الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الإسلام.. والعنف!! الحلقة الأولى _ المقدمة

بير روستم

2015 / 6 / 17
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


كانت تراودني دائماً مسألة تناول هذه القضية؛ العنف في الإسلام والإقتراب إلى حقل الألغام هذا، لكن دائماً كانت هناك الكثير من الأسباب والموانع التي تدفعني لعدم الإقتراب ذاك وربما أبرز تلك الموانع والأسباب كانت تتلخص بمسألة؛ الصعوبات والمخاوف التي ترافق هكذا عمل بحثي؛ إن كانت من حيث حجم المادة البحثية التي تريد تناولها وعمقها وإمتدادها التاريخي إلى ما قبل أربعة عشر قرناً أو الخوف النفسي والعقلي من مسألة "تكفير" الجماعات المتطرفة والمتشددة لأي باحث ومفكر يحاول الإقتراب من المحظور الديني وذلك على الرغم من كل الحقوق المدنية والتي تحترم الحريات الدينية والعقائدية كما نص عليه الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في المادة (18) حيث تقول: "لكل شخص الحق في حرية التفكير والضمير والدين، ويشمل هذا الحق حرية تغيير ديانته أو عقيدته، وحرية الإعراب عنهما بالتعليم والممارسة وإقامة الشعائر ومراعاتها سواء أكان ذلك سراً أم مع الجماعة"(1). لكن ورغم كل (المخاطر) كان لا بد من إلقاء الضوء على بعض المفاصل التاريخية المظلمة بحيث لا يبقى ذاك التاريخ ضمن القراءة النمطية للمسلمين وكأن كل شيء كان جميلاً ودون أن يقولوا: بأن تاريخنا _التاريخ الإسلامي_ هو الآخر قائمٌ على تلال الجماجم وأنهار الدماء وذلك في أحد أكثر وجوهها رعباً وعنفاً.
بلى؛ وعلى الرغم من أن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان يؤكد على حرية الفكر والمعتنق الديني وحتى تغييره لكن من المؤكد أيضاً أن الجماعات السلفية والتكفيرية ترمي بكل تلك المواثيقق والعهود "خلف الآذان؛ من الأذن وهو مثل كوردي مترجم" وذلك في حالة تعبيرية بأن كل المواثيق الدولية وقوانينها لن تردعهم في "تكفير" من يقترب من المحظور الديني ويمس تاريخهم بأي إشارة إلى وجود ذاك "الرعب الحقيقي" فهم يحاربون أي فكر علماني بحجة الإقتراب من (المقدسات) حيث يقول الدكتور صادق جلال العظم في مؤلفه "نقد الفكر الديني" وبهذا الخصوص، بأن " الخطاب الديني .. هو سلاح حاضر في يد الرجعية العربية، تحارب بها القوى التقدمية" (2) وها نحن اليوم نشاهد الفظائع التي ترتكب من قبل تلك الجماعات التكفيرية في بلداننا. أما السبب الآخر _وكما نوهنا سابقاً_ في عدم الإقتراب من هكذا موضوع شائك؛ فهي قلة المصادر والمراجع التي بين أيدينا حيث كانت هناك سياسة ممنهجة من قبل الحكومات العربية والإسلامية عموماً _وخاصةً قبل عصر الثورة المعلوماتية_ بعدم الخوض والبحث في هذه القضايا ومنع أي ترجمات لأعمال غربية من الدخول لمجتمعاتها بحجة تجنب المشاكل والإصطدام مع تلك الجماعات السلفية التكفيرية.
