الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ثقافة الخوف وإمبراطورية الدم الفصل الأول: مفاهيم وقضايا (8) الإسلام .. والعنصرية!!.

بير روستم

2015 / 6 / 10
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


البحث العلمي يشبه البحث الأركيولوجي؛ فكلما عدنا للتاريخ والأعماق نكتشف الكثير من الكنوز الفكرية واللقى المعرفية وهكذا فإن عدنا قليلاً للخلف ونظرنا إلى أعماق التاريخ وأمهات الكتب وبطونها فإننا سوف نكتشف الكثير من تلك الكنوز والتي طمرتها طبقات من الأوحال والمجادلات المخادعة، كما تكتشف في الأبحاث الأركيولوجية لأعماق الطبقات التاريخية الكثير من اللقى الأثرية وبالتالي فإننا سوف نتأكد؛ إننا كشعب "شعوب" متمايزة حضارياً ثقافياً قد تعرضنا إلى نوع من الخديعة والمخاتلة ولأكثر من مرة وبأشكال وأساليب مختلفة وتحت مسميات عدة ومنها تحت ما ما يسمى بـ"الأمة الإسلامية".
بلى؛ إن الدين الجديد "الإسلام" وفي بداياته وعندما كان ضعيفاً هشاً ويبحث عن المؤيدين والتابعين فقد نادى بالإخوة والمحبة بين الشعوب والأمم والملل حيث مقولة؛ "لا فضل لعربي على أعجمي إلا بالتقوى"، ولكن ورغم تلك المقولة؛ فإننا سوف نشاهد وفي المراحل اللاحقة من التاريخ الإسلامي وخاصةً بعدما يمتلك الأسياد الجدد (العرب) أسباب القوة؛ من مال ورجال وسلاح وتكون لهم دولتهم وإمبراطوريتهم وخلافتهم سوف يتناسون هذه الشعارات والأطروحات جميعاً ولن يتركوا للآخر إلا أحد الخيارين التاليين؛ إما أن يتخلى عن عقيدته ودينه السابق ويصبح من الموالي والتي لا تختلف عن مفهومية العبد، ثقافةً وواقعاً فعلياً أو يكون له الموت والنحر .. وللأسف حتى الطريق الثالث والذي كان يترك (الآخر) على دينه مع "دفع الجزية صاغراً" ألغاها الخليفة (عمر بن الخطاب) مع توسع الدولة الإسلامية جغرافياً وإزدياد الطلب على القوات والرجال والجيوش لفتح باقي الأمصار والبلدان.
وهكذا وإن عدنا للمقولة السابقة وفككنها تفكيكاً معرفياً وقمنا بتحليلها وشرحها تفصيلياً _تلك التي تقول؛ "لا فرق لعربي على أعجمي إلا بالتقوى"_ فإننا سوف نكتشف بأن المقولة نفسها تحمل في داخلها تناقضاً كلياً مع ظاهر العبارة والمقولة، بمعنى إنها تقوم أساساً على مبدأ المفاضلة بين الأجناس والأعراق وإن فيها تفضيل بيّن للعربي على الأعجمي وذلك عندما تسمي العرب كمعرَف به وكقوم وملة متمايزة بالإسم وتضعها في الأول، بينما تؤخر كل الملل والنحل الأخرى إلى المرتبة الثانية وتطلق عليهم كلمة "الأعجمي" كنكرات أمام المعرف به إلا وهو "العربي". وهكذا فإننا نستدرك بأن المقولة وفي مضمونها وباطنها المعرفي والدلالي تقول بعكس ما هو الظاهر في الإستدلال به؛ أي تؤسس لقضية التفرقة بين الأقوام والأجناس وتفضل عنصر إثني على الآخرين وخاصةً عندما نربط التقوى بالإيمان والإسلام وأن العرب هم أصحابها وحاملي رايتها الأولى؛ كون الرسالة خرجت من الجزيرة العربية والعنصر العربي.
رغم ما تقدم وسبق أن وضحنا بخصوص التركيب والدلالات اللغوية، يمكننا أن نترك اللغة والمصطلحات اللغوية جانباً ومن دون أن نجعلها ركيزة للعمل البحثي ودراسة الآليات في التفكير الإسلامي بصدد قضية "العنصرية" مع أن اللغة والقواعد يعتبر إحدى أهم الركائز الإسلامية والقرآن، بل إن "الإعجاز القرآني" جاء من خلال الفصاحة واللغة _كما هو متداول في العالم الإسلامي_ وبالتالي فليس من المعقول أن تمر مثل هذه الإشارات والإستدلالات بدون أن تكون لها معانيها ودلالاتها العميقة وذلك على المستويين السوسيولوجي وأيضاً السايكولوجي عند كتابة النص، أو علينا أن نعتبر قضية "الإعجاز القرآني" إحدى القصص والحكايات والأساطير الإسلامية ولإضفاء بعض الهالة والخصوصية على النص القرآني والذي هو نتاج مرحلة تاريخية عرفت بالفصاحة في اللسان حيث الشعر العربي "الجاهلي". وهكذا فإننا نعيد ونقول؛ سوف نبتعد عن الإستدلالات اللغوية وسنورد عدد من الأمثلة بخصوص علاقة الإسلام والمسلمين مع من كان يخضع للسلطة الجديدة _أي الإسلام_ من الشعوب الغير عربية والتي كانت تعرف بالموالي إصطلاحاً ومعنى وحياة واقعية كأفراد وجماعات من الدرجة الثانية في المجتمع الإسلامي.
