الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
الأزمة بين الدين و العلم (10)
جرجس تقاوي مسعد
2015 / 6 / 9التربية والتعليم والبحث العلمي
بحث في إحدى مشكلات التعليم المعاصر
الأزمة بين الدين و العلم
"الحلقة العاشرة"
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الباب الثاني
نماذج من التاريخ و الحياة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الفصل الرابع
أمثلة للمتجاهلين العلم مكتفين بالدين
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
رأينا في الفصلين السابقين نموذجين من المحتكين بالدين و العلم ، فمنهم مَن استخدم العلم لصالح الدين و منهم مَن استخدم الدين لصالح العلم، و رغم تحفظنا على كلا الأسلوبين فإنهما أخف ضرراً مما سيلي بيانه فقد تعامل كلا منهما مع الدين و العلم على السواء (و إن اختلفت وجهة النظر و أسلوب التعامل) أما ما سيلي فهو يرى عنصراً واحداً فقط و لا يرى الآخر أو يدعي عدم رؤيته له !!
ففي هذا الفصل سنرى بعضاً ممن يرى الدين فقط و لا يرى العلم على الإطلاق:-
"قال محمد بن الفضل البلخي في تعريف العلم: (العلوم ثلاثة: علم بالله وعلم من الله وعلم مع الله. فالعلم بالله معرفة صفاته ونعوته، والعلم من الله علم الظاهر والباطن والحلال والحرام والأمر والنهي والأحكام، والعلم مع الله هو علم الخوف والرجاء والمحبة والشوق)" [المصدر (الدمشقي: شذرات الذهب ، ج 2، ص 282.)]
"وقال الشيخ بن باز في تعريف العلم: (لا يكون طالب العلم من أهل العلم إلا بتدبر وتعلم كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم والأخذ من علماء السنة ، هذا هو طريق العلم)" [المصدر (ابن باز: فتاوى بن باز، ج 9، ص 166.)]
"ويقول ابن الجوزي في تعريفه لعبد السلام بن عبد الوهاب البغدادي: ( قال ابن رجب: كان أديباً كيساً، مطبوعاً، عارفاً بالمنطق والفلسفة والتنجيم، وغير ذلك من العلوم الرديئة، وكان لم يفتأ غير ضابط للسانه، ولا مشكوراً في طريقته وسيرته ." [المصدر (الحافظ عبد الرحمن بن الجوزي: أحكام النساء، ص 36.)]
يا للعجب ففي الأمثلة السابقة بعض الأسماء البارزة ممن يلقبهم العرب (بالعلماء)!! بينما هم ذاتهم في أخص كتبهم التي تمس الموضوع في تعريفهم للعلم لم يتطرقوا أصلاً إلى العلم و إنما نعتوا بالعلم ما هو أصلاً دين !!!!!
بل إن بعضهم يرى في العلم شيئاً رديئاً كما أشار ابن الجوزي !!!!!!!!
و قد يستوقفنا معترضٍ قائلاً :- حسبك فإنك تتكلم عن فترة كان للدين فيها السيادة على كل مناحي الحياة في الشرق كما للغرب أيضاً.
و للإجابة على ذلك نقول :-
أولاً :- نحن لا ننتقد الشرق مدافعين عن الغرب (بل إن التاريخ الغربي ذاته يعترف أنه في فترة العصور الوسطى كان قادة الدين يحرقون كتب العلماء و أحياناً العلماء أنفسهم متهمين إياهم بالعمل في السحر و أعمال لا يرضى الله عنها فقط لأن قادة الدين ـ المسيطرين على كل مناحي الحياة كما أشرت ـ لا يفهمون هذه النظريات العلمية أو لا يجدون تفسيراً دينياً مناسباً لها من وجهة نظرهم !!!!)
ثانياً :- إن ذلك يؤيد و لا يعارض خطورة أن يسيطر الدين على العلم (أو العكس) بأن يضع أشخاص غير مؤهلين في موقع الحكم و التقييم و التعليم فتكون النتيجة هي الجور و الظلم و التجهيل.