وبالتأكيد كانت هناك أسباب أخرى منها؛ صعوبة ترجمة كل المعلومات والوثائق والمراجع للغة الكوردية _كون البحث كتب أساساً باللغة الكوردية؛ الكاتب_ وصعوبة إيجاد المفردة اللغوية الكوردية المناسبة وخاصةً للغة تم إهمالها لعقود ودهور زمنية بحيث تفتقر للكثير من الإصطلاحات الفكرية واللغوية المناسبة وأيضاً لضعف القارئ الكوردي عموماً مع قلة قليلة قادرة على متابعة هكذا بحث باللغة الكوردية حيث الأغلبية الساحقة من أبناء شعبنا يجهلون القراءة والكتابة باللغة الأم وإن عرفها فهو قارئ الألف باء وليس قارئاً للأدب والثقافة، ناهيكم عن البحث الفكري والديني.. كما أن الكثير من أدبياتنا ومواقعنا كانت تخاف من نشر هكذا مواضيع خطرة شائكة في محاولة منها للإبتعاد عن المشاكل مع تلك الجماعات الدينية السلفية ..وإلخ. كل تلك الأسباب كانت تجعلنا أن لا نقترب من هذا الموضوع البحثي عن "العنف في الإسلام"، لكن وبعد تجربتي مع "جريدة دنك؛ أي الصوت" الكوردية ونشرها لي عدد من المواضيع الدينية وتلقي القارئ وتفاعله مع تلك المواضيع وجدت بأن من الضروري توسيع المواضيع والإنتقال من الوقوف على بعض المصطلحات والمفاهيم إلى العمق والتحليل البحثي وذلك في بعض المسائل والقضايا الإشكالية في الإسلام ومنها مسألة العنف والإرهاب الديني والفكري.
وإننا في قراءتنا ودراستنا هذه وبالتأكيد سوف نعتمد على الآيات القرآنية كمحور أساسي للدراسة والبحث ولكن سوف نقرأ الكتاب بحسب التاريخ الزمني لكتابته _مما يعرف بـ"نزول الوحي"_ وليس كما هو مدون ومرتب في الكتاب من سور وآيات قرآنية وفي ذلك يقول مؤلف كتاب (ذي النورين)؛ "..وفي مسألة ترتيب الآيات أختلفوا، فقد كان إتفاقاً أو إجتهاداً من الصحابة"(3). طبعاً لنا المقصد والغاية من هذه القراءة وفق التدرج الزمني التاريخي لكتابة تلك الآيات وذلك لكي نكشف للقارئ؛ كيف أن الإسلام تدرج من اللين والكلمة الطيبة إلى العنف وقوة العقيدة بالسيف والغزوات وذلك بحسب تدرج وإزدياد القوة والسلطة مع نمو حجم وعتاد المسلمين والدولة الإسلامية التي كانت تتويجاً لتلك القوة والعنف وذلك كأي إمبراطورية تاريخية مارست القوة في إخضاع الآخر. وبقناعتي إن هذه المنهجية في القراءة ضرورية ومهمة حتى نقف على القضية ونكشفها عاريةً للمتلقي في إستبيان عملية الإنتقال تلك وكيف أن الإسلام المكي يختلف عن المديني؛ حيث الأول إعتمد على الكلمة الطيبة والقول الحسن والتبشير، بينما إسلام المدينة وبعد إزدياد قوة ونفوذ المسلمين إنتقل الخطاب _مع الآخر_ من الكلمة إلى السيف وذلك بهدف الإخضاع وليس الإيمان. ولكن وقبل الخوض في حيثيات البحث والوموضوع، لا بد من الوقوف عند الجذور الأولية كتمهيد للبحث ولذلك بدايةً لا بد من التعرف على الثقافة الدينية التي كانت سائدة فيما تعرف بـ"شبه الجزيرة العربية" وذلك قبل التعرف على الإسلام.

الهوامش:
1- الإعلان العالمي لحقوق الإنسان - المادة (18).
2- نقد الفكر الديني - د. صادق جلال العظم؛ ص7.
3- ذي النورين؛ عثمان بن عفان، ص87.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مقيدون باستمرار ويرتدون حفاضات.. تحقيق لـCNN يكشف ما يجري لف


.. تعمير-لقاء مع القس تادرس رياض مفوض قداسة البابا على كاتدرائي




.. الموت.. ما الذي نفكر فيه في الأيام التي تسبق خروج الروح؟


.. تعمير -القس تادرس رياض يوضح تفاصيل كاتدرائية ميلاد المسيح من




.. تعمير -القس تادرس رياض: كنيسة كاتدرائية ميلاد المسيح مرسومة