الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المصالحة الوطنية وأثرها على سوق العمل

زيد كامل الكوار

2015 / 6 / 13
المجتمع المدني


عقد من الزمن مر على العراق ، وهو يرزح تحت كساد ثقيل ، أهلك الحرث والضرع ، فالأعمال الخاصة تتعثر تحت ضربات الإرهاب الموجعة التي شلت حركة العمل سيما أن المواطن البغدادي ، يتحرك في دائرة محدودة تشمل أجزاءً محدودة من المدينة ، لأسباب باتت معروفة لكل من أجبرته طبيعة عمله على التجول في أنحاء مدينة بغداد بحثا عن الرزق وسعيا من أجل تأمين لقمة العيش اللازمة له ولعائلته ، ونأخذ سائق سيارة الأجرة مثالا لما عرضنا ، فسائق التكسي يتحرك بحذر ورعب شديدين ، لأنه يخشى على نفسه وعلى سيارته فيضحي بالكثير من الرزق مضطرا ، كي لا يدخل مناطق يعتقد بحكم خبرته بالمدينة وأهلها ، أنها خطرة على أمنه وسلامته ، لأن سكنتها تغلب عليهم صبغة مكون واحد تختلف بكل تأكيد عن مكونه . هذا التوتر والتصعيد والشد النفسي المستمر بين مكونات المجتمع العراقي وضع قيودا نفسية قاسية على المواطن ، وضيقت كثيرا مساحة تنقله ونشاطه الاقتصادي ما انعكس سلبا على عائداته المادية ، وكم من شاب مسكين عاطل عن العمل ضاعت منه فرصة عمل ذهبية بسبب التوتر الطائفي ومحذوراته الأمنية العديدة ، ولا يخص هذا الوضع الشاذ مكونا دون غيره ، فالكل يشرب من الكأس ذاتها ويعاني الأمر ذاته ، بينما كان المواطن البغدادي قبل هذه الحقبة الثقيلة ، يتحرك بحرية واسترخاء نفسي هادئ ، وكانت حركة العمل الخاص مزدهرة نسبيا ، حيث لا محاذير أمنية مقلقة ولا موانع مادية أو معنوية ، فأفق العمل مفتوح على مصراعيه والحركة سلسة منسابة بتلقائية بسيطة تحرسها طيبة العراقيين وتلاحمهم و أخوتهم الأصيلة لا الطارئة أو المفتعلة ، حيث لا مشاكل أمنية تنغص حياة الشارع البغدادي ، فحين يبدأ العمل في حي سكني ينشأ حديثا في أي جزء من أجزاء بغداد المترامية الأطراف ، ترى الآلاف من الأيدي العاملة تؤم ذلك الحي النائي صباحا ، يملؤهم النشاط والتفاؤل والعزم على الإبداع، يرافق تلك الخلايا النشطة الواسعة من الحرفيين والفنيين ، شرائح كبيرة وواسعة من المرتبطين مهنيا بحركة الأعمال الإنشائية ، فتجار المواد الإنشائية والأخشاب والحديد ، ومن يتصل بالجميع ، من سائق سيارة الحمل التي تنقل تلك المواد الإنشائية إلى العمال الذين يحملون ويفرغون تلك المواد ، و المطاعم الكثيرة التي تطعم ذاك الحشد الهائل من الشرائح التي ذكرنا ، هذه البوتقة التي تنصهر فيها شرائح المجتمع العراقي بأغلبها ، ما كان ليخبو غليانها المحبب لو تمت مصالحة وطنية حقيقية تجتث الضغينة والبغضاء التي تولدت نتيجة للدسائس والمكائد والأعمال الإجرامية المدروسة ، التي قام بها أعداء العراق من قوات الاحتلال وأجنداتها السياسية المتمثلة في إدخال شذاذ الآفاق إلى العراق عبر حل الجيش العراقي والمؤسسات الأمنية وترك الحدود سائبة ، حتى أصبح العراق ساحة مفتوحة لمن هب ودب من مخابرات الدول الطامعة في خيرات العراق والراغبة في تقسيمه وإضعافه أملا في تنفيذ المخطط الصهيوني الرامي إلى تنظيف محيطه الجغرافي من أية قوة عسكرية أو اجتماعية يمكن لها أن تهدد الصهيونية بصورة مباشرة أو غير مباشرة ، وخير ما رأته مناسبا لتنفيذ هذا المخطط الخبيث ، كانت الحرب الطائفية التي تصلح سببا مقنعا للتقسيم . أخيرا وليس آخرا، ليس أمامنا كعراقيين مخلصين لوطننا وإيمانا منا بضرورة إعادة العراق إلى السكة الصحيحة التي تمضي به قدما في طريق النهضة والتقدم والاستقرار ، ليس أمامنا سوى مصالحة وطنية حقيقية تبنى على أساس إقامة العدل والإنصاف وإرجاع الحقوق المغصوبة إلى أهلها ، كي يرجع العامل إلى عمله بلا ضغوط نفسية أو مادية ، فتنشط من جديد حركة العمل في الشارع العراقي ، وترجع الروح المحببة إلى الشارع العراقي من جديد .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أمريكا.. طلاب مدرسة ثانوي بمانهاتن يتظاهرون دعما لفلسطين


.. وفاة 36 فلسطينيا في معتقلات إسرائيل.. تعذيب وإهمال للأسرى وت




.. لاجئون سودانيون عالقون بغابة ألالا بإثيوبيا


.. الأمم المتحدة تكرم -رئيسي-.. وأميركا تقاطع الجلسة




.. تفاصيل مقترح بايدن من تبادل الأسرى حتى إعمار غزة