الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أبانا الذى فى السماوات ..... ابانا الذى على الأرض

احمد على بدوى

2015 / 6 / 1
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


فخرى الدالى ونبيل غبريال مهندسان قبطيان بشركة أسمنت طره، عملا على تطوير نوع خاص من الأسمنت بالاشتراك مع سلاح المهندسين أستطاع الجيش بواسطته سد فتحات النابلم التى كانت ستحيل سطح القناه جحيما...
اللواء باقى زكى من سلاح المهندسين توصل إلى فكرة عظيمة على بساطتها، فقد اخترع المدفع المائي و طوره حتى تكونت له قدرة اختراق شديدة، أذابت الساتر الترابى دون الحاجة لقنبلة ذرية كما قدر الخبراء السوفييت...
اللواء فؤاد عزيز غالى أحد قادة الجيش الثانى و أحد من تولوا منصب محافظ شمال سيناء بعد تحريرها، و هما من أرفع المناصب العسكرية و السياسية....
هذه مجرد أمثلة.......

أما خلال الثلاثين سنة الماضية، و مع ارتفاع مد الخطاب الدينى، ليصبح المسيطر على عقول المصريين، فلا يسعل المصرى و لا يعطس إلا بعد استفتاء الشيوخ..
فقد أصبح المصريون كمن استيقظ صباح يوم بعد نومة هادئه ليفاجئ أن مخلوقات فضائية من كوكب بعيد قد أصبحوا جيرانه و زملائه فى العمل:
إن كان مسلما، فهم المسيحيون، و إن كان مسيحيا، فهم المسلمون...
ستون مليون مسلم أتوا من الفضاء ليحتلوا مصر، أو عشرين مليون مسيحي خرجوا من أعماق المحيط ليعيشوا فيها.
أصبح المسلم إن اضطرته الظروف ليتعامل مع شخص اسمه (نبيل زكى) ، أو (عماد صبحى) ، فإنه لا يستطيع أن يتم تعارفه به إلا إذا استوثق من الاسم الرباعى أو الخماسى حتى يعثر فيه على (جرجس، أو مرقص، أو حنا ....)، ليطمئن إلى نفسه سوف يعامل أو يجاور أو يزامل مسلما أم مسيحيا؟؟؟
و المسيحيون ما عادوا يسمون أبنائهم: (يعقوب، يوحنا، يوسف، ميخائيل..) و لكن (جاكوب، جون، جوزيف، مايكل...)
قسمنا أنفسنا فرقتين: ليس (وفديين و سعديين)، (أهلويه و زملكاويه)، أو (صعايدة و بحاروة)، أو (عمال، و فلاحين) ..... لكن للأسف (مسلمين، و مسيحيين)...
أصبحنا ننظر لأنفسنا كغرباء فى وطن واحد، كل منا يرى نفسه مواطنا و الآخر مغتربا أو وافدا.

لفد جعلنا الله حاجزا بيننا على الأرض، و الدين أسوار تعزلنا عن أنفسنا، و دار العبادة خندقا نظن فيه الحماية من وهم غارات تهددنا.
إننا نختلف فيما هو ظن، أى فهمنا و موقفنا تجاه الله (أبانا الذى فى السماء)، و نسينا أننا نتفق قطعيا فى أصلنا، و نسبنا تجاه آدم (أبانا الذى كان على الأرض)... نحن أخوة بنسب البنوة لآدم، ولا يستطيع أينا أن ينكرها.

إننا تركنا رسالة الله إلينا – حين أرسل آدم لهذه الدنيا - أن نعمر الأرض، و نتعاون لنبنى بلادنا و مجتمعاتنا، و نتكاتف لنزيح عن أنفسنا هموم الفقر و الأمراض، و أن نوحد جهودنا لنوفر لإبنائنا مستقبلا أفضل ..
و للأسف تفرغنا لنتحارب دفاعا عن الله، و هو الغنى فى ملكوته عن تنازعنا، و تشاحننا، و صرنا أحزاباً تتصارع لإنقاذ الله، وهو القابع فى القلوب، و لن يناله منا ضراً، و لانفعاً.

إن الله حين يزلزل الأرض تحت أقدامنا، لا يرسل ملائكته لتنقذ أحبائه، وترك منكريه، و لكنه يتركنا لسواعد جيراننا، و مجهود رجال الإنقاذ، و أيدى الأطباء..
إن حريقا حينما يشب فى مبنى سكنى، فإن الله لا ينزل سيلا من السماء لينقذ شقة مسيحى دون مسلم، و لكننا جميعا نهب لندرأ الكارثة بسواعدنا، مسلمين و مسيحين.
إن طائرات الأعداء حين كانت تمطرنا بقنابلها، لم تصب لعناتها على شقة المسلم، و تمنح عطفها لشقة المسيحى.
إننا أيها المصريون ركاب سفينة واحدة، و أمواج الفقر، و الأوبئة، و البطالة، و الجهل، لا ترى زبيبة الصلاة على جبهة، و لا الصليب على معصم.
إذا كنا نشكو من تقصير الحكومة نحون حق طائفة، أو إهمالها مطالب طائفة أخرى، أو إهانة أدميتنا جميعاً.... فلماذا نقصر ، و نهمل ، و نهين أنفسنا بأيدينا؟؟؟؟
إذا كنا لا نستطيع أن نلوم الحكومة، و لا أن نغير مواقفها، فلماذا لا نلوم أنفسنا، و نغير مواقفنا تجاه ذاتنا؟؟؟؟

