الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التهم الجاهزة 00 تبادل الأدوار 00 التاريخ يعيد نفسه

زيد كامل الكوار

2015 / 6 / 18
المجتمع المدني


عاش العراق منذ أواخر الستينيات في القرن المنصرم ، حتى مطلع القرن الحالي وتحديدا عام 2003 عام التغيير ، حقبة زمنية متوترة على المستوى السياسي والاجتماعي معا ، لأن الواقع السياسي يؤثر أبلغ التأثير في الواقع الاجتماعي كما هو معلوم لكل ذي بصيرة ، فالشارع العراقي إبان تلك الحقبة ، وبفعل الحروب الضروس التي تورط فيها مع الجارة إيران ، كان يعيش حالة من التوتر النفسي المقلق للمكون الشيعي تحديدا وبكم من التوتر أوضح وأكبر ، وما ذاك إلا بفعل الاعتقاد الشائع عند مرضى الشك الأمني لدى المسؤولين السياسيين والأمنيين من القيادات البعثية والأمنية الموغلة في التمييز الطائفي ، حيث كان الشيعي موضع شك في ولائه للحكومة والوطن بالنتيجة ، فالشيعي الموظف في دائرة أمنية ، أو في منصب حزبي أو سياسي ، أو المنتسب للقوات المسلحة ، كان محل نظر وتمحيص ومتابعة وريبة ، أكثر بكثير من زميله السني الذي كان يعمل بأريحية أكبر وأوسع . وبناء على هذا الواقع المقلق المريب ، اضطر أغلب الطلاب و الموظفين والعسكريين ، من المكون الشيعي ، إلى الانتماء إلى حزب البعث لضمان الحصول على امتيازات الدراسة والتعيين والعمل الحكومي ، فكانت الغالبية العظمى من طلبة الجامعات المدنية ، بل حتى المدارس الثانوية ، ينتمون إلى حزب البعث ، " اختيار مجبر " ، لضمان دخول الكليات العسكرية والأمنية التي كانت تشترط لقبولها أن يكون المتقدم إليها بعثيا ، بل إن البعض من المكون الشيعي ، ولأنه كان يعلم أنه في بقعة ضوء الجهات الأمنية المرتابة منه دائما ، اضطر إلى الانخراط في صفوف البعث ، درءا للشبهات الأمنية وأملا في تحقيق شيء من الاستقرار الأمني الشخصي . على حين كان المواطن من المكون السني ، لا يشعر أنه في موضع الشبهة بالقدر نفسه ، مع أن الجميع كانوا محل ارتياب السلطة البوليسية على الدوام ، لكن المواطن السني كان أكثر استرخاء بالمجمل ولا يشعر أنه في بقعة الضوء أو الشك الأمني ، الأمر الذي جعله غير مضطر إلى محاباة السلطة والانتماء إلى الحزب حينها ، مع أن المواطن السني غير البعثي كان ينظر إليه أمنيا ، كمادة خام للتنظيمات الدينية المحظورة مثل الحزب الإسلامي ، أو تنظيم الوهابية . أما اليوم وتأسيسا على ذلك الإرث الحكومي الأمني السياسي ، يحدث عل الأرض تبادل للأدوار ، بصورة كاملة، فبعد أن كان الانطباع الأول عن المواطن الشيعي في زمن النظام السابق ، أنه منتم لحزب الدعوة المتهم بالعمالة لصالح إيران وأن ولاءه للوطن مشكوك فيه ، عاد التأريخ بدورته ليقلب الأدوار هذه المرة ، فالمواطن السني ، بعثي صدامي ، بنفس أسلوب التهم الجاهزة السابق مع تغير المسميات ، والمواطن السني اليوم داعشي إرهابي غير مأمون الجانب , وولاؤه ليس للعراق بل هو لتركيا أو لدول الخليج التي تمول الإرهاب وتدعمه . وعادت دورة التاريخ لتأخذ جولتها في الاضطهاد والعسف المعتاد ، فالسني اليوم مطالب بأن يثبت أنه ليس بعثيا صدامياً أو داعشيا ، وأن ولاءه ليس لتركيا وقطر والسعودية ، مع أن القيادات البعثية في النظام السابق ، كانت أغلبيتها من المكون الشيعي حيث المطلوبين ضمن قائمة قوات التحالف ، البالغ عددهم خمسة وخمسين مطلوبا ، كان الشيعة منهم بنسبة الثلثين ، والقيادات الأدنى في الترتيب من الشيعة عسكريين كانوا أو مدنيين ، لم يشملهم قانون الاجتثاث الاختياري ، بل الأنكى من ذلك ، مازالوا يتسنمون مواقع قيادية في القوات المسلحة وفي مفاصل الدولة الحساسة . ما هذه الازدواجية في المعايير والاعتماد على لوائح النظام السابق في كل شيء مع تغيير المسميات ، فالمستهدفون من قبل الحكومة ، هم عينهم ماعدا تغيير المسميات ، فبدل الشيعة أصبحت السنة ، والتهم الجاهزة ذاتها مع تغيير صفاتها وعناوينها ! كيف تستقيم الدولة وفق مفاهيم كهذه ؟ بل ماذا فعلنا حين بقيت المفاهيم ذاتها ولم تتغير سوى الوجوه ؟ وكيف تستقيم مصالحة وطنية حقيقية مع تخبط كهذا ؟ .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قرار الجيش الإسرائيلي بشأن -الوقف التكتيكي -جاء بعد محادثات


.. شاهد: الآلاف يتظاهرون في تل أبيب مطالبين بعقد صفقة تبادل فور




.. مبادرة في يوم عرفة لحلق شعر ا?طفال غزة النازحين من الحرب الا


.. مع استمرار الحرب.. مسؤول كبير ببرنامج الأغذية العالمي يحذر م




.. الأونروا تحذر من ارتفاع مستويات الجوع في ظل استمرار إغلاق مع