ثالثاً :- إن هذا يؤكد أن المشكلة لا ترتبط بدين بذاته في مقابل مجال علمي بعينه ( و إنما ـ كما أشرنا في بداية البحث ـ أي دين كان في مقابل العلم عامة).
رابعاً :- إن هذا الصراع لا يرتبط بفترة زمنية معينة ( كما يرى البعض أنها فترة العصور الوسطى) بل يمتد عبر الأجيال، و لكن الوضع الحالي يجعل الغلبة للعلم (ظاهرياً) فيضطر حتى بعض رجال الدين ارتداء عباءة العلم للاستمرار في الوجود مقابل هذا التيار العلماني، و لو كانت الأمثلة التي سقناها سابقاً من عصور تاريخية غابرة فها مثل معاصر من المعرفة و التقدم بحيث يستخدم شبكة الاتصالات الدولية (الإنترنت) نراه في مقال (و يا للمفارقة) بعنوان (الفهم السليم لعلاقة العلم بالدين) يكتب التالي:-
"أ- العلم الطبيعي جزء من الدين وليس منافساً له، وفي الدين إضافة إلى العلم، معرفة يقينية عن الحقائق الكبرى في الوجود، من لم يفتح لها عقله وقلبه ضل ضلالاً مبيناً.
ب- ليس صحيحاً أن الإيمان بالله مبني على الجهل بتفسير بعض الظواهر الطبيعية. تفسير الظواهر وقوف على الكيفية التي تتحقق بها إرادة الله في بعض ما نشاهده. المؤمنون يعرفون كيف ينزل المطر وفق القوانين الطبيعية ومع ذلك يشكرون الله عليه كلما هطل.
جـ- يقتضي الإيمان بالله أنه لا يسأل عن مشيئته وتدبيره، ولا يقضى عليه في شأن من شؤونه. وليس للإنسان علم إلا ما علمه الله، وهو عاجز عن الإحاطة بما لم يظهره الله عليه. ادعاء الندية جهل بتفرد الله ووحدانيته ويناقض عقيدة الإيمان.
د- يسعد المؤمنون بتطور العلم التجريبي ويشاركون فيه. وقد يعينهم على فهم بعض آيات كتاب الله التي لم يحسنوا فهمها. من ذلك مثلاً اجتهاد بعضهم بأن آية {والسماء بنيناها بأيد وإنا لموسعون}، تشير إلى ظاهرة التمدد الكوني الذي اكتشف في القرن العشرين. فليس الأمر أمر ترميم نصوص. وإنما هو الدراسة المقارنة المستمرة بين كتاب الله وخلق الله، طلباً لمزيد الفهم وتثبيتاً للإيمان.وأختم هذه المقالة بتقرير أن كل زيادة على العلم الطبيعي عقيدة. أكثر هذه العقائد شراذم من تصورات لأمور لا يحفل بها الناس ولا تمس حياتهم. الدين عقيدة شاملة للوجود وتصور واضح للحقائق الكبرى فيه. والتجربة الدينية في حياة المؤمن عميقة ومؤثرة وتمس كل جوانب الحياة. والذي يعيش تجربة الإيمان يعجب لمن يعيش بدونها قال تعالى {...ومن لم يجعل الله له نوراً فما له من نور}." [المصدر (http://www.almarefh.org/news.php?action=show&id=3403)]
فبرغم كون هذا الفكر معاصراً زمنياً إلا أنه يتبع ذات المدرسة السلفية التي كانت تسيطر عليها العصور الظلامية التي أشار لها المعترض، و برغم من أن عنوان مقاله (الفهم السليم لعلاقة العلم بالدين) إلا أن محتواها (علاقة الدين بالدين) و لا مكان للعلم فيها. !!!
(يتبع)
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. الجزائر: استعراض للقوة في الذكرى السبعين لحرب الاستقلال؟ • ف
.. تونس: مناورات عسكرية بالتعاون مع القيادة الأمريكية في إفريقي
.. الانتخابات الرئاسية الأمريكية: هل بإمكانك التصويت إن كنت مها
.. ردود الفعل في الجزائر على نيل كمال داود جائزة غونكور الفرنسي
.. trending news video 149