الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


النهاية

مهند احمد الشرعة

2015 / 6 / 17
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


في عالم من الفراغ الأبيض هناك حيث لا مكان لقوانين الفيزياء هناك حيث استطيع أن أخترق جميع الطبيعيات هناك حيث السكون واللاشئ كنت هناك نعم كنت هناك أشعر بالراحة.
ممدا على السرير أشعر بكل ما حولي أشعر بهم جميعا ولكن لا أحد يشعر بي لا أحد يشعر بملايين الأطنان التي تسحقني لا أحد يشعر بالجبل الجاثم فوقي ما هذا الذي فوقي انها لصخرة كبيرة تسحقني أريد أتحرك لا أستطيع التحرك أريد أن أصرخ الا أنني لا أستطيع الصراخ كل ما أشعر به هو الألم الذي لا يطاق ليس لدي ما ينفس عني لا أحد يستطيع أن يساعدني لا أحد يشعر بي كلهم حولي ولكن لا يعلمون الذي أقاسيه.
الجبل يسحقني بدأ يدفني بالتراب أشعر بنفسي أنغمس بالتراب ثم بدأت أهوي الى أين أهوي؟ أمن فوق جبل قد رميت؟ لا أعتقد.
انني أهوي بمكان يسحقني الجبل يهوي بي الى الاسفل يكاد أن يكسر ضلوع صدري وجدران حولي تضيق علي كل ما حولي تسحقني وأنا أهوي فجأة ارتطمت بالأرض ابتعد الجبل عني شعرت ببعض الراحة الا أنني أتألم وأتألم أريد أن أصرخ أريد أن أصيح لا أستطيع أريد أن أبكي أن أشتم لا أستطيع أسوأ أنواع الألم ذلك الذي لا نستطيع التعبير عنه.
تركت نفسي تأخذني الى الماضي البعيد هناك حيث كنت طفلا لا أعرف ما هي حقيقة الوجود لم أعرف ما قيمة الوجود كنت أجري و أجري معتبرا حديقة منزلنا جنتي لم أعرف ما هو الموت يوما لم أعرف ما هي الجنة وما هو الجحيم كل ما بالامر أنني كنت طفلا يلعب بحديقة المنزل تذكرت ابنة جارتنا وهي تبكي لقد ماتت أمها لم أعرف ما هو الموت ركضت الى أمي: أمي ما هو الموت؟
-من قال لك ذلك
-يقولون أن جارتنا ماتت و ابنتها تبكي
دموع من عين أمي ترقرقت (لقد كانت صديقتها)
-لقد سافرت ولن تعود.
عرفت الموت يومها بأنه سفر بلا عودة.
حشرات بحجم الجبال تأتي الي تتحسسني بقرونها الاستشعارية يطأنني بأقدامهن اللزجة ما هذا القرف احداهن تقترب مني أريد أن أصرخ أريد أن أبعدها لا طاقة لي بصدها تقضم أصابع يدي ألم كبير يسري بجسدي تكومن علي يطأنني وينهشن لحمي أريد أن أبكي أنتم أيها الجالسون حولي أشعر بكم فاشعروا بي أنقذوني مما يحل بي لا أستطيع أن أنطق بذلك استسلمت للألم وللتفكير وبينما هن ينهشن بلحمي ويتخاصمن عليه قدم عملاقة تحط علي وعليهن اختلط لحمي بدمائهن سحقت عظامي بقدم العملاق سمعت تفتت عظامي وتفتت جلد الحشرات اليابس أحشائي مختلطة بتلك المادة الصفراء وعظامي كالتراب أريد أن أصرخ أن أبكي أن يشعر بي من هم حولي.
