الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ثقافة الانتماء وقبول الآخر

زيد كامل الكوار

2015 / 5 / 29
المجتمع المدني


من الطريف أنني وقبل أن أشرع في كتابة هذه الكلمات ، كنت في محاورة لطيفة مع أحد الأعزاء الذين لا أستغني عنهم ، بل أقول لا أغناني الله عنه ، كنا نتكلم عن المجتمع العراقي ومشكلته التي تتخذ موضع عين القلادة بين مشاكل العراق التي لا تحصى ولا تعد ، ألا وهي افتقار الكثير من أفراد المجتمع العراقي ، إلى ثقافة قبول الآخر، وما ذاك إلا أن المجتمع العراقي مليء بالأمراض الاجتماعية ، فمجتمعنا قبلي بامتياز تحكمه نزعة الولاء والتسلط ، حتى على مستوى المجتمع الحضري الطارئ ، قريب العهد بالبيئة الريفية الفلاحية ، فلم يتأقلم النازح المهاجر من الريف إلى المدينة ، مع المجتمع الحضري المستقر منذ أمد بعيد ، حتى بعد مرور عشرات السنين على هجرته من الريف إلى المدينة ، حيث بقي هذا المهاجر يشعر بأنه غريب نوعا ما عن هذا المجتمع الذي يتباين في قيمه وثقافته ، لا كما تعود في المجتمع الريفي الذي غالبا ما يتكون من شرائح متشابهة إلى حد كبير في القيم والأخلاق والثقافة ، ويكون التباين فيه بسيط نسبيا، لتشابه العادات والتقاليد لأن المجتمع الريفي ، في الأعم الأغلب يتكون إما من عشيرة واحدة لها التقاليد والأعراف والقيم ذاتها ، أو أن يتكون هذا المجتمع ، من عشائر مختلفة ، لكنها متصاهرة وتربطها علاقات نسبية عائلية أنتجت فيهما عادات وقيما مشتركة ، ذاك الشعور النسبي بالغربة الذي يشعر به النازح إلى المدينة والمهاجر ، أوجد حواجز وفواصل نفسية بينهم وبين المجتمع الحضري الذي يكون على الأغلب غير مهتم بالتواصل مع جيرانه بالقدر الذي اعتاده أبناء الريف الذين اعتادوا السمر في دواوينهم العامرة بالسمار من أبناء القرية والقرى المجاورة ، والجميع تربطهم علاقات القربى أو الصداقة أو الجوار . أعود إلى ما ابتدأت حديثي به إذ شطت بي الأفكار بعيدا ، قلت لصاحبي أن في الهند منذ بداية القرن الحادي والعشرين ، مائة وأربعة وثمانين دينا جديدا ، لم تكن موجودة في القرن العشرين ، حتى لقد أصبح عدد الأديان في الهند يتجاوز الست مائة دين وطائفة ، وعل ما يبدو " ومن قبيل الطرفة لا أكثر ، أن في الهند سعة محددة لكل دين من الأديان فلا يقبل الزيادة على العدد المحدد سلفا ، ما يستدعي استحداث أديان جديدة بين الحين والآخر بسبب زيادة السكان السنوية الكبيرة هناك " ، ومع كل هذا التنوع الكبير والديانات التي تبعث أعدادها على التعجب والاستغراب ، تجد أن الناس تمشي في الشوارع والأسواق جنبا إلى جنب ، ويتعاملون بينهم بكل سلاسة وهدوء ، على أساس تبادل المنفعة والخبرات والتجارب الحياتية، تجمعهم المواطنة السليمة واحترام الآخر وتقبله ، وبما أن المجتمع الهندي لا يخلو من السلبيات التقليدية في المجتمعات الشرقية ، مثل الجهل وإعطاء التقاليد الموروثة القديمة أكثر من حقها الذي تستحقه ، لكننا نجد أن المجتمع الهندي يتفوق علينا في ثقافة تقبل الآخر ، واحترام المعتقد والحريات الشخصية ، ويرجع سبب ذلك في رأيي الخاص المتواضع إلى التثقيف السياسي الممنهج وعلى أسس سليمة ، يضاف إليه اكتواء الهنود بتجارب التطهير العرقي والديني التي عادت على المجتمع الهندي بويلات كثيرة في القرن الماضي ، ولم ينسها الشعب الهندي ولن ينساها ، وجعلت هذه الأحداث القديم من الشعب الهندي شعبا محبا للسلام كارها للحرب ، يعلم قيمة السلام وغير مستعد تحت أية ظروف أن يضحي بمكسب السلم الأهلي المتحقق ، علينا سادتي الأكارم أن نتعلم تقبل الآخر ، على ما فيه من عيوب لا أرتضيها لنفسي ، فإن كنت أفضل منه فعلا فعلي أن أهذب نفسي وأنزهها عن تلك العيوب ففي النهاية فإن حسناتي في أعين الناس محسوبة لي وعيوبه محسوبة عليه ، فلا يضيرني عيبه ولا تنفعه حسناتي ، فلا تزر وازرة وزر أخرى ، وكلنا يعلم أن لا إنسان خال من العيوب ولا أحد من الخلق كامل الصفات بلا عيوب ، وقد قال الشاعر
( ومن ذا الذي ترضى سجاياه كلها * كفى المرء فخرا أن تعد معايبه )
ففي الناس وهذا حقيقي من لا تحصى عيوبه ، ولو أجهدت نفسك غايتها على أن تجد فيه حسنة واحدة فلن تجد .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الأمم المتحدة ترحب بالهدنة التكتيكية جنوبي غزة| #غرفة_الأخبا


.. الجيش الإسرائيلي يعلن -هدنة تكتيكية- في جنوب قطاع غزة والأمم




.. بكين تفرض قواعد جديدة في -بحر الصين الجنوبي-.. واعتقال كل من


.. المتحدث باسم اليونيسيف يروي تفاصيل استهداف الاحتلال أطفال غز




.. مأساة إنسانية في غزة.. أكثر من 37 ألف قتيل ونصف مليون تُحاصر