الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الإسلام.. والعنف!! الحلقة الثانية _ التمهيد والجذور:

بير روستم

2015 / 6 / 18
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


إن المواضيع الدينية والفلسفية أخذت ومنذ القديم جزءً وجزءً كبيراً من إهتمام الإنسان وأحتلت مساحة كبيرة في ذهنيته وحياته اليومية، بما معناه أن قضية الأديان كانت وما زالت من المواضيع المهمة التي شغلت بال وفكر المجتمعات الإنسانية ويقول الباحث والعالم السايكولوجي (كارل غوستاف يونغ)؛ "الدين من أقدم الأنشطة الفكرية للإنسان والأكثر إتساعاً" (4)، بل ونستطيع القول: بأن الحياة؛ إن كانت حياة الأفراد أو المجتمعات كانت تدور حول هذه الفكرة المركزية، بمعنى أن المحور الأساسي للحضارات البشرية كانت حول فكرة الدين والمقدس وذلك على الرغم أن العلم بدأ يحقق إنجازات في العهود الأخيرة لينحصر العلم في بعض المجتمعات المتقدمة والتي سوف تلحقها بقية المجتمعات في ذلك _رغم حجم الكارثة هذه الأيام بواقعنا الشرقي والإسلامي_ بحيث يكون العلم والمعرفة هو البديل عن الغيبي والديني.
وكون بحثنا وموضوعنا عن الإسلام، فإننا سوف نقوم بقراءة سريعة للفكر الديني للمجتمع القريشي وما كانت هناك من رموز ودلالات دينية ومقدسة لديهم ومن المؤكد أن مجتمع قبلي قائم على العائلة والعشيرة سوف يكون السمة الرئيسية هو التعددية والإختلاف بينهم ومعروف حكاية حرب "داحس والغبراء" .. والقضية الأخرى فإن مسألة الرعي وحياة البداوة والإنتقال للبحث عن مرابع جديدة، لم يكن يسمح بإنشاء الحواضر والمدن وفي ذلك يقول الدكتور (وديع بشور): "..إلى ما قبل مائة عام من الميلاد، لم يكن قد دخل إسم العرب بين الأقوام، لم يكن قد سمع بهم أحد".
لكن ولوجود عدد من الإمبراطوريات الكبيرة على طرفي شبه الجزيرة العربية؛ بيزنطا وفارس وبغية ربط تلك الإمبراطوريتين مع بعضهما كطريق للقوافل التجارية فقد تم إنشاء عدد من الحواضر على الطرق التجارية ومنها مكة؛ كمحطة للقوافل التجارية والإستراحة والتزود بالمؤن والماء وهكذا وبفعل هذه القوافل والإحتكاك مع الثقافات الأخرى فقد تعرفت مكة ومعها قريش على تلك الحضارات وعدد من آلهة تلك الأمم والشعوب وعرفت رموزها وطقوسها الثقافية والدينية، بل أخذت بعضاً منها كطقوس ورموز دينية لها وجعلتها جزءً من ثقافتها وآلهتها ويقول في ذلك الكاتب (زياد حمادة) في مقالة عن ديانات العرب القديمة؛ "وربما تكشف لنا تلك الحقبة عن اجتهاد فكري لكنها كانت تدل على أن العرب كانوا في اضطراب روحي يريدون الوصول إلى حقيقة دينية يطمئنون إليها.. لكن ما ميز هذه الحقبة بأن الوثنية هي التي كانت سائدة فالوثنية.. فكانوا في ترحالهم يحملون الحجارة من حول الحرم تعظيماً للحرم حيثما حلوا وضعوا هذا الحجر وطافوا حوله كطوافهم حول الكعبة حتى حدا ذلك بهم إلى عبادة ما استحسنوا من الحجارة واختلطت عبادتهم بطقوس كثيرة كعبادة الأصنام السائبة والوصيلة والنسأة والأنصاب والأزلام".
