الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تجربة الإقليم 00 والمصالحة الحقيقية

زيد كامل الكوار

2015 / 6 / 17
المجتمع المدني


لا يمكن لمراقب منصف أن ينكر نجاح وعمق تجربة المصالحة الوطنية الحقيقية التي حدثت في إقليم كردستان العراق . فروعة وأصالة وجمال تلك التجربة ، تعكس الوعي والتسامح ، والحرص على مستقبل الأجيال ، لا سيما أن ما حدث في كردستان إبان التسعينيات من الحروب السياسية العسكرية الداخلية ، لم يكن بالأمر الهين التافه ، فقد حدثت الكثير من المواجهات المسلحة ، التي أودت بأرواح الكثيرين من الأطراف المتقاتلة ، علاوة على الشخصيات الكردية ، البعثية والعسكرية ، التي كانت فاعلة خلال حقبة الحكم الدكتاتوري المباد ، ولا ننسى أن فئة كبيرة من الأكراد كانوا يخدمون في تشكيلات عسكرية تعمل لإسناد الجيش العراقي في أعماله العسكرية ، وكانت تسمى تشكيلات الفرسان ، حتى أن تلك التشكيلات قد أسهمت في عمليات الأنفال وغيرها من العمليات العسكرية سيئة الصيت ، التي كانت مسخرة ضد المقاومة الكردية المسلحة آنذاك ، والشعب الكردي عموما . ولكن وبعد انهيار منظومة الحكومة العراقية بعد الانسحاب العسكري من الكويت ، وحصول كردستان العراق على حماية دولية ، اتجه حكماء الأكراد من القيادات السياسية والوجهاء والمفكرين ، إلى لملمة جراحهم الغائرة ، وترتيب بيتهم الكردي من جديد مستغلين جميع طاقاتهم المبدعة والمخلصة ، وأول ما ابتدءوا به مشروع البناء الجديد لمجتمع متماسك قوي ، هي المصالحة الوطنية الحقيقية ، وطي صفحة الماضي بعد إحالة العناصر المتورطة بالإجرام إلى القضاء العادل ، ثم بدأ الإقليم بعد عام 2003 بالصفحة الأخرى من المصالحة الوطنية المشرفة ، المستندة إلى مبادئ المحبة والأخوة والتسامح ، والمنبثقة من حرص السياسيين وذوي الحل والعقد من أعيان المجتمع من علماء الدين وشيوخ القبائل ، وباقي العناصر المؤثرة في المجتمع من الأدباء والمفكرين والسياسيين ، كل هؤلاء اشتركوا في غاية واحدة تجسدت في ترسيخ المصالحة الوطنية على أسس متينة راسخة ، وأثمرت تلك المصالحة كما رأينا ورأى العالم أجمعه ، خير الثمار التي تجلت في الازدهار والتطور العلمي والتربوي والعمراني ، الذي أصبح ظاهرة حضارية تلفت الأنظار إليها لأنه بني على أساس علمي رصين ، تحفه رعاية الله ثم الخيرين من المخلصين الذين حرصوا بتكاتفهم ، وتفاهمهم على إنجاح تلك التجربة التي تحدوا العالم بها وأثبتوا بصمودهم ، أن الوئام والمحبة والتفاهم وتجاوز أمراض الثأر والحقد والانتقام ، كفيلة بصنع مجتمع قوي ناجح متماسك، لا تكسره الشدائد والملمات ، وخير الأدلة على ذلك فشل قوى داعش الظلامية في اختراق منظومة الأمن المتماسكة المنزهة عن مظاهر الفساد المالي والقيمي الأخلاقي ، حيث العقيدة العسكرية والأمنية السليمة التي جعلت من الإقليم حصنا حصينا ، بشعور المواطنة العالي ، الذي تولد نتيجة للسلم الأهلي أولا ، ثم العدالة والنتائج المادية الملموسة على الأرض ، حيث أصبحت منجزا عاما يحرص المواطن على الحفاظ عليه والعمل على إدامته وتطويره بكل ما أوتي من قوة وعزيمة ، وكل هذا الفردوس الأرضي إذا ما قيس بحال الوضع المتردي في العاصمة بغداد أمنيا واقتصاديا ، لم يكن ليتحقق لولا توافر ما يلي : الرؤية الاستشرافية السليمة للمستقبل ، والتخطيط الإستراتيجي الواعي والمنظم ، وتسخير الإمكانات المادية والمعنوي في صورة سليمة وعلمية ، والإخلاص وروح التحدي والإبداع والهمة العالية ، كل ذلك مسبوق بالقضاء على أمراض اجتماعية سياسية تعانيها طبقتنا السياسية في بغداد حتى الآن ، وما تلك الأمراض إلا ( المحاصصة الطائفية والسياسية ، والحقد والثأر والرغبة في الانتقام ، وضعف وانخفاض مستوى الشعور بالانتماء ، وانحدار مستوى شعور المواطنة . كل هذه الأمراض هي عقبات تقف حجر عثرة وعقبة كأداء في طريق المصالحة الوطنية الحقيقية ، متى ما عملنا على علاج تلك الأمراض الاجتماعية ، والخلاص منها ، تتحق في مجتمعنا مصالحة فذة ، فلنسارع إلى التصالح مع أنفسنا أولا كيما تنفتح أمامنا آفاق مصالحة حقيقية شاملة . والله الموفق لكل خير .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قرار الجيش الإسرائيلي بشأن -الوقف التكتيكي -جاء بعد محادثات


.. شاهد: الآلاف يتظاهرون في تل أبيب مطالبين بعقد صفقة تبادل فور




.. مبادرة في يوم عرفة لحلق شعر ا?طفال غزة النازحين من الحرب الا


.. مع استمرار الحرب.. مسؤول كبير ببرنامج الأغذية العالمي يحذر م




.. الأونروا تحذر من ارتفاع مستويات الجوع في ظل استمرار إغلاق مع