الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العفو العام أهم لوازم المصالحة الوطنية

زيد كامل الكوار

2015 / 5 / 28
المجتمع المدني


العفو العام أهم لوازم المصالحة الوطنية
منذ عشرات السنين والعراق ما زال يعاني ظاهرة جائرة، وهي الاعتقال التعسفي ، والذي ينم عن الظلم والقسوة وهو أبعد ما يكون عن الإنسانية والتمدن والتحضر ، فالوطن العربي والعراق خاصة ، ومنذ العهد الملكي ، وبعده عصر المد القومي وثورات التحرر من الاستعمار الأجنبي ، وهو يشهد حكومات بوليسية تعتمد في تعاملها مع المواطن ، على أنه عنصر مشكوك في ولائه ووطنيته ، فهو مراقب ومحاصر بشتى أنواع الخطط الأمنية التي تحد من حريته الشخصية والفكرية ، بل حتى حريته العقدية ، فالاعتقاد في العراق منذ الأزل محددا بعقيدة السلطة التي تفرض اعتقادها على شعوبها بصورة غير مباشرة ، بل تصل في أحيان وظروف معينة ، إلى أن يكون فرض العقيدة والمعتقد بصورة مباشرة حين يظهر للعيان اضطهاد الحكومات الواضح والقاسي لمخالفيها في الرأي والعقيدة . فالاستبداد السياسي في الرأي واتخاذ القرارات الفردية على النمط الدكتاتوري ، كان المظهر العام والجامع الأول الذي اتفقت عليه كل الحكومات التي تعاقبت على حكم العراق ، أما العدالة الاجتماعية التي تشكل حلم الإنسان الأول في كل المجتمعات البشرية على مر العصور ، لا في العراق فحسب ، بل في العالم أجمع ، فحرية الدين والمذهب والمعتقد السياسي والرأي والتي تعد اليوم من أهم مقومات وشروط تحقيق المجتمع الحضري المدني الديمقراطي ، وهي ما افتقده العراق ويفتقده طيلة هذه الفترة القلقة ، وقد زاد الطين بلة انتقال العراق من الدكتاتورية العلنية بعد انتهاء حقبة حكم البعث ، إلى العصر الجديد عصر التغيير الديمقراطي ، الذي عكر صفوه وشوه صورته الإرهاب من جهة والفساد المالي والإداري والنهج المحاصصاتي الطائفي المقيت من جهة أخرى ، والذي خلق ديكتاتوريات مقيتة متعددة مختبئة خلف ستار الشفافية المعتم الداكن ، وكل هذه الجزئيات من نتائج التغيير الذي حصل بيد غريبة محتلة غاشمة ، أحدثت في المجتمع العراقي زلزالا ، لم يدع للمواطن العراقي فرصة التقاط أنفاسه ليتأمل المشهد بروية ، وما زاد الموقف تعقيدا ، تداخل الصور في مسألة مقاومة الاحتلال التي أفرزت فصائل متعددة إسلامية على اختلاف مشاربها المتعددة التي تلونت بألوان مكونات العراق المتعددة ، وأخرى سياسية ، فكان هذا الطيف الواسع مدعاة قلق أمني كبير لدى السلطات المحتلة ، التي تلقت ضربات عنيفة موجعة ، وأمام عجز الاحتلال عن الخروج من الأزمة والورطة بحل دبلوماسي مشرف ، زرعت وبخبث ولؤم كبيرين بذرة الطائفية الأولى في الوسط السياسي العراقي الذي كان مؤهلا من البداية لهذه التسميات الطائفية والتوزيع المدروس المتفق عليه سلفا ، فكان الشد والتوتر الطائفي الذي عم العراق على مدى سنوات عدة ، وبعد خروج قوات الاحتلال الأمريكي وفق اتفاقية الانسحاب الكامل من العراق . فلما ترك الاحتلال الساحة العراقية شاغرة ألا من قوات أمنية بسيطة عدة وعددا وكفاءة ، ما ترك الشارع العراقي تحت رحمة السلاح غير الشرعي والمنفلت ، فوضعت هذه الأوضاع الشاذة المرتبكة الحكومة العراقية في موضع اتهام المواطن كل مواطن على انه موضع شك وريبة حتى يتم التحقق من أمره ، فبدأت الاعتقالات العشوائية ، في الأعم الأغلب ، وحبسهم احتياطيا على ذمة التحقيق بلا مذكرات قضائية ، وتركهم داخل المعتقلات لفترات طويلة ، وعضد هذا الخرق الديمقراطي الكبير انحياز السلطة القضائية وعدم حياديتها ، وتبعيتها الواضحة والعلنية للحكومة السابقة ، فقامت الحكومة بملء السجون بالمعتقلين الأبرياء وترهيبهم وإجبارهم عن طريق التعذيب القاسي على الاعتراف بجرائم لم يرتكبوها لتسجيل إنجاز أمني مزعوم بإعلان القبض المستمر على المجرمين . فالسجون العراقية تغص اليوم بعشرات الآلاف من المعتقلين الأبرياء الذين إن لم ينصفوا ويستردوا حريتهم وحقوقهم والتعويض الكامل ، فلا يتوقعن أحد أن ينسى هذا المعتقل ما حل به أو يغفر ، هذه واحدة من دواعي إقرار قانون العفو العام ، ناهيك عن الرحمة بالأبرياء المعتقلين أو بعائلاتهم ، التي عانت الأمرين طيلة فترة اعتقالهم ، لذا فقد أصبح العفو العام أهم لوازم المصالحة الوطنية ، التي تستدعي في شروط تحقيقها على أسس صحيحة ومتينة ، أن ترفع المظلوميات كلها وتحقق المحبة والتآلف بين مكونات العراق الجميلة المتنوعة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. آلاف الإسرائيليين يتظاهرون في تل أبيب للمطالبة بإطلاق سراح ا


.. نشرة إيجاز بلغة الإشارة - استشهاد طفلين بسبب المجاعة في غزة




.. أمريكا.. طلاب مدرسة ثانوي بمانهاتن يتظاهرون دعما لفلسطين


.. وفاة 36 فلسطينيا في معتقلات إسرائيل.. تعذيب وإهمال للأسرى وت




.. لاجئون سودانيون عالقون بغابة ألالا بإثيوبيا