الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المرأةُ مرآةُ الرجلِ

زيد كامل الكوار

2015 / 6 / 6
المجتمع المدني



مما لا مراء فيه ، أن المرأة مرآة الرجل الصادقة التي يرى فيها عيوبه ، جلية ناصعة واضحة ، وتظهر في الوقت عينه جماله الحقيقي وحسناته ، ولهذا السبب ترى الرجال متباينون في نظرتهم إلى المرأة ، على أساس شخصيته فمن يرى في مرآته ما يرضيه ويبهجه من حب وعاطفة وإعجاب ، يصبح من النخبة التي تدافع عن المرأة وتسلط الضوء على مواطن جمالها ، وأهمية دورها في المجتمع وضرورة أخذها كل ما تستحق من الحب والاحترام والتقدير والتبجيل أما من يرى في مرآته الخاصة ، صورته البشعةَ التي لا ترضيه ، مع أنها تنقل صورته التي تعكس طباعه الخشنةَ أو محتواه الفكري المتخلف الهزيل ، أو تنقل صورةَ هيكله العاطفي المأزوم المريض ، فذاك بلا شك سيكون حريصا بدافع من مرضه ، على امتهان المرأة واضطهادها ومحاولة إظهار المرأة على أنها لا تعدو كونها جسدا وجد لخدمته ومتعته ، ومكملا للوازم حياته اليومية ، فهي بعض من مقتنياته التي تكون غالية أحيانا وأحيانا أخرى تصبح سلعة يسهل التفريط فيها إذا انتفَت الحاجة المادية إليها ، فتطلق إن كانت زوجة ، وتباع أو تسخر إن كانت بنتا أو أختا ، لخدمة العشيرة كي يدفعوها " فصلية " إلى عشيرة أخرى تكفيرا لذنب اقترفَه مجرم عات ، و لم تقترفه هي وإرضاء لأناس لا تعرفهم هي من قبل ، هل من المعقول ما يحدث الآن في العراق ؟ هل كان لأحد أن يتوقع مثل هذا الانحدار والتقهقر إلى الوراء ؟
هذه العادات والتقاليد البالية ، كيف تسنى لها أن تقتحم مجتمعنا بهذه القوة والوضوح والوقاحة ؟ أهي صورة أخرى لمأساة الآيزيديات بيد داعشية جديدة بأدوات ووجوه مختلفة ؟ أهي نسخة المأساة البصرية ، بأسلوب جديد مقنن عشائريا ؟ هذا الانحدار الحضاري المقصود يعكس ضعف الحكومة وانعدام هيبتها مع احتقار واستهزاء بالقانون الذي ترك الساحة خالية للأعراف العشائرية كي تستأسد وتتنمر في غياب تام للقانون وسطوته وسلطته ، أيعقل أن تعامل المرأة العراقية بهذا الامتهان والابتذال ؟ أفي القرن الحادي والعشرين يكون كل هذا الشذوذ الفكري الذي تحدى الذوق العام عشائريا ، إذا قاطع هذا المجلس العشائري الكثير من الشيوخ الأفاضل اعتراضا على هذا الإجراء المنافي للذائقة العامة ، واستهجنه علماء الدين لكونه مناف للشريعة الإسلامية التي أنصفت المرأة في كل تشريعاتها ؟ .
واستهجنه كذلك المثقفون الذين سخروا أصواتهم وأقلامهم للتنديد بهذا الفعل الشائن شرعا وذوقا وعرفا ، ما هذا التخلف ؟ بل ما هذا الجحود وهذه القسوة ؟ هل يتصور أحدكم أن هذه الشابة بل الطفلة المأسورة إرادتها فهناك أخبار تؤكد وجود الكثير من الطفلات بين تلك السبايا برضا أهلهن ، هل يصدق أحد أن الشيخ الذي خنع وخضع وانصاع لهذا الحكم الهمجي المتخلف الجائر ،أرسل فيما أرسل من ضحايا ، إحدى بناته أو أخواته ؟.
بنات الشيوخ في مأمن من هذا الانتهاك ، بالتأكيد فالأعراف العشائرية تنزه بنات الشيوخ و أخواتهم عن أن يؤخذن في الفصلية فهن المحصنات وغيرهن من " بنات الفقراء المسحوقين الذين داس الزمن وشيخ العشيرة والقانون وشيوخ العشائر الأخرى " على كرامتهم بلا رحمة أو تردد ، فولي أمر تلك المسكينة يتم استرضاؤه بحفنة رخيصة من المال السحت الحرام وإن استطاع أن يعترض ولا أحسب أن ذلك بإمكانه ، فإنه سينال عقابا رادعا يعلمه الأدب مع الشيوخ والعشيرة ورغباتهم ، فما هو إلا أداة توضع حيث يرتئي الشيخ الحكيم . والله لم يكذب الشاعر حين قال :
من يهن يسهل الهوان عليه * ما لجرح بميت إيلام
ألم يكن من أخلاق العرب أن يضحي الرجال بأرواحهم حفظا لأعراضهم وصيانة لها من أن تمس بسوء ؟
فما الذي حدث يا شيوخ العصر الحديث حتى صرتم تجبنون حتى تفتدون أنفسكم بأعراضكم ؟
إنها لعمري سبة ما بعدها سبة ، وهنيئا لكم يا من افتديتم أنفسكم بأغلى ما يملك العربي . وأنعم بكم وأكرم








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بكين تفرض قواعد جديدة في -بحر الصين الجنوبي-.. واعتقال كل من


.. المتحدث باسم اليونيسيف يروي تفاصيل استهداف الاحتلال أطفال غز




.. مأساة إنسانية في غزة.. أكثر من 37 ألف قتيل ونصف مليون تُحاصر


.. مسؤول إسرائيلي لـ-أكسيوس-: حماس رفضت مقترح بايدن لتبادل الأس




.. سرايا القدس: لا نعلم إن كانت المعاملة الطيبة مع الأسرى ستستم