الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اللامبالاة آفة تفتك بالمجتمع

زيد كامل الكوار

2015 / 6 / 11
المجتمع المدني


عبارة تفيض سلبية و تتفجر جهلا و سطحية ، " آني شعليه " ظاهرة قديمة حديثة تسببت وتتسبب بكوارث شتى ، ربما تكون هذه الخصلة الذميمة ، من أهم السلبيات التي يشكوها المجتمع العراقي ، قديما وحديثا ، إن لم تكن هي الأهم والأخطر على جدول السلبيات الاجتماعية الكثيرة ، مرض المجتمعات المادية التي تقيس كل شيء وفق عائده المادي ، وجدواه الاقتصادية ، وما ذاك إلا بسبب الجهل الحضاري المكتسب بفعل المؤثرات المادية في المجتمع من جهل وفقر وعوز ، وعدم استقرار مادي ، جعل من المواطن آلة تشتغل بأقصى قدرتها وطاقتها لتأمين مستلزمات بقائها البسيطة ، فثقافة العمل التطوعي ، والتبرع ، أصبحا خلقين غريبين ، إن لم يكونا ساذجين ومستهجنين عند الكثير من الجهلة والسطحيين ، هي ظاهرة تنم عن اللامبالاة والأنانية الكبيرتين ، وصاحبها لا يعدو أن يكون واحدا مما يلي ، فهو إما أن يكون ، مريضا نفسيا انعزاليا ، حاقدا على المجتمع لنقص فيه ، أو متكبرا لئيما يرى في نفسه رمزا مميزا لا يليق بأمثاله النزول إلى مستوى العامة من الناس ، أو استغلالي يترك الأمور بحجة الاستغناء على أمل أن يتصدى الغير لإنجاز تلك الضرورة الملحة ، ويعيش هؤلاء عادة في قوقعة مغلقة على هامش الحياة ، لا يهتم إلا بشؤونه الخاصة بحجة أنه لم يزعج أحدا ولم يتدخل في شؤون الغير ، وقد فاته مما فاته أن هذه السلبية و اللامبالاة ، مرض اجتماعي معد خطر، فلكم أن تتخيلوا مجتمعا ليس فيه علاقات اجتماعية ودودة ، خال من التعاون والمساعدة ، تسوده الأنانية والنرجسية ، وتعيش هذه الشخصية السلبية على هامش المجتمع ، ممتصة من المورد العام للمجتمع ما تستطيعه ، من دون أن تسهم في المصب العام ، في رفد موارده مادية كانت أو معنوية ، فهي بذلك تعيش معيشة طفيلية صرفة ، تدعي عدم التأثر بالخلل الطارئ في المجتمع ، لتنأى بنفسها عن الاشتراك في معالجة ذلك الخلل بأي دور ، وإن كان بسيطا ، وذلك هو اللؤم بعينه ، فلا يريد في الظاهر لأحد أن يتفضل عليه بأية مساعدة مهما كانت بسيطة أو رمزية ، بحجة الاكتفاء ، وما ذاك إلا لأنه يخشى أن يأتي يوم فيطالبه الالتزام الأدبي بمساعدة من سبق وأن ساعده يوما ، وذلك يتعارض كليا مع مبادئه ومفاهيم المريضة الشاذة . هذه الحالة المرضية تنتشر في المجتمع العراقي ، انتشارا مخيفا ، ربما تكون الظروف الاستثنائية التي يمر بها البلد ، هي السبب وراء انتشار هذه الظاهرة ، فالمواطن يتقي العلاقات الاجتماعية الواسعة ، لأنه يرى في كثرة الأصدقاء مصدرا للكثير من المتاعب . ولو تيسر لنا التخلص من هذه الظاهرة المرضية ، لرأيت الناس تهب إلى احتواء الأزمات والمشاكل التي تحدث بين أفراد المجتمع تطوعا ، حرصا على لحمة المجتمع في الحي الصغير والريف الكبير والمدينة الكبيرة الواسعة ، ولرأيت الناس تسعى بدفع وحث من بعض الخيرين ، إلى تمييع الجليد الناشئ عن القطيعة المركبة الأسباب ، ومما تجدر الإشارة إليه أن المجتمع العراقي في الوقت الراهن ، في أمس الحاجة إلى من يتصدى لمسألة رأب الصدع والشرخ الذي يهدد هيكل المجتمع العراقي في صميمه ، والمجتمع في الوقت ذاته ، بحاجة إلى عزل النماذج السلبية التي تكلمنا عنها في البداية ، فشتان بين شخصية صاحب هذا الخلق ، وشخصية الفرد في عصر ما قبل الإسلام إذ يقول شاعرهم :
إذا القوم قالوا من فتىً ؟ خلت أنني * عنيت فلم أكسل ولم أتبلد
ولست بحلال التلاع مخافة * ولكن متى يسترفد القوم أرفد
فهذا الشاعر مستعد للفداء والإسراع في تلبية نداء قومه ، من دون أن يعين المنادي شخصه باسمه ، فهو يظن أنه المعني دون غيره حين النداء ، وهو مستعد على الدوام لتأدية الواجب ، فهو الذي يتصدر قائمة المبادرين إلى كل نصرة ونجدة وعمل خير ، ما أحوجنا اليوم إلى رجال من هذا النوع ، كي يبعثوا فينا ثقافة التطوع ، وحس المسؤولية اللذين ماتا عند الكثيرين منذ زمن بعيد0








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ديلي ميل: تحقيق يكشف تورط خفر السواحل اليوناني بقتل عشرات ال


.. مؤسس نادي كرة قدم للمكفوفين في العراق يروي قصته بعدما فقد بص




.. عراقيون كلدان لاجئون في لبنان.. ما مصيرهم في ظل الظروف المعي


.. لدعم أوكرانيا وإعادة ذويهم.. عائلات الأسرى تتظاهر في كييف




.. كأس أمم أوروبا: لاجئون أوكرانيون يشجعون منتخب بلادهم في مبار