الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
المصالحة الوطنية بين المستفيدين والمتضررين
زيد كامل الكوار
2015 / 6 / 19المجتمع المدني
عندما نتكلم في موضوعة المصالحة الوطنية في العراق فإن أول ما يتبادر إلى الأذهان تساؤل جوهري وحيوي ، من الذي يطالب بالمصالحة ؟ مع من تكون المصالحة ؟ على ماذا تكون المصالحة ؟ من المستفيد من المصالحة ؟ ومن المتضرر الذي يضع العراقيل والعقبات في طريق تحقيقها ؟
وقبل الإجابة عن هذه التساؤلات المنطقية والمشروعة والملحة ، لا بد من عرض تاريخي وتحليلي مبسط لطبيعة مكونات المجتمع العراقي ، فمن المعلوم أن الطيف العراقي يتكون من جملة ألوان جميلة متعددة ، وإلا لا تصح تسميته طيف كتوصيف لتنوعه ، فكلمة طيف تطلق على ظاهرة الطيف الشمسي ، " القوس الملون الجميل الذي يظهر في الأفق عند انحسار الغيوم عن الشمس في نهار ممطر " وقد أحسن وأجاد ، من وظف هذه المفردة كتوصيف كناية ، عن المكونات العراقية ، فهذا التنوع في مكونات الشعب العراقي ، يبعث في النفس ما تبعثه رؤية ظاهرة الطيف الشمسي ، بألوانها المتناسقة المنسجمة من فرحة وغبطة محببتين، ولا يصح هذا التوصيف الأخير ، على الجميع بالتأكيد ، لأن في الناس من يغيظه تنوع مجتمعنا المتناسق المنسجم ، لأنه هذا الانسجام والتناسق ، يقطع الطريق على من يكيد للعراق وأهله . منذ آلاف السنين وتنوع المجتمع العراقي قائم على قواعد التفاهم والتعاون والتجانس والمحبة ، وإلا فكيف صمد العراق متوحدا بوجه الهجمات الاستعمارية الممتدة في عمق تأريخه البعيد ؟ فالآشوريين والمسلمين من العرب والأكراد ، هم الذين وقفوا صفا واحدا في وجه الهجمة الفارسية في القرن السابع الميلادي في معركة ذي قار . وقد كان هذا التنوع موجودا منذ ظهور الأديان السماوية ، وقبل ظهورها ، وبما أن المجتمع العراقي مجتمع زراعي وبدوي وحضري ، فقد صار لزاما التواصل بين جميع مكوناته ليبيع الفلاح في الريف سلعته للبدوي والحضري ، وكذلك الحال للبدوي حين يبيع ماشيته وأصوافها وجلودها ، والحداد والحرفي والنجار في المدينة ، كل هذا التبادل التجاري أوجد اتصالا واسعا وثيقا بين المكونات ، ولولا وجود هذا التفاهم لما وجد السلم الأهلي الذي وفر بيئة التطور والقوة في مجتمع الدولة العباسية التي سيطرت على العالم القديم عسكريا وعلميا واقتصاديا ، فالتصاهر والنسب والجيرة والتحالف ، والأخوة في الدين والدم ، كل هذه روابط متينة كانت وما زالت لحمة العراق الغالية التي تنبغي المحافظة عليها .
أما سؤال من يطالب بالمصالحة ؟ فكل عراقي شريف حريص على وحدة العراق أرضا وشعبا ، ومن المعلوم أن ما جرى في العراق من انتهاكات إنسانية من خمسين عاما ، تركت في نفوس المتضررين ، ألما ولوعة وحيفا، لا يمكن السكوت عنه ، فالأفعال ومن بعدها ردود الأفعال غير المنضبطة ، ولدت شرخا وجرحا غائرا في خاصرة العراق لا يحس به إلا البصير بخطورة ما حدث ، وتنقية الأجواء وإزالة الأضغان والأحقاد من نفوس العراقيين جميعا ، يمثل أساس عمل المصالحة ، مع إزالة كل حيف وظلم و جور ، فلن نتصالح مع من ثبت " تورطهم " في سفك دم العراقيين ، وأؤكد هنا على جملة ثبت تورطهم ، فالمتهمين والمظلومين الذين انتزعت منهم اعترافات جنائية تحت التعذيب النفسي والجسدي بطرق وأساليب وحشية ، لا يصح أن نظلم هؤلاء مرتين ، مرت حين اتهموا بما لم يفعلوا بل وأجبروا على الاعتراف بجرائم لم يقترفوها ، بل وعوقب الكثير منهم بالإعدام والسجن ظلما ، هؤلاء المظلومين وذويهم الذين امتلأت قلوبهم قيحا ودما ، حزنا على ما حل بأبنائهم من اضطهاد ، يشكلون رقما صعبا في المعادلة العراقية المعقدة ، لمن أراد لهذا الملف الشائك حلا فعليا ، وبذكرنا هذه الشريحة نكون قد أجبنا على سؤال ، من المستفيد من المصالحة ، ومع هؤلاء كل الشعب العراقي الذي إن تحققت المصالحة فعلا ، سيتنفس الصعداء أخيرا ، فمع المصالحة ، يأتي الخير والنماء والاستقرار الاقتصادي ، والأمن والمحبة والطمأنينة ، أما السؤال الشائك الأخير ، فالإجابة عنه قاسية قد تجرح الكثير من المتنفذين والمسؤولين الرسميين والدينيين ، بل حتى بعض الوجهاء المدنيين ، وبالمجمل فكل من تاجر بآلام العراقيين من الفاسدين في الحكومة ، والذين يعلمون أنهم لا يستحقون المناصب التي أنيطت بهم ، حريصون على أن يبقى الوضع شاذا كي ما يبقون في مناصبهم وامتيازاتهم .
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. أهالي الأسرى يحتجون داخل الكنيست أثناء اجتماع رئيس لجنة الخا
.. بسبب شقة في نيويورك.. جلعاد أردان ينهي خدمته كسفير لإسرائيل
.. 3 وكالات في الأمم المتحدة تصدر تحذيرا من أزمة سوء تغذية تضرب
.. إسرائيل على صفيح ساخن.. مظاهرات واعتقالات
.. موجز أخبار السابعة مساءً- رئيس تشيلي: الوضع الإنساني في غزة