الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ثقافة الخوف وإمبراطورية الدم الفصل الأول: مفاهيم وقضايا (5) الإسلام .. والمرأة.

بير روستم

2015 / 6 / 3
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


بالتأكيد إذا أردنا أن نعرف موقع المرأة في العهود والمجتمعات التي سبقت الإسلام، علينا أن لا نعتمد فقط على القرآن والمصادر الإسلامية وكتاباتهم عن القضية، حيث ذاك سوف يجعل منا أن نقرأ الموضوع من جانب واحد فقط؛ أي رؤية المسلمين للمسألة وبالتالي ولكي لا نكون في قراءتنا قصيري النظر _أو النظر بعين واحدة للموضوع كما يقال_ علينا أن نعود إلى ما سبق التاريخ الإسلامي من نصوص وكتابات ونقرأ عن وضع المرأة وما كانت عليها من مكانة إجتماعية .. لكن وللأسف ونتيجة لقلة، بل وندرة المصادر والمراجع التاريخية لتلك المرحلة والحقبة الزمنية، فإن الكثير من مؤيدي الفكر الإسلامي والتابعين، تجدهم يرفعون نداءاتهم وصراخهم وبأن قريش كانت تقوم بـ"وأد البنات" .. لكن ينسى هؤلاء بأن كان في ذاك المجتمع سيدة كـ(خديجة)؛ زوجة محمد الأولى وهي التي جعلت من محمد محمداً ورسولاً، فهي أيضاً كانت حقيقة من حقائق ذاك المجتمع.

وهكذا فإن تلك الرؤية والقراءات الإسلامية بخصوص الحياة الإجتماعية والثقافية وذلك لما قبل الإسلام يذكرنا بحكاية/قراءة الأديب المصري المعروف؛ طه حسين وكيف أن المفكرين الإسلاميين ولكي يبرزوا مكانة الإسلام وما أتمه من منجز حضاري فقد لجؤوا _وللأسف_ إلى تشويه كل ما هو قبل الإسلام من قيم حضارية ثقافية، بل بتعريف وتسمية تلك الحقبة التاريخية بـ" العصر الجاهلي" مع العلم إن أهم الشعراء في الأدب العربي هم أولئك الذين ينتمون لتلك المرحلة التاريخية .. وبالتالي فإن هؤلاء يتناسون؛ بأن هكذا ثقافة عالية وبنية إقتصادية متينة كإقتصاد مكة وقريش لا يمكن أن تبنى على الجهل والأمية والهمجية الرعوية البحتة، بل لا بد من وجود ما ينظم حياة المجتمع والقبيلة؛ أي بمعنى أسس حضارية متينة.

لذلك وإن عدنا إلى المراجع والنصوص التي تسبق الإسلام وذلك بخصوص الموضوع الذي نتناوله في هذه الحلقة؛ "أي مكانة المرأة في االمجتمع" لوجدنا بأن المرأة القريشية قد كسبت عدد من القضايا مع الدين والعقيدة الجديدة _الإسلام_ لكن وبنفس الوقت فإنها فقدت الكثير من النقاط والقضايا الأخرى، حيث صحيح إنها نالت مع الإسلام بعض الإمتيازات المادية في الإرث _رغم كل النواقص_ لكنها وبكل تأكيد فقدت الكثير في جانب الحريات الشخصية والعلاقات الإجتماعية وقد دفع بالمجتمع إلى المزيد من القمع وحجز الحريات بالنسبة للمرأة خاصةً، حيث الحجاب والحجز عليها بينما في مجتمع قريش كانت تتمتع بالكثير من الحريات الجنسية والإجتماعية .. وهكذا أصبح المجتمع مع الإسلام أكثر ذكورياً.

وبكلمة أخرى؛ فإن الإسلام قد دفن قيم المجتمع الأنثوية وبالمرة في أوحال ورمال الصحراء الذكورية وهكذا ومن خلال مقارنة بسيطة بين الآلهة القريشية الأنثوية (العزى واللات ومناة) والإله الذكوري الإسلامي (الله) والإستبدال بهن، ندرك حجم الإستبداد بحق القيم الأنثوية في المجتمع وإن موسوعة ويكيبيديا تقول بخصوص هذه النقطة؛ بأن ((العُزَّى هي من آلهة العرب التي عبدها أهل مكة في الجزيرة العربية قبل الإسلام. وقد كانت طرفا في الثالوث الإلهي الذي يجمعها مع اللات ومناة، وتأتي في المرتبة الثانية بعد اللات ثم مناة؛ وعلى هذا الترتيب، وصفها الله في القرآن الكريم تحقيراً من شأنها .. حيث قال تعالى: "أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى* وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى* أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنْثَى* تِلْكَ إِذًا قِسْمَةٌ ضِيزَى" (ص: 93-97)). ولاحظوا الخطاب القرآني وعدم قبوله للأنثوية كصفة من صفات الرب والخالق، بل وتحقيرها كقيمة إجتماعية حيث الرفض المطلق في أن يكون الخالق أنثى وناهيكم عن الكثير من الأقوال والمفاهيم التي تحط من شأن ومكانة المرأة وعلى سبيل الذكر وليس الحصر؛ بأن "المرأة ضلع قاصر" .. وهكذا وبقراءة نقدية علمانية لهذه النقاط والرؤى الإسلامية بخصوص مسألة الأنوثة، سوف نلاحظ كم خسرت المرأة من قيم الحرية في المجتمعات الإسلامية.

وأخيراً نقول؛ حتى وإن وضعنا كل ما سبق جانباً وأتى من يقول لنا: إن ذاك من قراءاتكم القاصرة وإن المرأة المسلمة حظي بالمساواة في المجتمع الإسلامي ولها مكانتها وحرياتها.. فإن واقع الحال والمرأة في العالم الإسلامي في يومنا الحالي _وتاريخياً أيضاً_ يؤكد على ما ذهبنا إليه في قراءتنا السابقة.. وإن واقع المرأة في المجتمعات الإسلامية _وللأسف_ لا تتعدى إنها أكثر من عبدة مطيعة حيث الحرمان من كل الحقوق والإمتيازات ومما يجعلها كائناً إنسانياً حراً، بل لقد حولها بعض المتشددين _خاصةً_ إلى سلعة للمتعة والتجارات الرخيصة في واقع المجتمعات الإسلامية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى بحماية من قوات الاحتلال


.. لايوجد دين بلا أساطير




.. تفاصيل أكثر حول أعمال العنف التي اتسمت بالطائفية في قرية الف


.. سوناك يطالب بحماية الطلاب اليهود من الاحتجاجات المؤيدة للفلس




.. مستوطنون يقتحمون بلدة كفل حارس شمال سلفيت بالضفة الغربية