الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أزمة التعليم الطبى فى مصر

احمد على بدوى

2015 / 6 / 1
التربية والتعليم والبحث العلمي


أصبح فى مصر الآن ثمانية عشرة كلية طب حكومية بالإضافة إلى كليتين اثنتين تتبع جامعات خاصة ، و يُقَدر متوسط عدد خريجى تلك الكليات بحوالى أحد عشر ألف طبيب سنويا (فى المتوسط) ، حيث بلغ عدد الأطباء فى مصر (حسب تقديرات نقابة الأطباء المصرية فى نهاية عام 2014) حوالى طبيب لكل خمسمائة مواطن .
و فى مقابل هذه الزيادة الكبيرة فى أعداد الخريجين ، فإنه يقابلها سوء توزيع على مستوى الجمهورية ، حيث تتركز الخدمات الطبية و التعليمية و فرص العمل الخاص فى كل من القاهرة و الاسكندرية ، بينما تعانى الأقاليم من نقص شديد فى الكوادر الطبية المدربة منها و غير المدربة على حد سواء ، هذا بالإضافة إلى ضعف مستوى الأطباء خارج نطاق أعضاء هيئات التدريس بكليات الطب و بعض المعاهد التعليمية...
النتيجة هى حالة من البطالة (المقنّعة) بين الأطباء فى ظل تضاعف أعداد الخريجين وتكدسهم فى العاصمة ، و كذلك حالة من تدنى الخدمة الطبية نتيجة نقص المهارة و التدريب و المعلومات لدى أطباء وزارة الصحة.
و كمحاولة من وزارة الصحة للتغلب على هذه النواقص الكمية و الكيفية فى الكوادر البشرية، فإنها تلجأ إلى الإستعانة بالكوادر الطبية من أساتذة كليات الطب للعمل بنظام الدوام الجزئى مدفوع الأجر ، على أمل أن يتم نقل الخبرة منهم إلى الأطباء العاملين بوزارة الصحة ، لكن فى الغالب لا يحدث ذلك نتيجة تسرُّب أطباء الوزارة (الشباب منهم على وجه الخصوص) إلى العمل فى العيادات و المراكز الخاصة (دون تدريب كاف أو شهادات مؤهِلة) ، و نتيجة أيضا لنقص الإمكانيات التقنية فى مستشفيات وزارة الصحة ، و التى أدّت إلى عزوف المواطن عن التوجه لطلب العلاج بها ، و من ثَمّ تعطّلت المنظومة و لم يتم المقصود.
ونحن بعد هذا العرض المختصر جدا ، نرى ان أحد الحلول يكمن فى ضرورة تقليص أعداد المقبولين فى كليات الطب من خريجى الثانوية العامة إلى الحد الأدنى جدا (الذى يمدُّ تلك الكليات بما تحتاجه من معيدين و أطباء لمستشفياتها الجامعية) ، و التوقف عن إمداد سوق العمل الطبى بأى أطباء جدد و لمدة ست سنوات على الأقل.
و فى تلك الفترة يتم تحويل الموازنة المخصصة لتلك الكليات و مستشفياتها ـ و التى تلتهمها أعداد المقبولين حاليا ـ يتم تحويلها إلى "منح و بعثات داخلية" للأطباء المتسربين إلى سوق العمل ، و ذلك لكل من: إعادة التأهيل المهنى و التدريب ، و الحصول على شهادات الدراسات العليا ، و التوجيه إلى التخصصات المطلوبة ، و إعادة تقويم قدامى الخريجين ، و كل ذلك مقابل "أجر مُجز " عن التفرغ كل الوقت و الالتزام الصارم، حتى يُعاد ضخ تلك الكوادر إلى سوق العمل الطبى بمستوى ملائم ، و معالجة حالة البطالة المقنعة.
أمر آخر: حتى السبعينيات من القرن العشرين ، كان بكالوريوس الطب من الجامعات المصرية الكبرى (القاهرة ، عين شمس ، و الإسكندرية) مُعترفا به فى المملكة المتحدة ، و يؤهل الحاصل عليه للإلتحاق بالدراسات العليا و العمل بها ، لكنّ ذلك الاعتراف تم سحبه تدريجيا نتيجة جمود أساليب التعليم و التقييم و التقويم و ضعف مستوى الخريج و توقفه عن متابعة مستجدات العلم بعد تخرجه ، و أصبح لزاما عليه خوض امتحانات المعادلة و ضرورة التدريب بمستشفيات المملكة المتحدة للحصول على فرصة عمل أو دراسة هناك ، بينما ظل الاعتراف ببكالوريوس الطب من جامعة الخرطوم قائما ، و أصبح قبول خريج جامعات الهند و الباكستان دون الخريج المصرى أمرا واقعا.
و فى عام 1997 (و كنا نمتحن الماجستير فى تخصص التخدير بكلية الطب بجامعة القاهرة) ، استضافت الكلية عددا من الممتحنين من إحدى الكليات الملكية للتخدير ببريطانيا (كمراقبين) ، على أساس أن يتم معادلة الماجستير من طب القاهرة بأحد أجزاء الزمالة البريطانية ، و الدكتوراه بجزء تالٍ ، ليصبح الحاصل لى تلك الشهادات من جامعة القاهرة مُعترفا به فى بيريطانيا ، و لكنْ لم نحظَ برضا البيريطانين (طلبة و ممتحنين على حد سواء) ، و أُجهضت الفكرة فى مهدها ، و ما أجدرها تجربة بأن تُعاد المحاولة فيها و تعالج الأخطاء ، و يمنهج الارتباط بين كليات الطب المصرية كلٌّ بكلية طب فى أوروبا ، فتُعتمد نفس المناهج و طرائق التدريس و أساليب الإمتحانات و التقويم ، و أن يُستقدم الأساتذة من الغرب ، و يكون لهم الإشراف دون غضاضة أو "شوفينية" مبالغ فيها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ماذا وراء سجن المحامية التونسية سنية الدهماني؟ | هاشتاغات مع


.. ا?كثر شيء تحبه بيسان إسماعيل في خطيبها محمود ماهر ????




.. غزة : هل توترت العلاقة بين مصر وإسرائيل ؟ • فرانس 24 / FRANC


.. الأسلحةُ الأميركية إلى إسرائيل.. تَخبّطٌ في العلن ودعمٌ مؤكد




.. غزة.. ماذا بعد؟ | معارك ومواجهات ضارية تخوضها المقاومة ضد قو