الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المحاصصة والحكم الرشيد

عدنان شيرخان

2015 / 6 / 15
المجتمع المدني


يستند الحكم الرشيد (وعذرا عن التكرار) وحسب ما اوردت الباحثة الاميركية بالشؤون الخارجية د. بولا دوبريانسكي الى خمسة مبادئ أساسية لتحقيقه : انتخابات حرة ونزيهة، سلطة قضائية مستقلة، حكم القانون، حرية الصحافة والتعبير عن الرأي، انعدام الفساد، واستثمار الحكومة المال في الخدمات الاجتماعية الأساسية. وحسب الأمم المتحدة (البرنامج الإنمائي)، ممارسة السلطة السياسية أعمالها ضمن معايير محددة لتحقيق التنمية المستدامة، وتنمية موارد الدولة القصيرة والطويلة الأمد، وتوفير النزاهة والمساءلة، واحترام المصلحة العامة والمحافظة عليها.
وتتشبث الشعوب التي رضخت طويلا تحت نير ونقمة الانظمة الشمولية الدموية بعبارة (الحكم الرشيد)، وتريد ان تجعلها اساسا وتعويضا لها عن الحقبة السوداء التي عاشتها بمرارة ودفعت في انحاء عديدة من العالم الثالث ملايين الضحايا الابرياء خلالها. تريد احقاق الحقوق التي اهدرت، وترنو الى تحسن اوضاعها المعيشية، ولم لا ؟ طالما ان توزيع الثروات اصبح بيد سلطة وطنية منتخبة ولم تعد ثروات البلاد حكرا على اشخاص ومجاميع متربطة بها.
اما المحاصصة السياسية التي نراها هنا وهناك، فتعني توزيع المناصب والمسؤوليات بين الكتل السياسية التي قامت على اسس عرقية، طائفية او دينية، وليست محاصصة المكونات بشكل عام، بمعنى ان الكتل السياسية هي المعنية بتقديم مرشحين الى المناصب التي وزعت بموجب تفاهمات وتوافقات طويلة ومضنية وشاقة، (هذا لي وهذا لك) او (توزيع الكعكة) كما يقال، والكعكة تعني المناصب والسلطة والمال. واول خطايا المحاصصة هي عدم تقديم من يستطيع القيام بأعباء المنصب وفق معيار (الكفاءة، النزاهة، التخصص والخبرة)، لان من تجتمع فيه هذه الصفات غالبا ما يكون مستقلا ولا ينتمي لاي كتلة، فيكون عمليا خارج الحسابات. وبذلك تكون السلطة مغلقة وغير مفتوحة لجميع ابناء الوطن.
على ارض الواقع، يتميز عمل المؤسسات في ظل نظام المحاصصة بتركيز وتقريب اقارب واصدقاء ومحبي المسؤول الاعلى في وزارته او مؤسسته، وكثرة التزلف والتقرب والوساطات، وابعاد الذين لا ينتمون الى كتلة المسؤول عن مواقع المسؤولية او ربما لابعد من ذلك، وانعدام النقد الايجابي والمساءلة لان المسؤول قد يصبح بقدرة قادر رمزا لطائفته بين ليلة وضحاها. ويكون الوسط الذي تعمل فيه المحاصصة وسطا يأخذ كثيرا بنظر الاعتبارالتوازنات والتفاهمات بين الكتل.
وعليه فان ألد اعداء الحكم الرشيد هو نظام المحاصصة، ولا يمكن تصور وجوده مع اشخاص جاؤوا عن طريق المحاصصة ليحتلوا زمام امور البلد. حتى الانتخابات التي تجري في ظلها يغلب عليها الشد الطائفي والقومي والذي يعمي بصيرة الناخب عن انتخاب الافضل والاصلح. والنظام السياسي في كنف المحاصصة يؤجل البت في حل مشكلات البلد ويغلب على عمله طابع التأجيل والتسويف، لان معظم الاطراف رضت بـ "الوضع الراهن" وقد تعده مكسبا لها، وتلجأ للدفاع المستميت عن ممثلي مكونهم الطائفي او القومي. ويكون الافق السياسي في المحاصصة مشوشا لان القرارات الكبيرة تحتاج الى توافقات صعبة التحقيق، قد لا ترى النور خصوصا في ظل المناكفات واختلاف وجهات النظر الشديد، هذا النظام بارع في خلق المشاكل وعادة ما يفشل في ايجاد حلول لها.

واخيرا ثمة امر عجاب، عدم اعتراف أي مسؤول كبر ام صغر بان المحاصصة هي التي اوصلته الى ما هو عليه، ولولاها لكان شأنه شأنا اخر، كل هذا مفهوم، ولكن الملتبس هو شتم وسب نظام المحاصصة حتى من هؤلاء الذين جاؤوا عن طريقها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حالة -إسرائيل- مزرية ونتنياهو في حالة رعب من إمكانية صدور مذ


.. احتمال إصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكّرات اعتقال إسرائيل




.. خيام لا تقيهم برد الشتاء ولا حر الصيف.. موجات الحر تفاقم معا


.. العالم الليلة | ترمب: أتطلع لمناظرة بايدن.. ونتنياهو لعائلات




.. الأمم المتحدة تبدي انزعاجها من إجراءات إنفاذ القانون ضد محتج