الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


جيش العراق 00 بيت الأخوة والمحبة

زيد كامل الكوار

2015 / 5 / 30
المجتمع المدني



يتذكر العراقيون جميعا وعلى اختلاف مشاربهم وألوانهم ، وقبل سنين قليلة في عمر تأريخ العراق ، عندما كان الجيش العراقي يجمع تحت خيمته الكبيرة ، كل العراقيين من دون النظر إلى دين أو مكون ، أو قومية ، فالكل تحت سقف الوطن سواسية في الحقوق والواجبات ، فالخدمة العسكرية الإلزامية لم تستثن أحدا من خدمة العلم ، كانت الخدمة الإلزامية جامعة إنسانية واجتماعية وأكاديمية ، فالمؤسسة العسكرية كانت تحوي ضمن تشكيلاتها الواسعة المتعددة ، مراكز ومعاهد لتدريب المقاتلين ، ليس التدريب العسكري فحسب ، بل كانت هنا مراكز ودورات محو الأمية ، وصنف الهندسة الآلية الكهربائية ، التي كان يحوي في أقسامه معاهد حرفية وفنية ، فدورات تعليم النجارة والحدادة ، والخياطة وسياقة السيارات ، وأنواع أخرى من الحرف المتعددة المفيدة النافعة ، كالميكانيك ، وبالنتيجة فالمؤسسة العسكرية لم تكن لتعليم فنون القتال والأسلحة فحسب بل كانت مؤسسة تربوية وتعليمية ، وتثقيفية وإرشادية ، وكانت بالدرجة الأولى من أهم مرافق الصهر الاجتماعي إن لم تكن الأوسع والأم على الإطلاق . ففي تلك المؤسسة العريقة التقت كل مكونات الشعب العراقي ، فأكلوا من قدر واحدة ، وشربوا من الكأس ذاتها، وتشاركوا المنام والمأكل والمشرب ، فتناقشوا وتحاوروا وتسامروا ، وقضوا مع بعضهم من الوقت أكثر مما قضوا مع أهلهم وذويهم ، فضحكوا ولعبوا وتشاركوا همومهم وشكواهم ، ونشأت بينهم من العلاقات الإنسانية ما امتدت لعشرات السنين ، علاقات أخوية انصهرت في بوتقة المؤسسة العسكرية التي كانت تمثل بحق مصهرا ومسبكا لإنتاج أصلب وأمتن أنواع الرجال الذين كانوا وبحق جسدا واحدا ، في تلاحمهم وتوادهم وتراصهم ، فكانوا البنيان المرصوص الذي وصفه الرسول محمد صلى الله عليه وآله وسلم ، مع فارق بسيط ، وهو إن هذا البنيان المتين لم يكن يقتصر على المسلمين وحسب ، بل كان الجيش جامعا لكل مكونات وأطياف الشعب العراقي الجميلة، فالمسيحي والمسلم والصابئ والأيزيدي ، وغيرهم سواسية في الحقوق والواجبات ، تجمعهم الهوية الوطنية الواحدة الجامعة ، يحمل المسيحي أخاه العراقي المسلم أو الصابئ إذا تعرض لإصابة في ساحة المعركة ، ويحرس العراقي الآيزيدي ، إخوانه العراقيين أثناء واجبه وهم نيام ، من كل خطر داهم ، ومن دون إسهاب في ذكر التفاصيل ، فكل عراقي عاصر تلك المرحلة يحتوي على كم كبير من قصص البطولة والإيثار والتضحية التي تكشف جليا معدن العراقي الأصيل ، وتظهر بصورة واضحة مدى بشاعة الأخلاق الدخيلة التي نجح الاحتلال الأمريكي البغيض في زرع بذرتها وتنميتها وتوفير الظروف الخبيثة الملائمة لنموها في المجتمع العراقي المتماسك ، فالتصفيات الجسدية لأعيان المجتمع العراقي بأيد مجهولة وصبغ محيط الحادثة بصبغة طائفية من حيث مكان الحادث وتوقيته والدلائل المقصودة المتروكة في مكان الحادثة كرسائل توحي بصورة مباشرة أو غير مباشرة ، إلى أسباب طائفية من وراء تلك الحادثة ، كل هذه أسهمت في خلق جو طائفي مشحون . ولم يكن الجيش المصهر الاجتماعي الوحيد في المجتمع العراقي ، فهناك مصهر لا يقل أهمية وتأثيرا عنه ، ألا وهو التعليم الجامعي ، حيث الجامعات العراقية التي تحتضن في قاعاتها مئات الآلاف من الشباب العراقي ذكورا وإناثا ومن كل المكونات الجميلة كذلك ، وقد كان إسهام الجامعات في تمتين اللحمة الوطنية العراقية كبيرا إلى حد بعيد ، فنسبة كبيرة من الأسر العراقية السعيدة المتماسكة ، كانت وليدة الوسط الجامعي الذي نمت فيه علاقات إنسانية جميلة ، أفضت إلى الزواج وتكوين أسرة جمعت بين القوميات والمذاهب بل حتى الأديان في أحايين كثيرة ، ومازال المصهر الأخير منتجا بحمد الله إلا أننا نفتقر المصهر الأول والأهم لأنه يصهر في ما يصهر مستويات متباينة من الثقافات فالمدرس والمعلم والمهندس والاقتصادي وكل أصحاب الاختصاص الآخرين ، سوية مع الأميين من العمال والفلاحين ، بدوا ، وحضرا ، وأبناء ريف ، يتبادلون ثقافاتهم ومعارفهم في ما بينهم بما يثري الحافظة الاجتماعية ويزيد ويرفع الوعي الجمعي في المجتمع . ألم يئن للذين يتولون أمور هذا الشعب الصابر أن يعيدوا إليه لحمته وألفته في جيش متجانس متنوع متكامل .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أطفال فلسطينيون يطلقون صرخات جوع في ظل اشتداد المجاعة شمال ق


.. الأمم المتحدة: نحو نصف مليون من أهالي قطاع غزة يواجهون جوعا




.. شبح المجاعة.. نصف مليون شخص يعانون الجوع الكارثي | #غرفة_الأ


.. الجنائية الدولية.. مذكرتا اعتقال بحق مسؤولَين روسيين | #غرفة




.. خطر المجاعة لا يزال قائما في أنحاء قطاع غزة