وبدايةً علينا أن ندرك إنه وحتى في الأيام الأولى من حياة الدين الجديد، كان خيار العبودية "المولى" متاحة فقط لغير المسلمين، بمعنى؛ إنه لم يكن متاحاً للعربي أن يختار هذا الطريق _الموالاة_ فهو مخير بين الشرك والإيمان، بين القتل دون أن يصبح عبداً أو الإسلام والجهاد في سبيل "إعلاء كلمة الله" وهكذا فإن مسألة الخيار الثالث وقضية "الموالي" جاء تخصيصاً لغير العرب وهذه تعتبر إحدى ركائز وسمات العنصرية بحق الآخر المختلف والمتمايز إثنياً قومياً كون الإثنان؛ العربي والأعجمي سوف يشتركان في الإسلام ويبقى التمايز في الإنتماء العرقي وأي تمييز على ذاك الأساس تكون العنصرية بأبرز تجلياتها ومظاهرها المجتمعية والثقافية. والنقطة الأخرى وكما رأينا في الحلقات السابقة؛ فإن العربي المسلم كان يحق له الزواج من الموالي، بينما لا يحق للموالي _الأعجمي المسلم_ من الزواج من إمرأة عربية مسلمة رغم إنهما "إخوة في الدين" بحسب المقولات الإسلامية وكانت تلك تأكيداً للحالة "العنصرية".
وإضافةً إلى ما سبق من التمييز العنصري بحق المكونات المجتمعية من غير العرب داخل الكيان الإسلامي، فإن عدنا إلى رسالة الخليفة عمر بن الخطاب إلى عامله وواليه في البصرة _أبي موسى الأشعري_ والذي يطلب فيه قطع رؤوس الأعاجم الموالي وصولاً إلى عدم قبول الإسلام من غير العرب في تلك المرحلة لكي يؤخذ منهم الخراج والجزية وإغناء خزينة "بيت مال المسلمين" بتلك الأموال _بحسب بعض المصادر والتي تحسب على المذهب الشيعي وبحجة الردة عن الإسلام_ وقد كان في ذلك تمكين للسلطة الجديدة؛ الإسلام وتأكيد على سيادة العنصر العربي على باقي فئات المجتمع ومكوناته العرقية والعنصرية والذي يشكل إضافة جديدة لمفهوم تكريس "التمييز العنصري" في المجتمع الإسلامي.
وإننا سوف نترك سيول الدماء وأكوام الرؤوس المقطوعة والتي أرتكبها المسلمون في بلدان الأعاجم لحلقة وموضوع قادم، كما أن قضية إستعباد المجتمعات لغوياً ومنهم المجتمع واللغة والثقافة الكوردية تؤكد وبدون مواربة على قضية التفوق والتميّيز لصالح العنصر والثقافة واللغة العربية؛ كونها لغة القرآن والإسلام والدولة وخاصةً في مراحل لاحقة من الخلافة وتقوية الدولة الإسلامية .. ليس ذاك فقط؛ بل حتى على المستوى النفسي فلقد تم إستعباد شخصية الإنسان الكوردي "الأعجمي" _أحد مفردات ونكرات الأعاجم_ حيث وإن وجدنا ما يبرر لـ(صلاح الدين الأيوبي) بما قام به من أعمال وسياسات وإنها كانت منسجمة مع روح تلك المرحلة وذاك العصر، إلا إننا لن نجد ما يبرر لشخصية مثل (محمد سعيد رمضان البوطي) وهو "يضع قومه وملته تحت حذائه" وفي عصر يعتبر عصر القوميات، إلا عندما ننظر للقضية من زاوية الإنسلاخ والإستعباد العنصري بحيث جعلته يتنكر لبني قومه؛ كون موقفهم تعارض مع موقف العنصر المتسيد "العربي المسلم" وذلك في الحدث العراقي.
واليوم هناك تخوف آخر في قضية ما يمكن أن نسميه بالعنصريات المقننة؛ مع مشاريع ومفاهيم "دولة المواطنة" و"الجغرافية الوطنية" بحيث تكون هي الأخرى نوع من المصيدة لباقي الشعوب والقوميات _وخاصةً الأقليات_ بأن تكون ضحية هذه المفاهيم المدنية العصرية والمشاريع الديمقراطية و"الضحك علينا" _مرة أخرى_ من خلال مفهوم (الإخوة) ولكن هذه المرة بأسم "إخوة الوطن والمواطنة" وبالتالي أن تضيع منا الفرصة مرة أخرى لأن يكون لنا _نحن الكورد_ هويتنا وشخصيتنا الوطنية الخاصة بنا أسوةً بباقي شعوب المنطقة والعالم، وهذا لا يعني في مطلق الأحوال التعصب القوموي والعنصرية البغيضة، بل هي دعوة إلى المساواة الحقة والإعتراف الدستوري بخصوصيتنا الثقافية والحضارية والوطنية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى بحماية من قوات الاحتلال


.. لايوجد دين بلا أساطير




.. تفاصيل أكثر حول أعمال العنف التي اتسمت بالطائفية في قرية الف


.. سوناك يطالب بحماية الطلاب اليهود من الاحتجاجات المؤيدة للفلس




.. مستوطنون يقتحمون بلدة كفل حارس شمال سلفيت بالضفة الغربية