الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عذرا أمَي!

محمد المشماش

2015 / 6 / 20
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


يقول السوسيولوجي الفرنسي"إميل دوركايم"في مؤلفه قواعد المنهج السوسيولوجي:"حينما أقوم بدوري بصفتي أخا,أو زوجا,أو مواطنا,أو حينما أنفذ التزامات التزمت بها,فإنني أقوم بواجبات تحددت بعيدا عني و عن أفعالي,أي تحددت داخل القانون و العادات الاجتماعية.و مهما يكن من موافقتها للإحساسات الخاصة بي,و مهما يكن شعوري الداخلي بواقعيتها,فإن هذا لا يمنع من أن تكون موضوعية رغم كل شيء,لأنني لست صانعها,بل سبق أن تلقيتها بواسطة التربية ..."
كل الوقائع الاجتماعية حسب دوركايم هي ظواهر موجودة قبل وجود الأشخاص لهذا فهي تمارس عليهم ضغطا خارجيا يكادون لا يشعروا به,لهذا يصعب بل يستحيل مقاومتها من طرف الفرد لأن خرقها قد يضع الشخص في موقف المنحرف الاجتماعي,لكن ما المقصود بالانحراف الاجتماعي؟يستعمل هذا اللفظ عادة في توضيح السلوك الذي لا يتماشى مع القيم والمقاييس والعادات والتقاليد الاجتماعية التي يعتمدها المجتمع في تحديد سلوك أفراده,والدراسات النظرية للانحراف تهتم دائماً بالسلوك غير الوظيفي والسلوك الشاذ الذي يتناقض مع الأحكام الاجتماعية والعرفية الضرورية لعملية التماسك الاجتماعي في النظام أو الجماعة,والسلوك المنحرف هو السلوك الذي يجلب السخط الاجتماعي من لدن أفراد المجتمع لتحديه الأعرف والتقاليد الاجتماعية ...من هنا فالفرد الصالح هو الذي يتماشى سلوكه مع جميع المعايير السائدة في المجتمع حتى لو كانت هذه المعايير لا تتناسب مع اعتقاده الشخصي و الباطني,لأنها توجد خارج وعيه الفردي,و تعبر عن العقل الجمعي,هذا ما يؤدي في غالب الأحيان إلى نوع من الاصطدام أو الصراع بين الشخصية الفردية و الشخصية الجماعية,لأن هذه الأخيرة غالبا ما تريد السيطرة على السابقة,و تمارسة ديكتاتوريتها عليها من أجل إخضاعها و محو فرادتها و تميزها,حتى يصبح كل واحد هو اخر,و لا أحد هو هو.
دائما ينتابني هذا الإحساس خصوصا حينما أجبر على الخضوع لطقوس ربما لا أحبذها,خصوصا الأعياد فكلما اقترب عيد أو مناسبة سنوية,أجد نفسي خارج ذاتها,مثقلة بمسؤوليات أخرى كضرورة الجلوس على مائدة الإفطار صباح عيد الفطر مع العائلة,مجبر على كتابة رسائل قصيرة إلى الأصدقاء,مجبر على زيارة الأقارب(شريطة البدء بأكبرهم سن) مجبر على لباس ثياب تليق بهذا اليوم,فعذرا أمي لأنني تظاهرت بالنوم أو المرض صبيحة كل عيد الأضحى لكي لا أستيقظ على رائحة الدم,عذرا لأني أعدك دائما بزيارة الأقارب و لا أف بوعدي,لكن اعتقادي الشخصي يقول لي أني أحبك إلى درجة القداسة بل أكثر من مقدسات قومي,و أقول لك بلغة "درويش": "أرتديك,و أخلع الأيام,لا تاريخ قبل يديك,لا تاريخ بعد يديك" فعذرا أمي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بين الاتهامات المتبادلة والدعم الكامل.. خبايا العلاقة المعقد


.. الشيف عمر.. أشهر وأطيب الا?كلات والحلويات تركية شغل عمك أبو




.. هل ستنهي إسرائيل حربها في غزة.. وماذا تريد حماس؟


.. احتجاجات طلابية في أستراليا دعما للفلسطينيين




.. أصداء المظاهرات الطلابية المساندة لغزة في الإعلام • فرانس 24