الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ثقافة الخوف وإمبراطورية الدم الفصل الأول: مفاهيم وقضايا (6) الإسلام ..والعبودية!!

بير روستم

2015 / 6 / 5
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


تقول الموسوعة الحرة في تعريف العبودية ما يلي؛ "العبودية أو الرق هي: امتلاك الإنسان للإنسان، وكون الرقيق مملوكا لسيده. نوع من الأشغال الشاقة القسرية طوال الحياة للعبيد حيث يعملون بالسخرة القهرية في الأعمال الشاقة والحروب وكانت ملكيتهم تعود للشخاص الذين يستعبدونهم.. وكانوا يباعون بأسواق النخاسة أو يشترون في تجارة الرقيق بعد اختطافهم من مواطنهم أو يهدي بهم مالكوهم. وممارسة العبودية ترجع لأزمان ما قبل التاريخ في مصر .. عندما تطورت الزراعة بشكل متنامٍ في مصر، فكانت الحاجة ماسة للأيدي العاملة. فلجأت المجتمعات البدائية للعبيد لتأدية أعمال تخصصية بها".. وحتى في أعمال وحشية قتالية ومعروفة قصة سبارتكوس حيث تقول الموسوعة؛ "سبارتاكوس (ولد سنة 109 ق.م - وتوفي سنة 71 ق . م) كان سبارتاكوس عبدا من رقيق الإمبراطورية الرومانية، وزعيما ثائرا أصله من دولة تراقيا القديمة رغم اختلاف المؤرخين القدامى في نسبه العرقي.. تعلم سبارتكوس في مدرسة للعبيد كيفية مصارعة الوحوش في ملاعب روما لتسلية الرومان، وفي سنة 73 ق.م نظم ثورة للعبيد في تلك المدرسة".

وكذلك تضيف الموسوعة؛ وبأن "أشهر ثورة للعبيد في التاريخ الإسلامي كانت ثورة الزنج في العصر العباسي في (القرن 9). وفي القرن 15 مارس الأوربيون تجارة العبيد الأفارقة وكانوا يرسلونهم قسرا للعالم الجديد ليفلحوا الضياع الأمريكية. وفي عام 1444م كان البرتغاليون يمارسون النخاسة ويرسلون للبرتغال سنويا ما بين 700 – 800 عبد من مراكز تجميع العبيد على الساحل الغربي لأفريقيا وكانوا يخطفون من بين ذويهم في أواسط أفريقيا. وفي القرن 16 مارست إسبانيا تجارة العبيد التي كانت تدفع بهم قسرا من أفريقيا لمستعمراتها في المناطق الاستوائية بأمريكا اللاتينية ليعملوا في الزراعة بالسخرة. وفي منتصف هذا القرن دخلت إنجلترا حلبة تجارة العبيد في منافسة وادعت حق إمداد المستعمرات الأسبانية بالعبيد وتلاها في هذا المضمار البرتغال وفرنسا وهولندا والدنمارك. ودخلت معهم المستعمرات الأمريكية في هذه التجارة اللا إنسانية. فوصلت أمريكا الشمالية أول جحافل العبيد الأقارقة عام 1619 م. جلبتهم السفن الهولندية وأوكل إليهم الخدمة الشاقة بالمستعمرات الإنجليزية بالعالم الجديد".

وهكذا فإن تاريخ العبودية تسبق الأديان وكل الفلسفات حيث نستطيع القول إنها تمتد إلى البدايات الأولى للإنسان وتراكم الثورة بيد البعض وفي ذلك يقول فريدريك إنجلز في مؤلفه؛ "أصل العائلة والملكية الخاصة والدولة" وبما معناه (منذ تراكم الثروة بيد المالك بدأت عبودية الإنسان للإنسان) حيث كلما أزدادت الثروة كسلطة فاحشة متوحشة أزدادت عبودية الآخر أكثر عمقاً وفقد ما تبقى من الحريات. وكذلك فقد أكد كارل ماركس على "إن الدافع من الإنتاج الرأسمالي هو لاستخراج أكبر كمية ممكنة من فائض القيمة وبالتالي لاستغلال العمالة إلى أقصى حد ممكن" وأن "تاريخ البشرية هو تاريخ البحث عن الطعام".. وهكذا فقد تم إستغلال حاجة الإنسان "للطعام" أبشع إستغلال وفي عبودية مذلة لكرامته وشخصيته ولكن _وبرأي الشخصي_ إن أسوأ أشكال العبودية هي عندما تحولت مع الزمن من عبودية إجتماعية إقتصادية؛ خارجية تسلطية من الآخر "المالك والسيد" إلى عبودية عقائدية دينية داخلية سايكولوجية بحيث بات "الإنسان العبد" يبحث عن تلك العبودية ويمارسها بلذة مرضية "مازوشية" مما جعل فيلسوفاً بحجم ماركس يقول: "الدين أفيون الشعوب".

