الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


احمرار، وزرقة، وأصابع

حسن يوسف عبد العزيز

2015 / 5 / 28
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات



تمر الحكايات أمام عيني مشوهة غريبة غير مفهومة ، الحكاية الأولى حين كنت على مشارف السنة الرابعة من عمري، تأتي الذكرى دائما إلى عقلي مشوشة كذلك الخط الذي كان يرتفع وينخفض في شاشات التليفزيون قديما.كنت اجلس مع ابن الجيران وربما دفعنا الاستكشاف وحب الاستطلاع لمعرفة هذا الاختلاف بين أعضائي وأعضائه.ببراءة طفولية رفعت فستاني وانزل بنطلونه، يومها أخذت "علقة سخنة" من أمي ظلت علامات الاحمرار على جسدي لأيام، وظلت علامات أخرى محفورة في قلبي ومشاعري لم يمحها مرور الزمن.

لماذا يجلسني هذا الرجل في حجره لأوقات طويلة يهدهدني ويرفعني بهز أقدامه لأعلى وأسفل. اشعر بشئ صلب يتحرك أسفل جسدي.بعد دقائق ينخفض هذا الشئ حتى يتلاشى فينزلني من على حجره.لم افهم كل ما حدث إلا حين كبرت، لم تحذرني أمي أبدا من الكبار كانت دائما تحذيراتها تنصب على أقراني من الأطفال .

في الإعدادية بدأ هذا الجني ينفخ صدري -هكذا كنت أتصور-.لم افهم شيئا، ولم يُفهمني أحدا شيئا.لم افهم مثلا لماذا اخرج لي هذا الرجل عضوه الضخم في إحدى الشوارع الضيقة.كل ما شعرت به رعشة في كل أعضائي.ارتعبت .تمنيت أن تنشق الأرض وتبتلعني في بطنها.رحت اجري كالمجنونة واشعر أن شبحه وعضوه الممتد أمامه كسكين يطاردني حتى وصلت البيت وأنفاسي المتقطعة تخرج بصعوبة من انفي.لم تسألني أمي ماذا بك؟! وحتى لو سألتني لم أكن لأخبرها.فمازالت علامات الاحمرار والزرقة الدميمة تلون عقلي وقلبي منذ حكاية ابن الجيران .مازال الخوف يتضخم داخلي كوحش يأكل في وجهه كل شئ جميل أحاول أن اشعر به .

في الثانوية بدأت أثدائي تستدير وتتشكل.تجبرني أمي على ارتداء الملابس الواسعة. ذلك لم يمنع كل تلك النظرات التي تلاحقني منذ الخروج من المنزل حتى الوصول للمدرسة.تساءلت كثيرا ما الذي حدث لكل هؤلاء الناس .انا اعرفهم جميعا منذ طفولتي .لماذا تغيرت نظراتهم نحوي.وانا قادمة ترتفع عيونهم إلى نصفي الأعلى وحينما أتحرك للامام ويصبحون خلفي تنزل أعينهم للأسفل.

كل زميلاتي في المدرسة كن على علاقات بشباب آخرين، بعضهم أقراننا في مدارس البنين والأكثرية شباب اكبر في الجامعات او حتى ربما اكبر من ذلك بكثير، كن يحكين لي كثيرا عن هذه العلاقات فهن يثقن بي.لم أفكر يوما في أقامة علاقة مع احد مثلهن، كنت أخاف كل الرجال وأخشى سكاكينهم الممتدة نحوي.حتى الأطفال الصغار كن يثرن خوفي وحنقي وغضبي، سيكبرون يوما ويصبحون كهؤلاء "الزومبي" الذين يأكلون جسدي بعيونهم كل دقيقة في الشارع.تخبرني صديقتي بعلاقتها مع حبيبها وذهابها له في الشقة ،تقول لي وهي تضحك ساخرة من علامات المفاجأة التي اعتلت وجهي "كل البنات اللي حواليكي دول بيعملوا كده .طالما بتحافظي على ده –وأشارت إلي ما بين فخذيها- اعمل كل اللي انتي عايزاه!!!" .

كنت موهومة حين قلت لنفسي لن أكون مثل هؤلاء الفتيات وسأحافظ على جسدي .جسدي الذي صار مشاعا تتقاسمه أيادي كل الرجال. الأطفال والمراهقين والشباب والعواجيز.كل سنتيمتر في جسدي يحمل أثار أصابع احدهم. في المرة الأولى ولا زلت أتذكرها كأنها الآن اخترق إصبع لم أتبين صاحبه في الزحام مؤخرتي.لم افهم شيئا ،لم اشعر بنفسي إلا وانا في حجرتي ابكي بحرقة ، في كل المرات التي تلتها لم تخرج من عيني دمعة واحدة.لازلت لا افهم لماذا يحدث كل هذا، أقنعت نفسي مرات عديدة أن جسدي هو المشكلة !!. في الشارع، في البيت، في الأوتوبيس، في المدرسة، في العمل حتى في المسجد.لا يوجد مكان امن. لا يوجد مكان لا تمتد فيه أياديهم نحو أعضائي.تخترقها بلا رحمة.تطاردني أصابعهم حتى في أحلامي .كنت احلم بأصابع طويلة كأصابع الساحرات في الأفلام الأجنبية تمتد نحوي.تطاردني.تجري خلفي واستيقظ وانا اشعر باختناق غريب.استيقظ لألقي جسدي المنتهك في الشارع ليجرب أياد جديدة وأصابع مختلفة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صباح العربية | مستشارة أسرية تشرح كيف تؤثر علاقة -الأنتيم- ع


.. حديث السوشال | تفاصيل مقتل ملكة جمال الإكوادور.. وأمطار غزير




.. سكرتيرة الحريات بنقابة الصحفيين السودانيين إيمان فضل السيد


.. الحسكة في يومهم العالمي على العمالات الانضمام للنقابات وا




.. الصحفية المستقلة حواء رحمة