ويضيف كذلك "وأول من نصب الأصنام في الكعبة هو عمرو ابن لحي (وسام لحي حارث ابن عامر الخزاعي) وذلك عندما غلبت خزاعة على البيت وجلت جرهم عن مكة كان عمرو أول من تولى البيت من خزاعة.. ويروى أنه خرج إلى الشام في تجارة له ورأى قوماً يعبدون الأصنام فأعجبه ذلك فأعطوه صنماً يدعى هبل فنصبه على الكعبة وأكثر من نصب الأصنام حولها وغلبت على العرب عبادتها .. وانتشرت الوثنية في كل أرجاء الجزيرة العربية وكان مركزها الرئيسي الكعبة وكان العرب يقصدونها من كل صوب ليقيموا شعائر الحج والتجارة وإنشاد الشعر وسماعه". ويقول كذلك وبخصوص التعدد القبلي والإختلاف؛ "ونظراً لتعدد القبائل وامتزاج بعضها ببعض فقد نتج عنه تنوع في المعتقدات والديانات. فنرى؛1- من عكف على عبادة الأصنام وحج إليها وقصدها ونحر لها وتنسك. 2- ومنهم من عبد الملائكة على أنها بنات الله على حد زعمهم (اللات والعزى ومناة). 3- الصابئة ومقرهم اليمن وحران من قبل وهم عبدة النجوم. 4- النصرانية وكانت في الشمال ونجران. 5- اليهود وكانت بيثرب وخيبر وفدك. 6- وكذلك الطوطمية تدل على وجودهم أسماؤهم (جحش، ثور، كليب، أسد). 7- الدهريون وهم من لم يؤمن بدين أو إله.. 8- ومنهم من سما عن عبادة الأوثان وآمن بالله الواحد ولم يتبع نصرانية ولا يهودية وآمنوا بالعقاب والثواب ودعوا الناس على التمسك بما تبقى من الحنفية وسنة إبراهيم.."(6). وبالتالي كانت هناك الكثير من الأفكار الدينية ورموزها وآلهتها في مكة ولدى قريش وذلك قبل الإسلام.
وهكذا وبفعل الإحتكاك الحضاري والتزواج فقد ولدت البذور الأولية لثقافة دينية كهنوتية حيث هناك من تفرغ لها ولطقوسها وفي ذلك "يقول الكلبي: "وكان عمرو بن لحي كاهنا وكان يكنى أبا ثمامة له رئي من الجن فقال له عجل المسير والظعن من تهامة بالسعد والسلامة ائت صفا جده تجد فيها أصناما معدة فأوردها تهامة ولا تهب ثم ادع العرب إلى عبادتها تجب فأتى نهر جدة فاستثارها ثم حملها حتى ورد بها تهامة وحضر الحج فدعا العرب إلى عبادتها قاطبة فأجابه عوف بن عذرة بن زيد اللات فدفع إليه ودا فحمله فكان بوادي القرى بدومة الجندل وسمي ابنه عبد ود فهو أول من سمي به وجعل عوف ابنه عامرا سادنا له فلم يزل بنوه يدينون به حتى جاء الله بالإسلام(7). وهكذا وكأي مجتمع حضاري كان لا بد من الجانب الثقافي والفكري أن يأخذ مكانته في المجتمع وقد كان الكهنة وسدنة البيت هم من يمثلون النخبة الثقافية والفكرية في تلك المرحلة الحضارية حيث لغة الخطابة الراقية والبلاغة الكلامية وإننا نلاحظ التشابه بين هذا الخطاب الذي يورده الكلبي على لسان الجن للكاهن (عمرو بن لحي) والخطاب القرآني الذي أتى لمحمد على لسان الملك جبريل، وكأن المصدر و(الكاتب) واحد مع بعض التشذيب والعمق الفلسفي والبلاغي.