بلى، لقد كان الأخطر والأكثر علةً عندما أستطاعت الأديان وخاصةً الإسلام أن تزرع هذه الثقافة والسلوكيات في شخصية التابع والمريد والشخصية الإيمانية "المؤمن" والتي ما زالت تستمر عمقاً في ثقافتنا ومجتمعاتنا بحيث وصل بهم إلى أن يلحقوا أسمائهم بكلمة العبد؛ (عبد الله، عبد الرحمن..) وبقناعات راسخة وإيمان كلي. بكلمة أخرى؛ أستطاع الإسلام وبعد ممارسة طويلة لهكذا منهجيات فكرية وتربية نفسية أن ترفع من شأن العبودية إلى مرتبة الوجود الذاتي للكائن البشري نفسه وتصبح جزء من الأسس والبنى المعرفية الوجودية لنا وأن الشخصية الإيمانية تكون ناقصة من دون النقص ذاته وبأن يكون عبداً للخالق وذلك قبل أن تكون فلسفة إيمانية في تكريم وتعظيم "الذات الإلهية".

إذاً وبعد هذه المقدمات السريعة على توضيح عدد من النقاط، لننظر ماذا خلفت هكذا تربية نفسية على شخصية الإنسان المسلم عموماً والكوردي على وجه الخصوص؟ وسنحاول أن نبتعد عن المواقف المسبقة بخصوص المسألة قدر الإمكان. وهكذا ومن خلال ما سبق من تحليل وقراءات فكرية وأيضاً لما هو كائن في واقع وحياة المجتمعات الشرقية والإسلامية وشكل العلاقات الداخلية المجتمعية وخاصةً مع قضايا الحريات نستطيع القول؛ بأن مجتمعاتنا غارقة في مستنقعات العبودية وهي تُقتَل فيها بشكل غير أخلاقي وغير قادرة على الخروج منها رغم "الثورات" المتلاحقة؛ كون الإنسان الذي يرضى على نفسه العبودية لعقيدة ودين وإلهٍ خالق، سوف يقبل العبودية للأخرين أيضاً؛ إن كانوا زعماء عشائر أو الأحزاب والدول. وهكذا فإن ذاك الإنسان "العبد" لن يقدر على رفع رأسه أمام ((الكبير)).. ليس ذاك فقط، بل لو فكر أحد ما وحاول أن يخرج عن "طاعة السلطان" يوماً ما _مثلما فعل إبليس_ سوف لن يجد لنفسه مكاناً بيننا فهو "ملعوناً مطرود" من الجنة وسوف يُرجم إلى ما لا نهاية ولذلك تجد ثوراتنا من ولاء لقائد إلى ولاء لقائد جديد وبنفس السلوكيات السابقة.

والآن لنعود إلى قضية العبودية وآثارها الكارثية في الحالة الكوردية والتي جاءت نتيجةً للواقع السياسي وتكريساً على مر العقود والأحقاب الماضية لحالة العبودية لشعبنا بحيث تجذرت في ثقافتنا وتراثنا، بل وصلت إلى أعمق من ذلك حيث اللغة والتي هي بحسب التعريفات تعني "الإنسان، وهي الوطن والأهل، واللّغة التي هي نتيجة التفكير"، بل يمكننا القول بأن اللغة هي التفكير نفسها وقد تم إختراقها بالعبودية إصطلاحاً وفكراً وممارسة حيث وبالعودة إلى اللغة والتراث الشفهي لشعبنا وعندما نريد أن نكرم شخصاً ما نقول له "ez benî" وترجمتها الحرفية؛ (أنا عبدك). وهكذا فإذا وضعنا هذه العبودية فوق كل تلك العبوديات الأخرى السابقة والتي تمارس بحقنا ككورد، فكم يلزمنا من الجهد والوقت ليتحرر الإنسان الكوردي من تلك الشخصية الإنهزامية العبدية وبالتالي أن نعيد بناءه على أسس ثقافية تحررية وبعيداً عن سايكولوجية الإنسان المستعبد والمقهور.

