الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الفسيفساء العراقية معين الثروة الحقيقي الذي لا ينضب

زيد كامل الكوار

2015 / 6 / 1
المجتمع المدني


لم يعد خافيا على متتبع في العالم بأسره ، أن المجتمع العراقي مجتمع متنوع ، كثير الديانات والقوميات والمكونات ، وكلها معتبرة محترمة فاعلة مؤثرة ، فهذا التنوع اللطيف في المجتمع العراقي ، أكسبه ميزة جمالية تنوع الثقافات ، الأمر الذي أثراه أيما إثراء فكان بحق مجتمعا حيا ينبض بالانسجام والمحبة على مر العصور المتعددة ، فلا تجد في العراق حيا سكنيا يخلو من التشكيلة الجميلة المتنوعة ، حتى على مستوى المجتمعات الريفية التي يفترض أن تكون أكثر انغلاقا لانخفاض مستوى الوعي الثقافي فيها ، لكنك تجد فيها التصاهر بين المكونات شائعا ، والتشارك التجاري المنسجم ، ومما يميز المجتمع العراقي وتلونه ، اعتراف المجتمع وشهادته لبعض مكوناته دون الأخرى بالتميز في مجالات معينة ، فعلى سبيل المثال لا الحصر ترى براعة الصاغة الصابئة ، معروفة في المجتمع العراقي بشهادة الجميع ، وكذلك يشهد الجميع بإخلاص المسيحي في عمله وأمانته التامة، وكل عراقي يشيد بوفاء الصديق الكردي وأخوته الصادقة ، أما إذا أردت أن تشارك أحدا في تجارة ناجحة رابحة فعليك بأهل أعالي الفرات أمانة وبراعة وذكاء ، يرشح عن هذا التصنيف العجول أمور كثيرة منها أن التنوع في المجتمع اكسبه مهارات وخبرات ، أضفت على المجتمع صفة التكامل والمتانة والصلابة والقوة ، ولان المجتمع العراقي ريفي بغالبيته ، فقد تنوعت مهارات المجتمعات الفلاحية وفقا لطبيعة ومناخ البقعة التي يسكنونها ، فتخصصوا بما امتلكوا من خبرة كبيرة في مجال الزراعة امتدت لعشرات القرون ، فهو بالتالي بلد السواد لوفرة مائه وخصوبة تربته ، الأمر الذي أوجد التنوع الجميل في الخبرات الزراعية ، فديالى وكربلاء تفتخران بجودة الحمضيات و التمور ، لمناسبة مناخيهما ، وخبرة أهلهما العالية في زراعة هذه الأصناف بعينها ، ولا ينافس أحد مواطني الديوانية في زراعة محصول الرز العراقي الشهير العنبر . أما على مستوى الإبداع الثقافي والفني ، فلكل مدينة عراقية ، هويتها الأدبية والفنية والعلمية التي أكسبتها بصمتها الخاصة بها ، فمحافظة ذي قار مثلا ، أم الشعراء والمطربين ، ومدينة عانه أم الأطباء البارعين ، ومدينة الموصل أم القادة العسكريين الأفذاذ ، ومدينة النجف ، أم علماء الدين والشعراء المبدعين ، ولا تكاد تخلو مدينة عراقية واحدة من المبدعين المتميزين في شتى ضروب الفن والعلم والمعارف والمهارات ، وبالمجمل فإن التنوع الثقافي هو الذي أوجد هذا الثراء الفريد في المواهب والطاقات ، وأوجد ففي الوقت ذاته أعداء حاقدين حاسدين للشعب العراقي على مدى تأريخه الطويل الحافل بالتقلبات ، ولكن تبقى أمور كثيرة يجب التنبيه إليها مثل الدور التاريخي للرهبان والقساوسة ، الذين أخذوا على عاتقهم وعلى مدى قرون عديدة ، حفظ الإرث الثقافي العراقي المتنوع في أديرتهم الكريمة ، وخير مثال على ما أقول ، ما انكشف في الأيام الأخيرة ، عن ذلك الراهب البطل الذي تمكن بإخلاصه العظيم لوطنه من إنقاذ عشرات المخطوطات الأثرية ، بطريقة صعبة لا تخلو من المجازفة والخطورة ، وليس خافيا على الكثيرين ، الدور الكبير للمكونات العراقية في إثراء التراث العراقي العريق ، وأي خلل في هذه التركيبة المكوناتية المتماسكة سيؤثر بلا أدنى شك على المجتمع العراقي ، وهذا من أهم أهداف المخطط الأمريكي الصهيوني ، الذي يسعون إلى تحقيقه ، وسيخيب فألهم بقوة الله ثم عزم العراقيين على حفظ العراق وتراثه ووحدة أهله .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قوات الاحتلال تدمر مقر الأونروا في جباليا شمالي قطاع غزة


.. آلاف الإسرائيليين يتظاهرون في تل أبيب للمطالبة بإطلاق سراح ا




.. نشرة إيجاز بلغة الإشارة - استشهاد طفلين بسبب المجاعة في غزة


.. أمريكا.. طلاب مدرسة ثانوي بمانهاتن يتظاهرون دعما لفلسطين




.. وفاة 36 فلسطينيا في معتقلات إسرائيل.. تعذيب وإهمال للأسرى وت