وبالتالي وبعد أن عرفت قريش حياة الإستقرار والمدينة وتراكم الثروة وأيضاً من خلال إحتكاكها مع ثقافات أخرى عرفت عدد من الأديان والآلهة وبعض الدعوات إلى التوحيد كما كانت تدعو لها كل من الديانتين الزرادشتية واليهودية وفي فترة واحدة عرفت بمرحلة الديانات الكبرى والتي تعود للقرن السادس قبل الميلاد حيث ومن خلال الجذور الثقافية لحياة مكة وتلاقحها مع الثقافات الوافدة كانت قد نضجت الشروط والعوامل الذاتية لولادة ديانة جديدة في قريش تجمعهم على كلمة واحدة تكون لهم القدرة على منافسة الإمبراطوريات العظمى في الجوار وبالتالي كان لا بد من العامل والرابط الذي يوحد تلك العوائل وتجمع الآلهة المتعددة داخل الكعبة على الولاء لأحد الأصنام/الآلهة الكبرى حيث كان رابط الدين هو ذاك العامل الوحيد والذي له القدرة على جمع وتوحيد المكونات المجتمعية (القبيلة، العائلة) وذلك بفعل ثقافة المرحلة _كما عامل الشعور القومي في مراحل متأخرة والذي قام بنفس الدور السياسي_ وهكذا كان لا بد من ولادة دين جديد يجمع تلك القبائل وقد توفرت عدد من السمات في شخصية كاريزمية (محمد) والذي سوف يغير مع "دينه الجديد" الكثير من ملامح التاريخ والحضارة البشرية.
الهوامش:
4- الدين تحت ضوء علم النفس - كارل غوستاف يونغ، ص9.
5- أساطير آرام - د. وديع بشور.
6- مقالة للكاتب زياد حمادة بعنوان؛ (ديانات العرب وآرائهم قبل الإسلام) منشورة في موقع ومجلة تحولات العدد 3 لعام 2005.
7- نقد العلم والعلماء - إبن الجوزي، ص53.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - لماذا تحارب الديانه الصابئيه
رافد رامز ( 2015 / 6 / 18 - 17:07 )
السيد بير تحياتي
كتبت
3- الصابئة ومقرهم اليمن وحران من قبل وهم عبدة النجوم.انتهى
الصابئه ليسو عبده نجوم كما يقال عنهم هم يفهمون بالفلك ويقرؤنه لديهم علوم الاقدمين ابحث منذ مده واناقش مع اصدقائي من الصابئه حول ديانتهم هل هي قبل السومريه هل هي نفسها السومريه لا احد يعرف بالضبط ولكن المؤكد انهما متشابهتان وقديمتان يتهمون من قبل باقي الاديان ويحاربون لما لديهم من اسرار الكون حاربتهم كل الاقوام والاديان وكل ما يكتب عنهم من اناس لم يرو او يتكلمو مع احد منهم اغلب المسلمين لايعرفون عنهم اكثر مما مذكور في ايتين او ثلاثه في القران الذي يبدو ان كاتبه سمع عنهم القليل ولم يفهم من هم فوضعهم بالمنتصف نصف كفار نصف مومنين اول كتاب قراته عنهم في الثمانينات ولا زلت ابحث عن الحلقه المفقوده بينهم وبين السومريين رابط المنتدى http://www.mandaean-union-.org/ar/culture/item/230-mandaean-religion
رابط حول الصابئه
Steve Wilson - The Mandaens - Part 1 of 2
https://www.youtube.com/watch?v=cKMJM8wF4SQ
Lynn Picknett - The Johannite Tradition - Part 1 of 3
https://www.youtube.com/watch?v=_eIz7Go4e5A

اخر الافلام

.. اتهامات بالإلحاد والفوضى.. ما قصة مؤسسة -تكوين-؟


.. مقيدون باستمرار ويرتدون حفاضات.. تحقيق لـCNN يكشف ما يجري لف




.. تعمير-لقاء مع القس تادرس رياض مفوض قداسة البابا على كاتدرائي


.. الموت.. ما الذي نفكر فيه في الأيام التي تسبق خروج الروح؟




.. تعمير -القس تادرس رياض يوضح تفاصيل كاتدرائية ميلاد المسيح من