الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


البعثات الرمضانية في أوروبا

عبد الوهاب عتى

2015 / 6 / 24
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


إزدادت مكانة الإسلام و المسلمين بأوروبا في السنوات الأخيرة. فقد إزداد عدد المعتنقين للإسلام في أوروبا مقارنة بالعقود الماضية حيث يصل عددهم إلى 32,032,000 فرد ،أي ما يعادل 2,08 بالمائة من مجموع مسلمي العالم، نتيجة إرتفاع عدد المهاجرين القادمين من دول ذات الأغلبية المسلمة، مثل المغرب و باكستان و الجزائر، إلخ، و كذا إتفاع نسبة الولادات في صفوف هؤلاء التي تفوق نسبتها بين الأوربيين. هذا الإزدياد ترك و يترك العديد من الآراء المتباينة. حيث يبدو أن الحديث عن السيطرة على مسلمي أوروبا من طرف عدد من الدول مثل المغرب، المملكة العربية السعودية و قطر، إلخ، أخذ بعدا سياسيا و إستراتيجيا أكثر منه دينيا.

قصد السيطرة على هذه الشريحة السكانية، و بحلول شهر رمضان، تبدو الحالة غير عادية بالنسبة لهذه الحكومات المحسوبة على الدول الإسلامية التي تعمل جاهدة على إرسال بعثات دينية يتفننون في تقليد أسلافهم، أمثال، إبي هريرة، الترميذي، إبن ماجة، إبن تيمية........ ،في شرح و تأويل التعاليم الدينية دون زيادة و لا نقصان. هكذا، فإن السلطات المغربية، السعودية، القطرية، و غيرها، تعمل على المنافسة و التنافس بينهما للسيطرة على المسلمين المقيمين بالدول الأوروبية و جعلهم سلاحا في يدها لتحقيق مطالبهما السياسية و الإقتصادية و الإستراتيجية. في هذا السياق عمد المغرب مؤخرا إلى إرسال عدد مهم من "الأئمة و الواعضين" إلى هولاندا و بلجيكا و دول أخرى، لقضاء أيام و ليالي هذا الشهر هناك، بدعوى محاربة التطرف لدى الشباب و تعليمهم مبادئ إسلام "المذهب المالكي"، دون الأخذ بعين الإعتبار التنوع الثقافي و إختلاف المذاهب الدينية التي تزخر به هذه الجالية، فليس كل مسلمي أوروبا من المذهب المالكي، فمنهم شيعة و سنة بمختلف أطيافهم، إلخ. الأمر الذي يجعلهم مجرد أبواق للحكومة و السلطات التي تدعي سمو و تجانسية عقيدة مواطنيها، تلك السلطات التي تقوم على معاقبة كل المبشرين و معتنقي الديانات و المذاهب الآخرى بدعوى تهديد العقيدة الوطنية.

إن الأئمة القادمين من المغرب أو من أية دولة أخرى إلى أوروبا هم أناس لا يحملون أي فكرة أو شرح جديد لتعاليم الإسلام، لجعله دينا حداثيا يتماشى مع المنظومة الديموقراطية و إحترام حقوق الإنسان، كما أنهم لا يملكون أي مشروع أو مخطط جديد للتصدي لظاهرة التطرف و التعصب الديني الذي يعاني منه الإسلام و المسلمين و كل العالم، فهم يعملون على نشر ثقافتهم الدينية التي تنبني على تأويلات و شرح التعاليم الدينية على أساس تقليدي لا تساير ثقافة المجتمعات الغربية التي سطرت العلمانية كنظام سياسي في حكمها، حيث تعمل على إحترام قدسية قيم و مبادئ المساواة و حقوق الإنسان و حرية التفكير و الحق في إمتلاك الفرد لثقافة و هوية معينة كشرط أساسي لإحترام مبدأ الإختلاف، الركيزة الأولى لتحقيق التعايش و الإندماج و السلم الإجتماعين بين الجميع. إنه الأمر نفسه الذي يعرقل إدماج المسلمين في المجتمعات الأوروبية. إن أهمية هذه "البعثات الدينية" التي تدخل في إطار ما يمكن تسميته "بالدبلوماسية الدينية" التي تسعى إلى تحقيق ما فشلت في تحقيقه الدبلوماسيات السياسية، فهي تعمل في المقام الأول على غسل عقول الأفراد و خاصة الشباب منهم، و الضفر بالنسبة الكبرى من التأثير على هذه المجموعات البشرية، دون الإكتراث لشئ آخر. و ما إفتقار هؤلاء الأئمة لمعرفة عامة عن ثقافة و لغة البلدان المقصودة، و الصعوبة التي يلقاها العديد من هؤلاء الشباب (إن لم نقل جلهم) في فهمهم للغة العربية التي تكون في الغالب لغة المخاطبة إلا دليل قاطع على ذلك، مما يعجل بالتالي من فشل مهمتهم هذه. الشئ الذي يزيد من تعميق الأزمة الهوياتية لدى هؤلاء الشباب، و بالتالي سقوطهم فريسة سهلة في يد الجهاديين و المتطرفين.

بالتالي فالعمل الأخلاقي الذي يجب القيام به، هو وضع حد نهائي مع هذه البعثات الموسمية التي تعمل على غسل دماغ الأفراد و الرمي بهم في أحضان الفكر الوهابي المتطرف.

هكذا، تكون القارة العجوزر التي ثارت ضد الكنيسة و أعلنتها ديموقراطية مدنية، ( تكون) قد أُلبست حلة رمضانية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لمن سيصوت يهود أميركا في الانتخابات الرئاسية؟


.. لماذا| ما أثر قانون -مكافحة الانفصالية الإسلامية- على المسلم




.. -السيد رئيسي قال أنه في حال استمرار الإبادة في غزة فإن على ا


.. 251-Al-Baqarah




.. 252-Al-Baqarah