البشر أفرادا وجماعات يسعون الى السعادة عن طريق هذه الملذات حتى يصلوا اليها فيرونها سرابا قد تبخر بل زادتهم الما وتوها .
وهذه الملذات هي نتاج الأنا العليا كما يسميها فرويد حيث أن هذه الانا بعدما تضمن مآكلها ومشربها تبحث عن تحقيق ذاتها عبر هذه المسميات كما يتضح في هرم موسلو الاحتياجي .
ولذلك قال فرويد أن الانسان عبارة عن رغبة أنانية تريد الخير لنفسه لا أكثر , ولكن هل هذه الرغبة خاطئة ؟ وهل هناك من لا يحب الخير لنفسه ؟ .
لا يوجد شخص لا يحب الخير لنفسه فالأمر ليس بذاك السوء الذي قال به فرويد , والكل يبحث عن السعادة ولكن الاشكالية تكون ماهية هذه السعادة وكيف تكون ؟
وضعت الفلسلفات الرواقية والابقورية والقورينائية اجابات لهذا السؤال , فيما كان فلسفات الشرق الاقصى ودياناتها أفضل من أجاب على هذا التساؤل كالبراهمة الجزء المكون للانسان ولكن مغطى بستر عديدة في الهندوسية والعجلة التي خرجت من مسارها فأصبح محورها محورا خاطئا وجب تعديله .
وأيضا في الأديات المرتبطة بالسماء كالمسيحية والاسلام واليهودية حيث قدم أنبيائها فهما عظيما تم تحريفه من قبل الكهنة فما أعظم الانبياء وما أسوء الكهنة ..
ولنتأمل المال ونرى هلل يرتبط بالسعادة , فلكي تحفظ الفا تحتاج الى الف أخرى وان كنت في عالمنا العربي فلا تدري متى سيغيل عليها الحاكم فيذرك صفرا ما يعني أن المال الذي رأيت أنه سيجعلك غير محتاج الى أحد جعلك أكثر احتياجا وكلما زاد مالك زادت حاجتك الى حفظه .
فلو تأملنا قاطع طريق يغيل على جماعة ما سترى أكثر من يخشاهم الغني وأكثر من سيصفر بسعادة كما وصف بويثيوس هو الذي لا يملك شيئا .
الدعوة ليست زهدا كما يقول به كهنة الاديان بقدر ماهي محاولة اخراج مفهوم السعادة من المال وجعل المال مجرد وسيلة وليست غاية .
كذلك الشهرة فلن تأتي اليك حتى تنزع عنك براءة الحياة وتصبح تحت المجهر وتكون علاقاتك مجرد علاقات ظاهرية تفتقد الى العمق .
ومهما بلغت شهرتك فهي مرهونة باللغة والمجال الذي تنتمي اليه مايعني انك غير معروف في اي بيئة تخلوا منهما ! .
الشهرة قد تكون نتيجة عمل جبار كأنشتاين وتوماس أديسون وبيليه وشابلن وبيتهوفن وغيرهم , ولكن كل العظماء لم يجعلوا الشهرة غاية بل أتتهم كنتيجة حتمية لأعمالهم الجليلة .
فان كنت تتوق الى الشهرة فاعمل عملا عظيما تستحق ان تذكر به ولا تتبع الطرق المبتذلة لكي تحوز عليها ! ...
بقي لنا الحكم هل السعادة تنتمي اليه ؟ وماذا عن الصلاة والزكاة وسائر مايقول به المتدينون ؟ هل هم سعداء ؟ هذا ماسنتحدث عنه في مقالنا القادم ...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بدء التوغل البري الإسرائيلي في رفح


.. طفل فلسطيني ولد في الحرب بغزة واستشهد فيها




.. متظاهرون يقطعون طريق -أيالون- في تل أبيب للمطالبة الحكومة بإ


.. الطيران الإسرائيلي يقصف محيط معبر رفح الحدودي




.. دول عربية تدرس فكرة إنشاء قوة حفظ سلام في غزة والضفة الغربية