الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ثقافة الخوف وإمبراطورية الدم الفصل الأول: مفاهيم وقضايا (4) الإسلام والإرهاب

بير روستم

2015 / 5 / 30
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


سوف نتناول في هذه الحلقة؛ الموضوع الإشكالي اليومي للمنطقة وثقافتها والتي يعاني منها كل شعوب العالم وراحت بنتيجتها الآلاف من الضحايا والقرابين وخسرت المنطقة ملايين الدولارات نتيجة ممارسات تلك المجاميع للعمليات الإرهابية والذين ما زالوا يمارسون الفكر الإقصائي والإلغائي بحق الآخر المختلف ثقافياً دينياً وحتى مذهبياَ وكإمتداد لفكر إرهابي تضرب بجذوره في الأعماق التاريخية للمنطقة وهم يمارسون أقصى أشكال العنف والإرهاب والجرائم الإنسانية كجزء من ثقافتهم العنفية.
نعم موضوعنا لهذه الحلقة النقاشية سيكون ضمن الفكرة القائلة؛ لما الإرهاب هي فقط ضمن البلدان والمجاميع الإسلامية وكجزء من ثقافة ونتاج مجتمعاتنا .. وبكلمة أخرى؛ ما الذي يدفع لأن يكون العنف والإرهاب مقبولاً في مجتمعاتنا ويدفع بإنسان لأن يشد على خصره حزاماً ناسفاً أو يوجه طائرة نحو مبنى يضم آلاف الناس المدنيين ومن أعمار وأعراق وديانات ومذاهب مختلفة ليفجره فوق رؤوسهم جميعاً _مع العلم إن الإختلاف والتباين لا يبرر قتل الآخر_ ويجعل من ذاك البناء الشاهق والأجساد البشرية ركاماً من الطوب والأجساد البشرية.
بالتأكيد هناك "مبرر" ودافع قوي لكي يدفع أحد الإرهابيين _أو ما يسمون بـ"المجاهدين"_ إلى القيام بعمليته في تفجير نفسه بالآخر فهو بذاك لا يفقد الآخر فقط حياته، بل هو نفسه يفقدها وهو مقتنع بذاك تماماً وسعيد بالعملية الإرهابية. بمعنى؛ إن لم يكن هناك فوزٌ وربحٌ عظيم _بحسب قراءة ومفاهيم هؤلاء للقضية_ لما قام أحدهم بهكذا عمليات إرهابية تفجيرية وهو يقدم حياته بكل إسترخاص وسهولة ودون أن يتردد لحظة في التراجع عنها وذلك إن لم يكن هناك مكاسب أعظم من ملذات الحياة نفسها في ثقافة هؤلاء المجاميع التكفيرية. لذلك ولكي نفهم هذه المعادلة و(الحكاية) ونقترب من الحقائق والدوافع الكامنة وراءها _أي وراء قضية العمليات الإرهابية في الفكر الإسلامي_ علينا أن نبحث عن الجذور الثقافية لها في ثقافتنا وعقائدنا وتراث المنطقة ومجتمعاتنا الإسلامية.
وهكذا وقبل كل شيء؛ فإن عدنا إلى النص القرآني وكذلك ما ترك لنا من آثار وتراث ونصوص فقهية دينية، إن كانت من أحاديث نبوية أو إجتهادات الفقهاء والمشرعين وعلماء الدين الإسلامي وكتاباتهم وتفاسيرهم حول النصوص والحدود والعقيدة .. فأننا سوف نجد المئات، بل الآلاف من الأمثلة والشواهد التي تدفع بالمريدين والأتباع إلى هكذا عمليات إرهابية تكفيرية بحق الآخر المختلف، ولكون الحلقة البحثية وزاوية القراءة هنا لا تسمح بالتفصيل الوافي فإننا لن ندخل في التفاصيل وسوف نكتفي وبإختصار شديد أن نبدي رأينا وقناعاتنا ببعض القضايا والمسائل.
بدايةً ..وللأسف فإن الآخر في الفكر الإسلامي هو "كافر" وعلينا مقاتلتهم ومحاربتهم وهناك الكثير من الآيات التي تقول بذلك ومنها: "قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون" (سورة التوبة) وكذلك {فَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَأُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ*} [آل عمران: 56]. طبعاً يمكننا الإتيان بالكثير من الآيات التي تكفر الآخر ويجعل منه "مشروعاً للقتل والجريمة" وخاصةً عندما تدفع بالمريد والتابع و"المؤمن العقائدي" في الإسلام بأن بقتله لذاك "الكافر" سوف يكسب الكثير، بل سيكون شهيداً ومن أهل الجنة إن مات دون تلك العملية الإرهابية.
بكلمة أخرى؛ إن "الكافر" هو عدوه وعدو الله ويجب أن يقتل _طبعاً إن لم يعلن إيمانه_ وهكذا فإن التابع والمريد الإسلامي وفي قناعاته الإيمانية الدينية هو الرابح والفائز دائماً؛ فإن قتل "الكافر" فله حسناته وثوابه عند رب العالمين وإن مات دون الوصول إلى قتل "الكافر الملحد" فهو شهيد عند ربه وفي جنان الخلد حيث الآية تقول: "وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ (169) فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُواْ بِهِم مِّنْ خَلْفِهِمْ أَلاَّ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ (170) يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ (171)" (سورة آل عمران من الاية 169 الى الاية 171). وهكذا فإن "المسلم الإرهابي" هو فائز في المسارين؛ إن قَتَل أو قُتل .. وبهذه العقلية فمن الطبيعي أن يتسع رقعة ومساحة الإرهاب في فكرنا ومجتمعاتنا الإسلامية بحيث تصل لدرجة إبتلاعنا جميعاً.
ولذلك ولكي نغلق الطريق أمام هذه الآفة المجتمعية علينا بدايةً بتقبل الآخر المختلف عنا ومعنا في الرأي والقناعات والمبادئ، ولكي تكون لنا القدرة على البدء بهذه الخطوة علينا أن نغير الكثير من قناعاتنا وأفكارنا وأن نتخلى عن الكثير من القصص والحكايات التاريخية ونتركها كجزء من ثقافة الماضي ولا نحملها لواقع اليوم ونحكم بها على الأرض كجزء من الشرائع والقوانين التي تقبل الحكم والعمل بها في كل الظروف والأزمان .. لكن هذه القضية؛ أي ترك الكثير من الفكر السلفي للتاريخ الماضوي وكجزء من الثقافة الشعبية الأسطورية سوف تكون لها توابعها وتداعياتها وهي تشبه لدرجة كبيرة حكاية الكاتب (توفيق حكيم) في طلب إبليس أن يصبح مسلماً حيث بإسلامه سوف يتغير الكثير من الإسلام، بل ربما ينسف الإسلام من الجذور .. لكن وبكل الأحوال فإنه من الأفضل أن نخرج الإسلام من حياة مجتمعاتنا لتبقى في الجوامع كما كان في البدايات.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مقيدون باستمرار ويرتدون حفاضات.. تحقيق لـCNN يكشف ما يجري لف


.. تعمير-لقاء مع القس تادرس رياض مفوض قداسة البابا على كاتدرائي




.. الموت.. ما الذي نفكر فيه في الأيام التي تسبق خروج الروح؟


.. تعمير -القس تادرس رياض يوضح تفاصيل كاتدرائية ميلاد المسيح من




.. تعمير -القس تادرس رياض: كنيسة كاتدرائية ميلاد المسيح مرسومة