الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مؤخرة روبي وحنجورية الصوت الإسلامي

الشربيني عاشور

2005 / 10 / 7
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


يبدو أن النائب الإسلامي الكويتي الذي مس بلسانه مؤخرة الفنانة الشابة روبي ( غاوي ) نكت جنسية ، فالتعبير الذي استخدمه حضرة النائب الهمام لتوصيف الشهرة الفنية والنجاح الجماهيري الذي حصدته روبي ــ أيا كان خلافنا واختلافنا عليه ــ وهو أن مؤخرتها هي التي دفعتها للأمام هذا التعبير في الأصل عبارة عن نكتة جنسية تداولتها أجهزة الموبايل في عالمنا العربي السعيد منذ ثلاثة أعوام وقد حظيت شخصيا بشرف استقباله على الموبايل الخاص بي ، ولكنه كان عن المغنية الشهيرة شاكيرا إذ تقول النكتة : ( نظرية شاكيرا : إذا أردت أن تكون في المقدمة فعليك الاهتمام بالمؤخرة !! ) .

عندما قرأت تعليقات النائب الإسلامي أدركت أنه تلقى النكتة أو سمع بها في حينها واختزنها في دماغه ثم أعاد توظيفها لكن بتعريبها و أسلمتها هذه المرة من خلال المغنية العربية المسلمة الحاجة رانيا حسين الشهيرة بروبي والتي تحدثت بعض المطبوعات عن نيتها الذهاب لأداء فريضة الحج هذا العام .

المغالطة في توصيف النائب تأتي من أن روبي حصدت شهرتها من خلال مؤخرتها فالصحيح أنها حصدت شهرتها منذ أغنيتها الأولى التي ظهرت فيها ( ببدلة ) رقص . وعندها ثار خلق الله الطيبون على الرغم من أن ( بدل ) الرقص تملأ الشاشات العربية من المحيط إلى الخليج . من قبل أن تخلق روبي نفسها . أي أن روبي لم تخترعها ولم تبدأ بها وإذا احتج البعض بأنها أول من غنى ببدلة رقص ومن ثم وجبت عليها الفضيحة والتشهير والنفي من الأرض ، فإن معلوماته خاطئة ؛ لأن غيرها كثيرات سبقنها إلى الغناء ببذلات الرقص مثل لبلبة والطفلة المعجزة فيروز ونيللي ونادية الجندي وأخريات ..

روبي لم تخترع شيئا جديدا ولكن الجديد هو هذه الموضة التي ابتلينا بها وهي التفرغ الكامل لبعض الإسلاميين لمتابعة شؤون المؤخرات والمقدمات والذي منه ، زودا عن حياض الأوطان ، وشرف بنات العائلات الذي هو مثل عود الكبريت ، وحفاظا على فتيان القبائل من الانحراف الذي أسس له الإسلاميون أنفسهم بتكفير المفكرين والأدباء والشعراء وتحريم الفنون الجميلة ، والانتماءات السياسية الحزبية ، والعقائدية الفكرية حتى تحول الشباب إلى فلول من الخواء والفراغ السياسي والفكري ، ومن ثم كانوا لقمة سائغة في فم التسطيح والجهل والتنقل ما بين مؤخرة روبي وتأوهات هيفاء وهبي وسيقان ماريا .

هؤلاء ينسون ما أقترفت أيديهم من محاربة التيارات الفكرية يسارية كانت أو يمينية ، واهتمامهم بتشويه الرموز الفنية والفكرية والسياسية ، ومن ثم كان لهم الفضل الأول في تمييع الشباب وكفرهم بأي انتماء فكري أو سياسي أو فلسفي . الأمر الذي تركهم فريسة لكل ما هو سطحي ومبتذل سواء قدمته روبي أو غيرها . وإلا فليقولوا لنا ما المناخ الذي دفع بروبي وهيفاء وغيرهما إلى السطح لدرجة أنهن أصبحن مالئات الدنيا وشاغلات الناس في عالمنا العربي السعيد فقط . ولماذا لم تصبح مثل هؤلاء المغنيات ظاهرة أيام كان المسلمون يتلقون تعاليم دينهم عن علماء من أمثال محمد عبده والشيخ محمود شلتوت . الذين أشعلوا فتيل الاستنارة واتخذوا من العقل سبيلا للتواصل مع النقل ، بعيدا عن التشنج والهياج الفكري والمذهبي .

إن تاريخنا الفني لم يعدم وجود فنانات بمثل الكيفية التي عليها روبي وشريكاتها لكنهن لم يكن أبدا على السطح ولم يحتللن الصدارة لأنه كانت هناك ذائقة تربت على أفكار وكتابات لنجيب محفوظ ويوسف إدريس وحنا مينا وعبد الرحمن منيف ، وجبرا إبراهيم جبرا ، ومحمود أمين العالم ، ولطفي الخولي ، وايليا أبو ماضي ، وجبران خليل جبران، وعبد الرحمن بدوي ، وصلاح عبد الصبور ، وأمل دنقل ، ومحمود درويش ومن قبلهم طه حسين وسلامة موسى وأحمد لطفي السيد على اختلاف أطيافهم ومشاربهم ومن ثم انحازت هذه الذائقة إلى الاستماع للشيخ إمام وأم كلثوم ومحمد عبد الوهاب وفيروز وفريد الأطرش ووديع الصافي وناظم الغزالي والقائمة تطول .. وأرجو ألا تؤخذ استشهاداتي على أنها نوع من الحنين إلى الماضي فما قصدته هو الجدة والجودة والجدية والحراك الثقافي الحر الذي تكاتف على خلق مناخ تكويني عقلاني نابه أدي بدوره إلى وعي جماهيري وذائقة مقاربة للشروط الصحية للمجتمعات الحديثة إذا استثنينا عقم وفساد بعض الأنظمة السياسية وممارساتها.

إن روبي بمؤخرتها وهيفاء وهبي بتأوهاتها وماريا بسيقانها ما هن إلا انعكاس للمناخ الذي يسود فيه أمثال هذا النائب الإسلامي بتصريحاتهم الدعائية الجوفاء ، إنهن الوجه الآخر لعملة العرب الراكدة منذ فتح الله عليهم وأخرج من بينهم مثل هؤلاء الناشطين باسم الإسلام ممن يجيدون رؤية السطح والتعامل مع المشكلات بأسلوب ( حنجوري ) ظاهري بروبجاندي ومنذ أن فتح الله على العرب وأخرج من بينهم رجال أعمال أشاوس يتنافسون فقط في افتتاح فضائيات للشرمطة الفنية وامتلاك الفنادق والمنتجعات السياحية والصرف على المخنثين من المغنيين والعاهرات من المغنيات والمذيعات دون الصرف على الصناعات الوطنية الخفيفة والثقيلة والمعاهد العلمية والمختبرات البحثية التي تهيئ لمجتمعاتهم مكانا لائقا تحت شمس الحضارة والتقدم بدلا من عرض مؤخراتها في ظلام التخلف والجهل .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تأييد حكم حبس راشد الغنوشي زعيم الإخوان في تونس 3 سنوات


.. محل نقاش | محطات مهمة في حياة شيخ الإسلام ابن تيمية.. تعرف ع




.. مقتل مسؤول الجماعية الإسلامية شرحبيل السيد في غارة إسرائيلية


.. دار الإفتاء الليبية يصدر فتوى -للجهاد ضد فاغنر- في ليبيا




.. 161-Al-Baqarah