من أين نبدأ:
من الأسرة، و داخل المنزل:
ليعلم كل منا أولاده، أن أبانا آدم – جئنا الحياة من نسله -، و أمنا أرض مصر الطيبة – ستعود إليها أجسادنا جميعا فتقبلها و لن تلفظ جسد هذا و تحتضن جسد ذاك –
لنعلم أولادنا أن الجار أقرب إلينا من أهلينا، يفزع إلينا إن سمع صرختنا، و يواسنا لحظة المصيبة، و يخلع ردائه ليستر بناتنا، بينما من يربطنا بهم النسب بعيدون عنا.
لنعلم أولادنا أن الله لا يعجزه أن يثيب أو يعاقب على الإيمان به - حتى ننصب نحن أنفسنا وكلاء عنه - لكنه لن يغفر لنا مظالمنا تجاه جيراننا، و لن يسامحنا على الإساءة أو جرح مشاعر زملائنا، و لن يعفو حتى يغفروا هم.
لنعلم أولادنا حب الوطن، و ما الوطن إلا الناس، و ما مصر إلا المصريين
كلنا يا إبنى و يا ابنتى: سمرتنا واحدة، خشونة شعرنا واحدة، لغتنا المصرية واحدة متميزة عن باقى لهجات العرب، ألمنا واحد، و أملنا واحد.
لنعلم أبنائنا أن التدين نعرفه فى حسن الخلق، فى الدماثة، فى الكلمة الطيبة، فى التهنئة بالعيد، و التعزية فى الوفاة، فى احترام ابنة جارك، و الحفاظ عليها، فى تقدير من فى سن أبوك، فى توقير زى رجل الدين (كل دين).
التدين يا أبنى أن تنام ليلتك ، و لم تسئ لزميلك، أو تجرح شعوره، أو تتعرض لإيمانه بما يؤذيه.
التدين يا أبنى أن تساعد الضعيف، و تمد يد العون لم يحتاج عونك، لا تنظر الا اسمه، ولا عقيدته.
الإيمان أن تجعل ما بينك و بين الناس لخير كل الناس، و ما بينك و بين الله سرا مع الله.
الإيمان أن توقن أن الله خلق لك أخاك فى الوطن ليعينك لا ليعاديك.
الإيمان أن تعتقد أن الله لو شاء لجعلنا كلنا ملة واحدة، لكنه شاء أن نختلف فيه ليختبرنا كيف نتحد فى أنفسنا، و كيف نحسن مع الآخر، قبل أن نحسن مع أنفسنا...فها ننجح فى الإختبار؟؟؟

علموا أولادكم، لتعلموا أنفسكم








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - صحيح و لكن
نصر نصر ( 2015 / 6 / 1 - 14:24 )
المسيحي اصبح يتجنب المسلم عندما يلمس أو يشعر منه بالعداء
التغيير الذي حدث من ظهور الجماعات و النعرة الدينية الاسلاميية هي المشكلة و يكفي أن تتأمل ما يحدث حولك في كل الدول الاسلامية
فلا تحاول لوم المسيحى الذي هو الضحية لمهاويس المسلمين


2 - من أين نبدأ
هانى شاكر ( 2015 / 6 / 1 - 17:31 )

شكراََ على المقال الجميل

ما اثرته فى مقالك هو عَرَض من اعراض احتضار الوطن .. و ليس الداء الاصلى .. هو ( طفح ) و دمامل على جلد مصر ...

آخر مرة كانت مصر بصحتحها .. أحتفينا بأبطالها كلهم .. حسن و مينا .. عبد المنعم رياض و فؤاد عزيز غالى ...

أليوم نبكى على شيخ ثمانينى .. قلع الشباب ألمؤمن زرعه بليل .. و فى النهار اجبروه على التهجير ( آى والله على التهجير )

الطفح يُخفى ألمشكلة ألتى قتلت وطناََ كان اسمه مصر ..

مصر بها 90 مليون نسمه .. و قدرتها على اعاشة مواطنين اصحاء لا تتعدى 15 مليون ..

حكمنا حثالة البشر ( فاروق ، ناصر ، السادات ، ابو ريالة ، ابو زبيبة ، و ابو جلمبو ) فافقرونا و اذلونا و تركونا نتكاثر كالحشرات .. وصرنا بلا ثمن و بلا قيمه

من أين نبدأ؟

الحل يحتاج الى 100 عام .. تدريجيا و سلميا .. ينزل فيها التعداد من 90 مليون الى 15 مليون .. ، .. و حجم الفساد من 100 % الى 20 % .. ، .. و يتم فصل الدين عن الحكم و الحياة العامة

....

اخر الافلام

.. اغتيال ضابط بالحرس الثوري في قلب إيران لعلاقته بهجوم المركز


.. مسيحيو السودان.. فصول من انتهاكات الحرب المنسية




.. الخلود بين الدين والعلم


.. شاهد: طائفة السامريين اليهودية تقيم شعائر عيد الفصح على جبل




.. الاحتجاجات الأميركية على حرب غزة تثير -انقسامات وتساؤلات- بي