الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الدين .. والاخلاق .. والدولة

ابو الفضل علي

2005 / 10 / 6
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


الجزء الثاني

ان النظم السياسية التي تتشكل منها الدولة او الحكومات من واجبها ان تتدخل في حياة الافراد ولا يمكن المطالبة بالغاء تدخل الدولة او كنا نشير الى ضرورة التدخل فيجب ان تكون في أضيق الحدود الممكنة في حياة الفرد.
ولعل السبب في عدم امكانية منح الدولة او الحكومة حق التدخل في حياة الافراد يعود الى مسألة التشكك في النوازع الانسانية فالنفس البشرية تواقة الى السلطان والتسلط في حياة الناس ومصائرهم ان لم يكن هناك رادع قانوني متفق عليه بين الافراد والدولة فهذا الرادع يضع الامور في نصابها الطبيعي.
ان النوازع الشريرة لدى الانسان ليست بطبيعتها كلية ناتجة عن اخطاء نظم اجتماعية سيئة بل انها ناتجة ايضا عن رد فعل في نظم سياسية لاتتخذ من القانون والاخلاق مسألة رادعة. بل ان هذه النظم السياسية في اغلب الاحيان لاتراعي مسألة كرامة الانسان وحريته التي يجب ان لاتخرج عن الاطر الاخلاقية للفرد والمجتمع.
ومن جانب اخر فان توكيل الامور بما فيها الحرية الفردية لايبعث الاطمئنان ولايدعو للتفاؤل التعامل مع الطبيعة البشرية.
ان النفس امارة بالسوء الا ما رحم ربي وهنا كان الأمر واجبا حتميا على الدولة ان تجعل الرابط الاخلاقي والقانوني يصب في قالب واحد يضمن عدم الاستبداد في حياة الافراد من جهة ويحد من الفوضوية السلبية للافراد من جهة اخرى ليضمن مجتمعا اخلاقيا مرتكزاً على اسس التشريع السماوي المثالي. ولتحد ايضا من تطرف وتشدد النفس الامارة بالسوء فالجريمة الفردية لايمكن ان تختفي من المجتمعات لان احاطة الدولة للمجتمع وفق اطر قانونية اخلاقية لايمكن بالتالي ان تحد من النزعات الشديدة لدى النفس البشرية لعدم اطاحة الدولة للنفس الفردية او العقل الفردي بسن العقوبات تجاه المجتمع فهذا القانون هو في نهاية الامر يحدد ما هية الدولة وكما ان الفلسفة المثالية هي غير واقعية وبالتالي لايوجد قانون مثالي ترضى عنه فئات المجتمع كافة.
ان ما عانته الشعوب نتيجة تجاربها المريرة مع الانظمة المركزية سواء كانت رأسمالية غايتها ان تجعل الفرد يسير وفق متطلبات المادة والاوراق النقدية دون الالتفات الى المسائل الروحية داخله او انظمة شيوعية او اشتراكية تصل في نهاية المطاف الى انظمة ديكتاتورية غايتها المسك بقبضة من حديد والغاء دور وكرامة الفرد.
جعل هذه الشعوب تبحث عن البديل للمركزية وهو اللامركزية او دولة مؤسسات المجتمع المدني فهذا النظام يعطي قوة للفرد وبالتالي فان قوة الفرد هي قوة المجتمع الذي من خلاله تاخذ الدولة قوتها في جوانب عديدة وهي:-
الجانب الاول: على الدولة المحافظة على سيادة المجتمع بكل طوائفه.
الجانب الثاني: جعل كرامة الفرد اسمى غاية في اطارها الاخلاقي لما فيه من تنمية الروح الوطنية لدى الافراد في المحافظة على الدولة ودفع عجلة تقدمها نحو الامام.
الجانب الثالث: حصول الرضى بين الدولة والمجتمع في ابرام الدستور الذي يضمن الحفاظ على القيم المادية والاخلاقية وادامة العمل بموجبها.
الجانب الرابع: ان الانسان لايستطيع ان يحقق انسانيته بارضاء الجانب المادي فقط فعلى الدولة ان تجد له الوقت لمعرفة ودراسة العلوم والفنون فالتناغم الروحي الانساني هو بالنهاية ما يميز بين الانسان والحيوان والاجدر بالدولة ان تذكي انسانية الانسان التي من خلالها يتم خلق الابتكار نحو الافضل وارساء دعائم المحبة والاحسان في المجتمع وبذلك فالتكامل الاجتماعي للمجتمع والدولة هو حصيلة التناغم الروحي الاخلاقي للمجتمع كما ان على الدولة ان تمد الافراد بالخبرة الفنية ووسائل المعرفة لدعم حالة الخلق لديهم.
الجانب الخامس: ان ديمقراطية الاكثرية هي وجه من اوجه الديكتاتورية لذا فعلى الدولة ان تراعي مسألة التوافقية وعدم انكار حق الاقلية في دورها ببناء المجتمع.
الجانب السادس: على الدولة ان تبقي باب الاجتهاد القانوني والاخلاقي مفتوحا غير موصد في وجه الخلق والابداع الانساني بما يضمن عدم لف حبل المشنقة حول رقبة الابداع والحداثة فالفنون والابداع الروحي يحد من بيرقراطية النظم السياسية ما يهدده ويعيقه.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. احتجاجات في جامعات عراقية للمطالبة بوقف الحرب في غزة


.. مشاهد من لحظة وصول الرئيس الصيني شي جينبينغ إلى قصر الإليزيه




.. فيضانات وسيول مدمّرة تضرب البرازيل • فرانس 24 / FRANCE 24


.. طبول المعركة تُقرع في رفح.. الجيش الإسرائيلي يُجلي السكان من




.. كيف تبدو زيارة وليام بيرنزهذه المرة إلى تل أبيب في ظل الضغوط