كبرت وعرفت ما هو الموت لم أعرف حقيقة الموت بل عرفت أن الموت هو انتهاء الحياة الدنيا للانسان على الارض وبعدها هناك عالم البرزخ وبعدها تقوم أعمالي بتحديد مصيري سعيدا أكنت أم شقيا هكذا كنت أظن هكذا كنت أعتقد أفنيت شبابي في المساجد أتعبت قدمي بالقيام جف جسدي جراء الصيام كنت أظن أن هذه الحياة ما هي الا طريق ينقسم بنهايته الى طريقين نهايتهما اما للجنة واما للنار أعمالنا هي الدليل الذي يقودنا ويختار لنا الطريق الذي سنسلكه لنرى بنهايته الباب الذي عملنا من أجل الوصول اليه.
مزارع ضخم بشع المنظر يمر بي عرفته من منجله وفأسه أخرج أحشائي ورماها الى الارض التم النمل على احشائي احشائي ليست معي وأشعر بالنمل يأكلها أحاول أن أصرخ أن أصيح لا استطيع يجرني المزارع من قدمي ووجهي على الارض آه يا الامي القديمة وهذا الالم الجديد الى أي مجهول يمضي بي الى أي عذاب يتجه بي؟ يقتلني الالم الا أن الذي يقتلني أكثر المجهول الذي ينتظرني وفجأة رفعني وعلقني على خشبة كالصليب بوسط حقل ملئ بالغربان والقوارض أرادني فزاعة للحقل فقد رأى أن صورتي المرعبة ستخيف كل ما بالحقل تركني ومضى ولم يرى خيبة أمله اجتمعت علي الغربان تفقأ عيني وتأكلها تضع مناقيرها بأذني تدخل الى دماغي تنهش أذني أريد أن أصرخ وأبكي القوارض تحالفت مع الغربان علي دخلت ببطني تنهش ما تبقى بداخلي أشعر بأسنانهن تقرض رئتاي تقرض قلبي أريد أن أصرخ أريد أن أبكي أريد أولئك الذين هم حولي أن يشعروا بي.
كبرت قليلا بدأت أقرأ تهت بدوامات التاريخ والفلسفة تهت بكل أنواع الثرثرات التي عرفتها الانسانية التي لم تتفق على شئ يوما قرأت لهذا وذاك قرأت كل ما هو مقدس وكل ما وضع عليه شمع أحمر من التابو حرت بأمري وأخيرا رسوت على أمري عرفت كذبة الوجود عرفت أنه ما من جنة ولا نار عرفت أنني أضعت سنين شبابي بكذبة كبيرة عرفت أنني أضعت عمري بين مع وضد عرفت أن اليأس أحد الراحتين واليأس مر وتلك الراحة أحلى هناك الوطن الذي أتيت منه حيث لا شئ يحكمني ولما وصلت لتلك النقطة وقعت على الارض مضرج بدمائي سيارات اسعاف صوتها بأذني حطموا يدي وهم يحملونني ثم يلقون بي بغيبات الجب كنت أشعر بالجميع يذهب ويأتي وأنا ملقى على السرير.
وعرفت ما أريد أريد أن أستريح أريد أن أكمل ما بدأته أريد أن أرى الحقيقة المطلقة والقيمة الوحيدة أريد أن أموت وأعود الى العدم.
وفجأة لم أشعر أنني أتألم لم أعد معلقا على ذلك الصليب طارت الغربان واختفت القوارض أصبحت بمكان أبيض في عالم من الفراغ الأبيض هناك حيث لا مكان لقوانين الفيزياء هناك حيث استطيع أن أخترق جميع الطبيعيات هناك حيث السكون واللاشئ كنت هناك نعم كنت هناك أشعر بالراحة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الناخبون العرب واليهود.. هل يغيرون نتيجة الانتخابات الآميركي


.. الرياض تستضيف اجتماعا لدعم حل الدولتين وتعلن عن قمة عربية إس




.. إقامة حفل تخريج لجنود الاحتلال عند حائط البراق بمحيط المسجد


.. 119-Al-Aanaam




.. تغطية خاصة | المقاومة الإسلامية في لبنان تكبح قدرات الاحتلال