لذلك وبحسب قراءاتنا ومعرفتنا وفهمنا للقضية؛ فإن لم يتحرر شعبنا من عبودية الفكر والدين الإسلامي أو بالأحرى من الدين الإسلامي "دين العبودية" فلن يقدر بسهولة الخلاص من الإحتلال الجيوسياسي ونيل حريته الوطنية أيضاً.. وبكل تأكيد فإن الخلاص لن يكون بالعودة إلى الزرادشتية كما تنادي بها بعض الأصوات في أيامنا الأخيرة، بل في المعرفة والعلم والتنوير والمجتمع المدني الديمقراطي حيث لا يمكن إعادة التاريخ للخلف. وهكذا فإن المرحلة هي مرحلة العلم والتكنولوجيا والثورة المعرفية وإن لم نواكب العصر ونؤسس لمجتمعات مدنية علمانية تحررية ولم نجعل الكلمة لأصحاب الفكر والشهادات الأكاديمية فإن يوم الخلاص لشعبنا وشعوبنا سيكون بعيداً وبعيداً جداً ..وللأسف.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - شعب النظافه
صلاح البغدادي ( 2015 / 6 / 5 - 16:24 )
في تصنيف الشعوب لاتوجد شعوب فاضله واخرى رذيله ولاتوجد شعوب شريفه واخرى غير شريفه،فالشرف والامانه والرذيله صفات فرديه ممكن ان تجدها في كل شعب،لكن هناك صفة او طابع لكل شعب،مثلا ان نقول عن شعب اليابان شعب التكنولوجيا وكذلك عن شعب المانيا ونقول عن السويد ارض السعاده،وعن استراليا ارض الرخاء وهكذا،لكن ماذا عن شعب كردستان وانا قد عشت بينهم لسنوات،استطيع ان اسميه(شعب النظافه والاثواب الرفرافه)،اخرج صباحا لاي مدينة كرديه وترى بان الهة النظافه قد هبطت جميعها للتنظيف فالنساء تنظف امام بيوتها حتى وان كانت الحرارة تحت الصفر وعامل المطعم والفندق ووو ينظفون،حقا انه شعب النظافه،والاثواب ماقصتها ،لم ارى اجمل من ازياء المرآة الكرديه في حياتي ،فاذا كانت الوان الطيف الشمسي سبعة فقد حولتها النساء الكرديات الى سبعمائة او سبعة الاف...اسوق هذه المقدمه لااتآسف واتحسر على ان يقع هذا الشعب في براثن الظلام الاسلامي والحركة الوهابيه.
استاذ بير تعلم ان معظم قيادات داعش هم من الاكراد....اسفي على زهور وجبال كردستان هذا المصير...وشكرا


2 - الزنى بالعبد حلال في الاسلام.
احمد حسن البغدادي ( 2015 / 6 / 6 - 00:43 )
تحية أستاذ بير روستم.

لقد كان للعرب في عصر النور، قبل الاسلام، اخلاق وضوابط اجتماعية ارقى وأشرف من اخلاق محمد واخلاق دينه الاسلام.

اغتصاب الاسيرات واستعبادهن حلله محمد للعرب بعد ان كان اثم وعيب اجتماعي عند العرب قبل الاسلام،

لنقرأ ماذا يقول الصحابة في معاملة الأسيرات، وبماذا نصحهم محمد، اشرف الأنبياء، كما يسميه المسلمون،
لنقرأ تفسير سورة النساء اية 24؛
( والمحصنات من النساء الا ماملكت ايمانكم)
تفسير ابن كثيرفي أسباب نزول الآية :
(( انتصر المسلمون في غزوة أوطاس، فقال الصحابة؛ فاصبنا سبي من سبي اوطاس، ولهن أزواج، فكرهنا ان نقع عليهن ولهن ازواج،
فكان أناس من الصحابة، اصحاب رسول الله، كفوا وتاثموا من غشيانهن))

تعليق.
اي ان الصحابة خجلوا من الاقتراب من الاسيرات وتاثموا، اي أحسوا بالاثم لكونهن متزوجات ولهن أزواج .

شرح الطبري:
( فكان المسلمون يتاثمون من غشيانهن من اجل أزواجهن )

القرطبي:

( فكان ناس من اصحاب النبي تحرجوا من اجل أزواجهن المشركين)

فقال لهم محمد هذه الآية:

(والمحصنات من النساء، الا ماملكت إيمانكم، فاستحللنا فوجهن)
اي،
لاتخجلوا ولا تتاثموا.

تحياتي للشرفاء فقط.


3 - تصحيح.
احمد حسن البغدادي ( 2015 / 6 / 6 - 09:42 )
يرجى تصحيح الخطاء الذي ورد في نص الآية،

الخطاء : فاستحللنا فوجهن.

الصحيح: فاستحللنا فروجهن.

تحياتي.


4 - شكر وتحية
بير روستم ( 2015 / 6 / 9 - 22:28 )
أشكر الصديقين صلاح البغدادي وأحمد حسن البغدادي على المرور والتعليق الجميل والذي وضح بعض القضايا والنقاط الجيدة والتي خدمت فكرة المقال وكما أشكر الموقع والمشرفين عليه مع التمنيات أن نقدم قراءات واقعية وعقلانية لتاريخنا وماضينا ودون الوقوع في التهويل أو الحاباة ..مرة أخرى الشكر والتحية لكم جميعاً.

اخر الافلام

.. الموت.. ما الذي نفكر فيه في الأيام التي تسبق خروج الروح؟


.. تعمير -القس تادرس رياض يوضح تفاصيل كاتدرائية ميلاد المسيح من




.. تعمير -القس تادرس رياض: كنيسة كاتدرائية ميلاد المسيح مرسومة


.. تعمير -القس تادرس رياض: كنيسة كاتدرائية ميلاد المسيح بالعاصم




.. تعمير -القس تادرس رياض: كنيسة كاتدرائية ميلاد المسيح بقت واج