الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


منصب مفتي الجمهورية من الإستقلال حتى أواخر حكم بورقيبة

ضياء البوسالمي

2015 / 6 / 11
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


سعى الحبيب بورقيبة منذ الإستقلال على تهيئة أرضية ملائمة لتطبيق برنامج و رؤية تتمثل في إستيراد النموذج الأوروبي للدولة ( الفرنسي تحديدا ) مع مراعاة الخصوصيات الثقافية للمجتمع في ذلك الوقت. و قد عمد منذ البداية إلى علمنة الدولة من خلال مجموعة من القرارات التي أدت إلى تغييرات جذرية على المستوى الإجتماعي و الثقافي.. و لعل إخضاع الهياكل الدينية التي كانت تتمتع بسلطة هامة في دولة ما قبل الإستقلال، قد توج بإحداث منصب مفتي الجمهورية. فماهي أسباب إحداث هذا المنصب ؟ و إلى أي مدى يمكن إعتبارها خطة ذات إستقلالية و نفود ؟

كان لبورقيبة وعي بضرورة تجاوز العائق الديني و إعمال العقل في تسيير دواليب الدولة. فمن خلال خلق منصب مفتي الجمهورية بدلا عن لقب شيخ الإسلام الذي إنطلق العمل به منذ 1847، كانت نية بورقيبة واضحة في التوجه نحو توحيد الإفتاء كما كان موقفه مماثلا في توحيد القضاء و إلغاء المحاكم الشرعية. فالدولة الحديثة تتطلب مفت واحد لجميع المواطنين توكل إليه مهمة تأويل النصوص الشرعية و حفظ المثل العليا للدين. وقد أحدثت هذه الخطة بأمر مؤرخ في 28 فيفري 1958 الصادر بالرائد الرسمي في غرة مارس 195. و تجدر الإشارة أيضا إلى أن هذا المنصب طرأت عليه بعض التحولات فأصبح مفتي الجمهورية عوضا عن مفتي الديار الإسلامية و ذلك بعد صدور أمر 1962 الذي نص على أن المفتي أصبح يعين مباشرة من بأمر من رئيس الجمهورية و ليس بإقتراح من الوزير الأكبر كما كان سابقا.
إن هذا التحول الذي طرأ على خطة مفتي الجمهورية يقودنا إلى الإستنتاج أن هذه الخطة هي مجرد وظيفة صورية لإرتباطها بالسلطة السياسية فالمفتي يراعي في قراراته و إجتهاداته قيم الحداثة و الدولة الحديثة و ليس ذلك بالضرورة من خلال إقتناع ذاتي بهذه القيم و إنما هو نتجة خضوع الديني للسياسي. من هنا نستشف السياسة المتبعة من طرف بورقيبة لإضعاف وظيفة الإفتاء، فإلغاء المحاكم الشرعية و إستبدالها بمحاكم تحتكم إلى القانون الوضعي يعكس التوجه العقلاني و القطع مع سلطة الفقية، فالمؤسسات الدينية كالمساجد مثلا ألحقت بالوزارة الأولى بعد الإستقلال.
إن إحداث خطة مفتي الجمهورية كانت وسيلة للحفاظ على شكليات توهم العامة بتمسك السلطة السياسية بالدين و لكن الحقيقة هي أنه تم إضعاف السلطة الدينية ممن خلال إلغاء نظام الأحباس الذي كان مصدرا لتمويل المؤسسات الدينية و بالتالي نجح بورقيبة في بسط نفوذه و إحكام سيطرته على السلطة الدينية واضعا حدا لنفوذها مكرسا العقلانية كبديل لبناء الدولة الحديثة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - حان وقت إعمال العقل والعلم
يوحنا ( 2015 / 6 / 11 - 02:24 )
جزيل الشكر لإطلاع العالَم الإسلامي ولمن يهمه أن يقلص تفرد السلطة الدينية بتطبيقات أكل الدهرعليها وشرب ولم تعد صالحة لعصر العلوم الحديثة التي لم يعد الإيمان الأعمى ينطلي عليها. نبارك لكم زمن بورقيبة العلماني
أشد على أيادي رؤساء الدول الإسلامية والمثقفين أن نحذو حذو قرار بورقيبة الجريء كي نخطو باتجاه تشغيل العقل بدل االعواطف والتقاليد والأعراف التي لن نتخلص منها إلا بقرارات جريئة
لي سؤال إن سمحت هل مازال قرار مفتي الجمهورية معمولاً به في الوقت الحالي، أم أن حليمة رجعت لعادتها القديمة بالعودة إلى استفراد المفتي في تخدير الشعب وترويعه
تحياتي الخالصة

اخر الافلام

.. عادات وشعوب | مجرية في عقدها التاسع تحفاظ على تقليد قرع أجرا


.. القبض على شاب حاول إطلاق النار على قس أثناء بث مباشر بالكنيس




.. عمليات نوعية للمقاومة الإسلامية في لبنان ضد مواقع الاحتلال ر


.. مؤسسة حياة كريمة تشارك الكنائس القبطية بمحافظة الغربية الاحت




.. العائلات المسيحية الأرثوذكسية في غزة تحيي عيد الفصح وسط أجوا